تنظيم الدولة قتل ابنها فباتت تبحث عن قبره في شيكاغو
[ad_1]
ارتدت الفنانة التشكيلية السورية عتاب حريب ملابس سوداء وتوجهت إلى مقبرة قريبة من منزلها في شيكاغو، وبحثت بين القبور عن قبر لرجل أربعيني.
لا يهم من هو صاحب القبرالذي ستختار قضاء الوقت معه. يكفي أن عمره يقارب عمر ابنها، “فاليوم هذا هو قبر مازن!”.
جلست عتاب حريب إلى جانب هذا القبر. قالت الكثير عن مشاعر الاشتياق وحرقة القلب التي لم تطفئها الأعوام الخمسة التي مرت على مقتل ابنها ذبحا على يد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية.
هذه ليست المرة الأولى التي تزور فيها حريب قبور شيكاغو وتبكي فوق ترابها. فمنذ مقتل ابنها في سوريا عام 2014، والذي لا تعرف أين دفنت جثته، وجدت حريب في مقابر شيكاغو رفيقا لها في حزنها على فراق ابنها.
تقول حريب إنها “مثقلة بروح ابنها المعذبة”، وفي رأسها سؤال لم تجد إجابة له، “مالذنب الذي اقترفه مازن كي يتجرأ الغربان السود على قطع رأسه”.
ففي صباح الثاني من تشرين الثاني / نوفمبر من عام 2014، وبعد شهرين من خطف عناصر تنظيم الدولة الإسلامية لمازن عند أحد حواجز مدينة الميادين شرقي سوريا، ذبحوه وعلقوا رأسه في إحدى ساحات مدينة الرقة التي كانت حينها عاصمة للتنظيم.
تهمته بحسب ما نشر التنظيم أنه “ملحد”.
وانتشر الخبر على الشبكات الاجتماعية، وهناك قرأته الفنانة التشكيلية.
تقول حريب لـ بي بي سي: “تلقيت خبر مقتل مازن الشاب الجميل الطيب من فيسبوك. الجميع كانوا يتحدثون عنه. وعلى فيسبوك كانت آخر محادثة بيننا. كنت أحذره من السفر إلى مناطق داعش في الوقت الذي كان يطمئنني بأنه لا يوجد ما يدعو للقلق”.
حينها، كان مازن يعيش في العاصمة دمشق، قبل أن يتخذ قرار السفر للميادين لبيع أغراض منزله هناك ثم العودة لدمشق، حذرته والدته من السفر “لكن يبدو أنه كان يتجه إلى قدره بقدميه” على حد قول حريب.
خسارة مازن أثقلت كاهل الفنانة حريب التي كان يعرفها كل من حولها بشخصيتها “المتمردة”، فهي فنانة تشكيلية قوية الشخصية كرست فنها للدفاع عن حقوق الإنسان، وبشكل خاص حقوق الطفل.
وأجبرت الظروف حريب، ابنة مدينة دير الزور، على تربية أربعة أطفال وحدها. وتقول “لم يكن الأمر سهلا في بلد يفتقر لحقوق الإنسان، فكيف سيكون الأمر بالنسبة لامرأة مطلقة وفنانة”.
واضافت: “كنت أمشي عكس التيار للتغيير، أعبر عن رأيي في كل مناسبة، من خلال الفن وتعليمه، فهذه هي القوة الناعمة الضاغطة”.
لكن فور اندلاع الحرب في البلاد، كانت الفنانة من المطالبين بإسقاط النظام وإجراء تعديلات سياسية، الأمر الذي عرضها للملاحقة والتهديد.
حينها حصلت على تأشيرة للولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في معرض هناك، قررت عدم العودة لمنزلها في دمشق والبدء برحلة جديدة من الصفر، بانتظار أن يلحقها أبناؤها الأربعة.
لكن ثلاثة فقط من أبنائها غادروا سوريا، في حين بقي مازن الذي لقي حتفه على يد تنظيم الدولة، تاركا طفلتين وصورا وذكريات لا تفارق والدته في رسوماتها.
وأصبح الرسم بالنسبة لحريب أحد الوسائل التي تعالج بها وجعها، “فالرسم يساعدني، لكنه في نفس الوقت مؤلم، كمن ينبش في الجرح ويزيده ألما”.
ويبدو ما تقوله واضحاَ في رسوماتها اليوم، فوجوه النساء (وتحديدا الأمهات) حزينة، لتعكس ما يجول في أعماق الفنانة التشكيلية.
وفي كل مرة تحاول أن تصنع فرحا في لوحتها “فتخونها مشاعرها ويتدفق حزنها تماما مثل نهر الفرات الذي تنحدر منه، والذي لا تزال روح ابنها تحوم على ضفافه” بحسب وصفها.
تقول حريب: “لكل سوري اليوم قصة، ربما قصتي صغيرة أمام قصصهم، قصص القهر والوجع الذي يعيشونه.”
“الحياة مستمرة، لكنها اختلفت كثيرا بعد رحيل مازن.”
[ad_2]
Source link