انتفاضات الربيع العربي في 2011 “لم تُخمد نيرانها” رغم القتل والقمع
[ad_1]
لا تزال ذكرى احتجاجات 2011 في الشرق الأوسط ماثلة في الأذهان؛ وكيف أطاح حكامٌ مستبدون بمئات الآلاف من المتظاهرين كانوا قد دعوا إلى التغيير والحرية والبدء من جديد.
لم تثمر آمال هؤلاء الثائرين إلا عن أقلّ القليل، وارتدت المنطقة إلى عهود الحروب والمزيد من القمع.
لكن الأحزان التي جرّتها احتجاجات 2011، والتي عُرفت بالربيع العربي، لم تخمد نيرانها، ولربما كان 2019 عام تجددها؛ وبالفعل تمخضت التظاهرات عن استقالة اثنين من رؤساء الوزراء في كل من لبنان والعراق.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول انطلقت مظاهرات ضخمة سِلمية في لبنان وأخرى شديدة الدموية في العراق. أما في إيران، فقد سقط المئات رميا بالرصاص خلال تظاهرات شهدتها الأسابيع القليلة الماضية.
محرر بي بي سي لشؤون الشرق الأوسط، جيريمي بوين، يحاول استيعاب الأمر في العاصمة اللبنانية بيروت.
في الشرق الأوسط تجوب التظاهرات مجددا الشوارع، وتزلزل الأنظمة.
ومنذ بضعة أشهر تشهد كل من لبنان والعراق وإيران تظاهرات حاشدة؛ وتشهد مصر غضبا متصاعدا ضد وحشية الدولة البوليسية؛ وفي الربيع الماضي أُجبر الرئيس الجزائري على التنحي.
لكل بلد من هذه البلاد أحزانه الخاصة، غير أن المتظاهرين فيها جميعا تجمعهم إحباطات عميقة متجذرة.
معظم هؤلاء المتظاهرين شباب؛ وأكثر من 60 في المئة من السكان في الشرق الأوسط دون الثلاثين، وهم غاضبون، ومحبطون من البطالة والفساد. يرون في انتظارهم حياة صعبة، بينما تستأثر نُخَب سياسية بالسلطة والمال.
هذه أزمة لبنان … لا يستطيع الناس الحصول على احتياجات حياتهم اليومية.
اشتعلت مظاهرة في البنك المركزي في بيروت، وردد المتظاهرون هتافات بعينها عن الثورة وعن رحيل محافظ البنك، متهمين المسؤولين باللصوصية، فضلا عن ترديد الهتاف الذي ساد في احتجاجات 2011: “الشعب يريد إسقاط النظام” والذي كان كسفينة تبحر نحو آمال كبرى لكنها لم تصل إلى شيء.
يواجه اللبنانيون اقتصادا منهارا، وتواجه معظم الشعوب في الشرق الأوسط، باستثناء الدول النفطية، ظروفا اقتصادية صعبة، حيث دول عديدة تعاني الفقر وتتردى إلى مستويات أدنى.
وتواجه لبنان نفادا للعملة الصعبة، وثمة حاجة إلى الدولار لأن كل البضائع في الأسواق مستوردة.
ولا يتوقف الأمر على الأموال فقط؛ فلقد عانى المتظاهرون في لبنان بما فيه الكفاية من الطائفية المتجذرة.
هذا هو حائط الثورة في بيروت، وهو مكان للمتظاهرين الفنانين. واتسمت التظاهرات في معظمها في لبنان بالسِلمية، لكن في العراق وإيران في الأسابيع القليلة الماضية، سقط المئات رميا بالرصاص في الشوارع.
ويعتقد البعض أن ما يحدث هو إعادة لاحتجاجات 2011 التي هزت الشرق الأوسط.
عندها كانت هناك آمال كبار بالحرية وبداية عهد جديد … كان ذلك قبل أن تردّ النظم القديمة بهجمات مضادة.
لكن الأحزان التي جرّتها احتجاجات 2011 لم تمت. وسرعان ما تتقلب الأمزجة.
هذه محطة للتزود بالوقود في بيروت، عندما حاولتْ إغلاق أبوابها بينما لا تزال الطوابير مصطفة خارجها، ثار ما يشبه الشغب.
لقد طفح الكيل بالناس هنا؛ لأنهم لا يستطيعون الحصول على الوقود الذي يقولون إنه موجود في المحطة. وها هو البعض منهم يريد إغلاق الطريق.
إنها أزمة لبنان؛ حيث الناس لا يستطيعون تأمين احتياجاتهم اليومية، وهذا أمر ينذر بوقوع أمر ما في ظل الأعصاب المشدودة، فهناك غضب حقيقي.
وبدأت التظاهرات في الاشتعال في لبنان إثر محاولة لرفع الضرائب والتي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، واستثارت غضبا حقيقيا من أزمة اقتصادية طال أمدها تحت إشراف قادة يسود اعتقاد بأنهم “فاسدون”.
ولا يخفى وسط جموع المتظاهرين في لبنان شعورٌ بأنهم محظوظون إلى حدّ بعيد لأن السِلمية سادت معظم الأحداث بعكس ما يشهده العراق.
وفي تظاهرات العراق، لقي نحو 400 متظاهر معظمهم من الشباب مصرعهم برصاص القوات الأمنية، بينما أصيب أكثر من 15 ألف شخص.
وتعدّ الحكومية العراقية إحدى أكثر الحكومات فسادا في العالم.
وفي العراق يواجه المتظاهرون الموت بصدور عارية بعد أن تملّكهم اليأس بفضل الفساد والبطالة وانقطاع الكهرباء على مدار الساعة طوال الأسبوع في بلد غني بالنفط.
ولا يكتفي المتظاهرون بإلقاء اللوم على ساستهم غير الأكفاء، وإنما يستهدفون أيضا ذلك التحالف بين بلدهم وإيران، مضرمين النار في هيئات دبلوماسية تخص طهران في مدينتي النجف وكربلاء المقدستين.
وبالنسبة لإيران، فإن العراق من المفترض أنه بلد صديق.
وفي إيران، تواجه الحكومة الداعمة لحزب الله مشكلات خطيرة في الداخل أيضا.
واشتعلت تظاهرات ضخمة في إيران في الأسبوعين الأخيرين إثر ارتفاع في أسعار الوقود.
وأدت العقوبات الأمريكية الشديدة إلى تردي الأوضاع في إيران التي يعاني اقتصادها بالأساس ضعفا جراء الفساد وسوء الإدارة.
وبحسب خدمة بي بي سي الفارسية، فإن أكثر من 200 شخص قتلوا برصاص النظام الإيراني.
وأرسل حليف إيران، حزب الله، عناصر لمحاولة إفساد المظاهرات في بيروت، لكنه لم ينجح في تحقيق مسعاه.
لكن هذه ليست نهاية المطاف؛ فحزب الله قوي ويمتلك أسلحة ثقيلة، ويسعى منذ 40 عاما إلى السيطرة على لبنان.
ويرتاح حزب الله للوضع الراهن في لبنان ولا يريده أن يتغير.
وإذًا، فقد حان الوقت لربط النقاط بعضها ببعض … يمكننا القول إن ثمة معسكرين رئيسيين في الشرق الأوسط: أحدهما يمكن تسميته بـ “فريق أمريكا” وهو يضمّ بين صفوفه السعودية، وإسرائيل؛ الفريق الآخر هو “فريق إيران” ويضم نظام الأسد في سوريا إلى جانب العراق، فضلا عن أقوى جماعة في لبنان، وهي جماعة حزب الله الشيعية.
والآن يتطلع الإيرانيون إلى الاستعانة بحلفائهم، واستخدامهم لإظهار قوتهم، لكن الإيرانيين في اللحظة الراهنة يواجهون مشكلة حقيقية بعد ما كشفت عنه المظاهرات من مشاعر مناوئة لإيران تتزايد يوما بعد يوم في العراق ولبنان.
تعمّ الاحتجاجات أرجاء المنطقة لظروف خاصة في كل بلد، لكن ثمة غضبا مشتركا تعبر جذوره الحدود جامعة بين الشباب الطامحين إلى الإطاحة بقادة فاسدين وغير أهل للثقة.
هذه التظاهرات تغذي حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي الذي تموج به أكثر مناطق العالم اضطرابا.
إن عاصفة أخرى تختمر في الشرق الأوسط.
[ad_2]
Source link