الاحتجاجات في لبنان: هل يمثل الحراك الشعبي “قبلة الحياة” للنقابات الغائبة؟
[ad_1]
مع كل تحرّك مطلبي في لبنان، يُطرح السؤال عن دور النقابات الغائبة عن أداء واجبها في دعم المطالب، وفي ظلّ كلام عن سيطرة أحزاب السلطة على أغلب النقابات وتعطيل دورها. خلال الاحتجاجات الأخيرة في لبنان، يحاول المحتجون المعنيون بالعمل النقابي، إيجاد نقابات بديلة، أو استعادة النقابات المهمّة من سيطرة الأحزاب المهيمنة على المشهد السياسي في لبنان.
نبذة عن تاريخ النقابات
بدأت التجمعات العمالية بشكل عفوي في حقبة السلطنة العثمانية في لبنان، خلال انتفاضة الفلاحين ضدّ الإقطاع، واستمرّ مجهود تنظيم الحركات العمالية خلال الانتداب الفرنسي مع تأسيس حزب العمال عام 1921. ويعتبر مؤرخو الحركة النقابية في لبنان، أن النضال النقابي بلغ ذروته في الستينيات. واضطر رئيس الجمهورية بعد ضغط الحركة النقابية إلى إصدار قانون الضمان الإجتماعي وقانون عقود العمل النقابية عام 1964.
وقد تكون حادثتا إضراب عمّال “معمل غندور” في بيروت عام 1972 وانتفاضة مزارعي التبغ في الجنوب عام 1973، الأهمّ من حيث الزخم والدلالة على فعالية النقابات آنذاك. حصلت اشتباكات بين المحتجين والقوى الأمنية في المحطتين، ما أدى إلى سقوط ضحايا. وشكّلت هاتان المحطتان، آخر التحركات العمالية الكبيرة قبل اندلاع الحرب الأهلية.
مظاهرات لبنان: إرجاء جلسة برلمانية تعهد المحتجون بمنع انعقادها
بدأت الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، وانقسمت العاصمة بيروت إلى شطرين، بالإضافة إلى تقسيم ذو طابع طائفي شمل باقي المناطق اللبنانية. وسيطرت الأحزاب المتقاتلة على الميدان والمشهد السياسي وبطبيعة الحال، على النقابات. فمثلاً، يوجد اليوم نقابتان للسائقين في بيروت منذ أن انقسمت النقابة في سنوات الحرب.
النقابات بعد الحرب
مع إعلان وقف إطلاق النار، حاول النقابيون استعادة دورهم في الميدان، خاصة بعد إزالة خطوط التماس وغياب العذر الأمني الذي كان عائقاً أمام التحرك في الشارع، لكن كانت أغلب الأحزاب المشاركة في القتال، قد شاركت في السلطة بعد الحرب، واستفاد قادتها من قانون العفو العام عن مجرمي الحرب.
وقد حاولت أحزاب السلطة وقف النشاط النقابي العائد بقوة إلى الشارع. وكان رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، يواجه حركة معارضة شديدة بسبب سياساته الاقتصادية. وتدخلّت السلطة في انتخابات الاتحاد العمالي العام، بغية تعطيل دورها وتأثيرها على الشارع. وبعد أكثر من مواجهة داخل النقابة من عام 1993 إلى عام 2001، تمكنت السلطة من السيطرة على رئاسة الإتحاد العمالي الذي تأسس عام 1970.
وعاد الزخم إلى العمل النقابي من بوابة مطالب المعلمين والأساتذة، مع هيئة التنسيق النقابي التي برزت في الشارع عام 2014، للمطالبة بتصحيح أجور المعلمين والمعلمات. واستطاعت هيئة التنسيق تحريك الشارع مجدداً، فتوحدت أحزاب السلطة من جديد رفم انقسامها بين فريق “8 آذار” وفريق “14 آذار”. وفاز مرشحّ السلطة وتمّ مجدداً إبعاد الشخصيات المؤيدة للحركة المطلبية من جديد.
الاحتجاجات تنتج بدائل
ظهرت أكثر من نقابة جديدة من رحم الحراك الشعبي لتنتظم المطالب المبعثرة للمحتجين ضمن تجمعات وهيئات تسعى أن تكون بديلة للنقابات التي تعتبرها “صندوق بريد” القوى السياسية.
ومثال على ذلك تجمع “نقابة الصحافة البديلة”، الذي يسعى إلى إنشاء إطار بديل للصحفيين من نقابتي الصحافة والمحررين، أو خرقهما. وتقول الصحافية رنا نجار لـ “بي بي سي” المنضوية ضمن هذا التجمع، إنهن ليس هناك جهة تحمي الصحافيين من الانتهاكات الجسدية والمعنوية التي يتعرضون لها، وتدافع عنهم بعد استدعائهم إلى المحاكم غير المختصة.
وتعلّق نجار على عمل نقابة الصحافة مشيرة إلى أنه لا وجود لآلية واضحة للانتساب إليها، وفيها من لا علاقة له بالمهنة، حسبما تزعم. وتضيف أن النقابة تسير “وفق التوجه السياسي للنقيب”، وتسأل أين تذهب الأموال التي تحصل عليها نقابة الصحافة من وزارة الإعلام.
في المقابل، قال عضو نقابة المحررين واصف عواضة لـ “بي بي سي” إنه خلال السنوات الماضية “لم نقصر بحق الصحفيين ضمن الأطر القانونية”.
وضرب عواضة مثالاً بالصحفيين المصروفين من جرائد أغلقت أبوابها مشيراً إلى أن النقابة اجتمعت بمن صرف ووجهتهم لرفع دعاوى لدى وزارة العمل، كما دخلت في وساطات مع أصحاب الصحف لضمان حقوق المحررين، على حد قوله.
وأقفلت العديد من وسائل الإعلام أبوابها في السنوات الأخيرة، أبرزها صحيفة “السفير”، وآخرها محطة المستقبل التابعة لتيار المستقبل بزعامة رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري.
مظاهرات لبنان: أصوات مرحّبة باللاجئين
أما بشأن الصحفيين الذين استدعوا للمثول أمام القضاء، فقال عواضة إن النقابة تواصلت مع المسؤولين وبينهم رئيس الجمهورية، في هذا الشأن، موضحاً أن أحداً من الصحفيين لم يسجن في مسألة رأي.
ويرى عواضة أن القوانين اللبنانية تكبل نقابة المحررين وليس التدخلات السياسية، ويلفت إلى أنه في عام 2017 رفعت النقابة مشروع قانون لتعديل قانون المطبوعات إلى مجلس الوزراء يمنح نقابة المحررين استقلالية ويوجد صندوق للتقاعد، لكن نقابة الصحافة اعترضت عليه، “وبقي في الدرج”، وفق قوله.
تجمع فاعل؟
ويقوم تجمع “نقابة الصحافة البديلة” حالياً برصد الانتهاكات وبإجتماعات دورية وسيكون له اعتصام يعلن عنه لاحقاً، بحسب نجار.
اللافت أن عدد الذين وقعوا على بيان تجمع “نقابة الصحافة البديلة” بلغ حوالى مئتي شخص وفق نجار. وعلى المستوى الإجرائي، يتوزع عمل التجمع على لجان إحداها قانونية وأخرى للاستقطاب ولتنسيق الإعلام.
“مهنيات ومهنيين” تجمع لأكثر من قطاع
تنضوي تحت مظلة تجمع “مهنيات ومهنيين” مجموعة قطاعات منها الصحة والهندسة والتعليم والمحاماة والصحافة، غير مقتصر على المهن الحرة.
تشكل التجمع في خلال الاحتجاجات، بهدف إعادة الاعتبار لقيمة العمل والكفاءة في التغيير الاقتصادي والاجتماعي، ولا يتركز عمله في العاصمة بل يتعداها إلى مدن رئيسية أخرى.
وأقام التجمع مظاهرات أمام مصرف لبنان ووزارة العدل والاتحاد العمالي العام، تماشياً مع “نشاط الثورة”، وفق الطبيب غسان عيسى أحد مؤسسي التجمع.
ويعمل التجمع على الجانب التثقيفي عبر إقامة ندوات في ساحة رياض الصلح ببيروت، وفي مناطق شتى بحسب عيسى.
ويقول عيسى إن التجمع يؤيد الدولة العلمانية الديمقراطية كسقف عام، وعملياً يدعم النقابيين المستقلين الذين يحملون مطالب الحراك في النقابات، وذلك لتحريرها من سيطرة السلطة، على حد قوله.
[ad_2]
Source link