أخبار عربية

الانتخابات البريطانية: ما أهمية الهجرة للاقتصاد البريطاني؟



بوريس جونسون وجيرمي كوربن

مصدر الصورة
Getty Images

أشارت استطلاعات رأي في الفترة التي سبقت استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لعام 2016، إلى أن الهجرة، وليس عضوية الاتحاد الأوروبي، تعد القضية الأكثر إلحاحاً التي تواجه البلاد.

بيد أن القلق بشأن الهجرة بات اليوم أقل بكثير، على الرغم من أن العديد من العوامل الأساسية في هذا الصدد لم يتغير.

وسواء تركنا الاتحاد الأوروبي أم لا، فهناك عدد كبير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها بشأن كيف سيبدو بالضبط نظام الهجرة بعد تعديله وإصلاحه.

انخفاض عدد المهاجرين من الاتحاد الأوروبي

منذ ما يقرب من عقد من الزمن، كان عدد المهاجرين القادمين إلى المملكة المتحدة موضع اهتمام رئيسي لدى حزب المحافظين.

وقد تعهد ديفيد كاميرون حينها بجعل صافي الهجرة (أي مجموع الأشخاص الذين يصلون إلى المملكة مطروحاً منه الذين يغادرون منها في العام الواحد) أقل من 100 ألف، لكنه فشل في تحقيق ذلك.

ولا شك في أن الكثيرين الذين يدعمون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يأملون في أن تؤدي تلك الخطوة إلى سيطرة أكبر على الهجرة.

لكن إحصاءات الهجرة الأخيرة تُظهر بوضوح أن مغادرة الاتحاد الأوروبي قد لا تؤثر على العدد الإجمالي للمهاجرين القادمين إلى المملكة المتحدة، لأن استمرار الجذب الاقتصادي يجعل البلاد معتمدة على بقية العالم.

الانتخابات البريطانية: هجوم إلكتروني يستهدف منصات حزب العمال المعارض

المعارك التي خاضها بوريس جونسون

ومنذ مطلع العام حتى يونيو/حزيران 2019، وصل ما يقدر بنحو 212000 شخص إلى المملكة المتحدة أكثر ممن غادروها. وضمن هذا العدد الإجمالي، كان عدد مواطني الاتحاد الأوروبي القادمين في أقل مستوياته منذ عام 2003.

وفي الوقت نفسه، استمر صافي الهجرة من بقية أنحاء العالم في تصاعد، إذ يقدر الآن بنحو 229000 شخص.

الأسلوب الأسترالي

تعد الهجرة اليوم جزءاً أساسياً من المشهد الاقتصادي البريطاني، كما هي الحال بالنسبة لكل الدول الصناعية المتقدمة الأخرى.

ويتبنى اليوم جميع الأحزاب السياسية الرئيسية هذا التفسير، على الرغم من أنه يقدم بطرق مختلفة تماماً.

فبدلا من تقديم وعود لن يكونوا قادرين على الالتزام بمستوى أرقامها، يعد جميع الأحزاب السياسية بإدارة موضوع الهجرة والسيطرة على أعداد المهاجرين.

ويتعهد المحافظون باعتماد “نظام يعتمد على النقاط وفق الأسلوب الأسترالي” ينهي حرية الحركة والانتقال إلى بريطانيا.

وهذا يعني أن فرصة شخص ما في الوصول إلى المملكة المتحدة تعتمد على المهارات التي يمكن أن يقدمها لها، إذ يقول الحزب إن هذا يوفر “تنظيما حقيقيا” لقضية الهجرة.

Image caption

تشكل الهجرة ضغطا إضافيا على نظام الرعاية الصحية

وتعهد حزب “بريكست” أيضاً بتطبيق نظام قائم على النقاط، ووعد بخفض الهجرة إلى المملكة المتحدة إلى خمسين ألف شخص، على الرغم من أن هذا الرقم لم يظهر في بيانه.

ولا يعد اقتراح نظام النقاط جديداً. إذ مرّ 14 عاماً على ذلك منذ أن استخدمت حكومة حزب العمال هذه الكلمات لأول مرة – لكن النظام الناتج لا يشبه النموذج الأسترالي نظرًا لأن الحكومات المتعاقبة ظلت تتلاعب به باستمرار. لذا فإن إنشاء نظام أسترالي سيكون مهمة ضخمة وقد يستغرق تنفيذه سنوات عديدة.

كل شيء يتوقف على بريكست

والأكثر من ذلك، يعتمد الشكل الدقيق لهذا النظام تماماً على ما يحدث مع قضية البريكست. فإذا بقيت بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، سيظل مبدأ حرية الحركة المطبق بين دول الاتحاد الأوروبي قائما. وإذا غادرت، فقد يتأثر النظام بالصفقات التجارية التي تعقدها المملكة المتحدة مع البلدان الأخرى.

على سبيل المثال، قد يوقف الاتحاد الأوروبي أو الهند إقرار صفقة ما حتى تقدم بريطانيا معاملة تفضيلية لعمال أي منهما.

جهازك لا يدعم تشغيل الفيديو

الانتخابات البريطانية: جونسون ضد كوربن في 3 دقائق

ولم يشر حزب العمال بوضوح إلى النموذج الأسترالي كما فعل المحافظون، لكنه تعهد “بتوظيف الأشخاص الذين نحتاجهم”.

وقال إن موضوع حرية الحركة في الاتحاد الأوروبي قد يكون “خاضعا للمفاوضات”.

ويقول المحافظون إنه سيكون هناك “عدد أقل من المهاجرين ذوي المهارات المنخفضة وإن الأعداد الإجمالية ستنخفض”. لكن هذا يثير تساؤلات خاصة لدى قطاعات اقتصادية معينة.

على سبيل المثال، ماذا يعني ذلك بالنسبة لقطاع الرعاية الاجتماعية؟

ثمة أكثر من 120 ألف وظيفة شاغرة في هذا القطاع الذي يشهد أزمات مطردة.

ولا يصنف معظم العمال المحتملين على أنهم أصحاب مهارات، ويقال إن المشكلة تزداد سوءاً لأن انخفاض سعر صرف الجنيه الاسترليي قد يجعل العديد من العمال المحتملين من المهاجرين.

وقد تعني أحاديث حزب العمال عن سد النقص في الأيدي العاملة اتباع نهج منفتح جداً، يمليه قادة الأعمال غير المهتمين بالتأثير الذي قد تحدثه الهجرة على السكان والإسكان.

في حين يقترح الديموقراطيون الليبراليون بشكل صريح نقل صلاحية إصدار تصاريح العمل من أيدي وزارة الداخلية إلى إدارات قطاع الأعمال والتعليم. ويقول المعارضون لهذا الإجراء إنه سيكون له نفس تأثير سياسة حزب العمال.

ويقول منتقدون أن هذه المقترحات تثير أيضاً احتمال انخفاض أجور العمال البريطانيين. ويرى حزب العمال أنه يمكن إيقاف ذلك عبر التنظيم واستهداف مظاهر استغلال العمال بشكل أكثر فعالية.

نفقات وفوائد

يتعهد المحافظون بمجموعة من التدابير، بعضها موجودة فعلياً، وتهدف إلى ضمان أن يدفع المهاجرون مبالغ مقابل دخولهم. وسيستمر دفع رسوم إضافية للشمول بنظام الرعاية الصحية الوطنية، والرسوم التي تدفع عند الدخول إلى البلاد ، فضلا عن رسوم أخرى لـ “المهارات”.

كما يعد الحزب بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيعني أن المهاجرين الأوروبيين لن يكون باستطاعتهم الدخول إلى نظام المساعدات الاجتماعية إلا بقدر محدود كذاك الذي يحصل عليه حاليا المهاجرون من خارج المنطقة الاقتصادية الأوروبية – أي بعد خمس سنوات من إقامتهم في المملكة. كما يعد بإيقاف الأشخاص الذين يطلبون المساعدات المالية التي تقدم للأسر لرعاية أطفالها لكنهم يرسلونها إلى أسرهم في بلدانهم.

ويتهم العمال والديمقراطيون الليبراليون وأحزاب أخرى المحافظين بخلق “بيئة معادية” للمهاجرين الذين ينبغي الترحيب بهم. وعلى وجه الخصوص، يقول حزبا العمال والديمقراطيين الليبراليين إنه يجب أن يتمتع المهاجرون بحق جلب أسرهم للعيش معهم – وهذا يعني، من بين أمور أخرى، وضع حد للنظام المعقد الذي يشترط حد دخل أدنى والذي يمنع بعض الأزواج من الوصول إلى المملكة المتحدة.

ويظل أحد الأسئلة المثيرة التي لم يُجب عنها هنا، هو كيف تحصي بريطانيا عدد المهاجرين؟ وفي الوقت الحاضر، لا تفعل بريطانيا ذلك بشكل جيد كما أوضحت في مقال سابق.

ويقول المحافظون إنه بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيتعقبون من سيأتي إلى البلاد ومن سيغادرها، بيد أن تطبيق مثل هذا النظام لم يوقفه الاتحاد الأوروبي، بل مزيج من الإخفاقات التكنولوجية والتقشف والتخفيضات في الوظائف.

وكان لدى المملكة المتحدة في السابق سجلات ورقية لتوثيق المهاجرين، لكنها ألغيت قبل أكثر من 20 عاماً. بعد ذلك وعد حزب العمال في ظل حكم توني بلير بنظام “الحدود الإلكترونية” – لكنه تعثر وظل يتنقل من أزمة إلى أخرى.

وألغى ائتلاف المحافظين والديمقراطيين الليبراليين تلك الخطة في عام 2010، وحتى يومنا هذا، لا يوجد حتى الآن نظام واحد لإحصاء جميع الأشخاص الداخلين والخارجين. وقد نقف هنا أمام المشكلة الأكبر.

وبغض النظر عن وجهة نظرك بشأن الهجرة، يقول كل الخبراء في هذا المجال – من ضباط الحدود السابقين إلى الأكاديميين – إن نظام الهجرة البريطاني بات في حالة فوضى تامة على مدى 20 عاماً، إذ يعاني من نقص في التمويل وينتقل من أزمة إلى أخرى وسط أهداف سياسات متنافسة ومتناقضة، ويقوضه ضمنياً نقص التوافق في الآراء بشأن ما تريده الأمة.

————————-

يمكنكم تسلم إشعارات بأهم الموضوعات بعد تحميل أحدث نسخة من تطبيق بي بي سي عربي على هاتفكم المحمول.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى