هل نحلق بالمناطيد العملاقة قريبا كوسيلة أفضل للمواصلات؟
[ad_1]
في ثلاثية “مواده المظلمة”، رسم الروائي البريطاني فيليب بولمان عالما موازيا، تمتلئ فيه السماء بمناطيد “زيبلين” العملاقة لتحمل البريد وتنقل الجنود إلى ساحات المعارك والمستكشفين إلى القطب الشمالي، ويستقل الركاب المنطاد من محطة المناطيد في أكسفورد لتنقلهم إلى لندن.
لكن الواقع لا يزال مخيبا للآمال. إذ لا يوجد حتى الآن إلا القليل من المناطيد في العالم، بعضها يحلق في الولايات المتحدة للترويج لعلامات تجارية، مثل “غوديير” و”كارنيفال كروز لاين”، بالإضافة إلى بضعة مناطيد تحمل السياح الأثرياء في جولات سياحية لمشاهدة معالم الريف الألماني. وقد ترى القليل منها فوق غابات الأمازون.
بيد أن رؤية بولمان التي تخيلها في رواياته أوشكت أن تتحول إلى واقع. فإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، ستصبح النماذج الأولى لمناطيد “أيرلاندر” الضخمة بعد أربع أو خمس سنوات أول مناطيد تحلق في الهواء إلى القطب الشمالي منذ عام 1928.
وسيحمل المنطاد على متنه رجالا ونساء أكثرهم من السياح، ليخوضوا تجربة فاخرة تصل تكلفتها إلى 80 ألف دولار.
وفي الوقت نفسه، ستنافسها في السماء مناطيد عملاقة تشبه الحوت الأزرق، يبلغ عرضها 150 مترا، وستنطلق من محطة تجميعها في مدينة جينغمان في الصين. والغرض من هذه المناطيد نقل الحمولات الثقيلة في أكثر المناطق وعورة على وجه الأرض. ويأمل مصنعوها أن يحلق نحو 150 من هذه المناطيد حول العالم في غضون 10 سنوات.
وفي عام 1937 وقعت كارثة تحطم منطاد هيندنبورغ، التي كان يمكن أن تؤذن بنهاية عصر المناطيد، غير أن المناطيد لم تختف بوقوع هذه الكارثة. إذ ظلت البحرية الأمريكية تستخدم المناطيد للتصدي للغواصات إبان الحرب العالمية الثانية. وصنعت شركة السفن الهوائية الأمريكية مناطيد للإعلانات، وصنعت شركة “زيبلين” بألمانيا مناطيد أكبر وأكثر تطورا. وأمضى المهندسون والطيارون سنوات طويلة في صناعة لم يكن من المفترض أن تستمر.
وأخفقت مشروعات مناطيد عديدة تعتمد على الغاز الأخف وزنا من الهواء، إما بسبب الضجة الإعلامية التي أثيرت حولها أو ضعف التمويل أو التطلعات المبالغ فيها. ولم تحظ سلامة المناطيد العملاقة بالاهتمام الكافي.
ورغم الطلب الكبير على المناطيد الكبيرة الحجم، إلا أن الشركات المصنعة وجدت صعوبة في تسديد تكاليف تطويرها.
لكن اليوم يعتزم المصنعون تصنيع المناطيد بأساليب وتقنيات مختلفة. وقد طورت شركة “هايبريد آير فيكلز” البريطانية، منطاد “أيرلاندر”. ويقبع مركز الشركة التكنولوجي الجديد في منطقة صناعية شمالي لندن.
وداخل رواق المركز التكنولوجي، وضع النموذج الأولي للمنطاد “أيرلاندر”، الذي لا تزال المعدات الإلكترونية بداخله منذ الرحلة التجريبية الأخيرة، وانتصب بجواره نموذج بالحجم الطبيعي لمقصورة الركاب المعدة للرحلة إلى القطب الشمالي.
وكنت أول صحفي يلقي نظرة على مقصورة الركاب المحاطة بنوافذ طويلة من السقف إلى الأرضية المصنوعة من الزجاج. وتوجد أريكة جلدية بيضاوية كبيرة تبدو كأنها تحلق في الهواء، ليجلس عليها الركاب الأثرياء بينما يحتسون مشروب الكوكتيل المعد في طاولة المشروبات الزجاجية.
ويبدو “أيرلاندر” مختلفا عن المناطيد التقليدية، إذ يسمح له تصميمه الهجين، الذي يستخدم الغاز الأخف وزنا من الهواء وتقنية الرفع المستخدمة في الطائرات الأثقل وزنا من الهواء، بالطيران أسرع ونقل حمولات أثقل بالمقارنة بنماذج المناطيد المنافسة. وعند هبوطه، لا يحتاج إلى الكثير من العمال ولا إلى برج إرساء ولا حظيرة.
وطورت شركة “هايبريد آير فيكلز”، في البداية المنطاد خصيصا للجيش الأمريكي، وبعد انتهاء البرنامج في عام 2013، أُعيد إلى المملكة المتحدة، وغيرت الشركة تصميمه ليناسب الاستخدام المدني وأطلقت عليه اسم “أيرلاندر 10″، وأجريت عليه سبع رحلات تجريبية.
لكن مشكلة المناطيد أنها لا تزال خطيرة ومكلفة نسبيا في نظر المستثمرين والزبائن المحتملين. إذ يعد “أيرلاندر” أول منطاد هجين، يحلق في السماء.
ويقول نيك ألمان، مدير العمليات بشركة “هايبريد آير فيكلز”، إن الرحلات التجريبية أثبتت للعالم أن منطاد أيرلاندر حقيقي وليس مجرد نماذج تصورية.
ويضيف: “إن إضافة الهيليوم إلى مجموعة الغازات المستخدمة والاعتماد على التقنيات المتطورة يضفيان مزايا عديدة على المنطاد، أهمها المتانة. فبإمكان هذا المنطاد أن يحلق بحمولة ثقيلة في الهواء لفترة طويلة، قد تصل إلى نحو خمسة أيام، ونظير مبالغ معقولة. ويغري انخفاض تكاليف تشغيل المنطاد بعض الزبائن، مثل الجيش”.
وتقول ريبيكا زيتلين، مديرة في مجال الاتصالات والإعلام، إن بعض الزبائن يفضلون المناطيد لأنها تعكس الحرص على البيئة أكثر من أي وسيلة أخرى من وسائل النقل. فبعد ظهور حركة تعرف باسم “الشعور بالذنب من الرحلات الجوية” لما تسببه من تداعيات على البيئة، قد يؤثر البعض أن تستغرق رحلته وقتا أطول ويدفع مبالغ أعلى من أجل تخفيض حجم الانبعاثات الكربونية.
وقد دفعت الحكومة البريطانية مليون جنيه إسترليني لشركة “هايبريد آير فيكلز” للقضاء تماما على انبعاثات المناطيد، رغم ضآلتها مقارنة بالطائرات، عن طريق تطوير نظام دفع كهربائي للمناطيد.
وصممت الشركة أيضا منطاد “أيرلاندر 50” الأكبر حجما لنقل الحمولات ثقيلة الوزن.
وسيتردد اسم “لوكهيد مارتن” التي اشتهرت بطائرات “بلاكبيرد إس آر 71” و”يو تو”، قريبا في عالم المناطيد.
وطرحت لوكهيد منطادها “إل إم إتش-1″، الذي يشبه “أيرلاندر” حجما وشكلا، في معرض للمركبات الجوية في باريس عام 2015، وشرعت في تصنيع النموذج الأولي منه لإثبات جدوى الفكرة.
ويقول روبرت بويد، مدير البرامج بشركة “لوكهيد”، إن الشركة أدركت حاجة السوق إلى حلول آمنة ومستدامة لنقل الحمولات الثقيلة والأفراد للمناطق النائية التي تفتقر إلى البنية التحتية.
ويرى بويد أن المناطيد قد تؤدي مهاما متعددة، منها عمليات الإغاثة الإنسانية واستخراج الموارد الطبيعية والعمليات التي تتطلب نقل الحمولات الثقيلة. وبمجرد ما تغزو المناطيد الأسواق، ستُكتشف لها استخدامات أخرى.
وصمم منطاد “إل سي إيه 60 تي”، على شكل حوت أزرق بقصد الحد من التكاليف والمخاطر. لكن بغض النظر عن غلافه المصنوع من مواد متطورة ومحركاته الكهربائية والمكثفات الكهربائية الفائقة، إلا أن هذا المنطاد لا يختلف كثيرا عن منطاد “زيبلين” الذي وصفه بولمان في رواياته.
وطورت هذا المنطاد شركة “فلاينغ ويلز” الناشئة في باريس، التي أسسها سابستيان بوجو، وتضم قائمة المساهمين في الشركة الحكومتين الفرنسية والصينية وحكومة كيبيك. وتمتلك شركة تصنيع الطائرات الصينية “كايغا” 25 في المئة من الشركة.
وجمعت الشركة 320 مليون دولار من المستثمرين لتصنيع المنطاد في فرنسا وكندا والصين، ودخلت في شراكة مع شركة أخرى لتطوير الطرق اللازمة لتصنيع المناطيد على نطاق واسع.
ويقول ميشيل رينود، مدير العمليات بشركة “فلاينغ ويلز”، إن الشركة كانت تهدف لتصميم منطاد قوي يتحمل نقل حمولة تزن 60 طنا ويعمل بنظام دفع قوي، واهتمت الشركة بالأمان، حتى تضمن أنه إذا تمزقت إحدى الخلايا الغازية لن يختل توازن المنطاد.
وفي نهاية العام الحالي، ستطور الشركة منطادها الهجين الخاص لصالح شركة النفط الفرنسية “توتال”، وسيكون هذا المنطاد، الذي أطلقت عليه اسم “مانتا”، أصغر حجما من مناطيد الشركات المنافسة. وتهدف الشركة لبناء 50 منطادا لنقل المعدات والإمدادات الثقيلة التي يصعب نقلها بالطائرات بدون طيار.
ومن المتوقع أن تتشارك شركة “هايبريد آير فيكلز”، مع إحدى الشركات الأمريكية لتصنيع الطائرات والمركبات الفضائية لتصميم منطاد “أيرلاندر” العسكري لصالح البنتاغون.
ولعل رؤية بولمان تتحول إلى حقيقة. وفي عام 1930 حلق منطاد “أر 100” البريطاني العملاق فوق مركز أوكسفورد وأبهر سكان المدينة إلى حد أنها أصيبت بالشلل. وفي عام 2007، اقترح رائد أعمال من المدينة، تطوير منطاد لنقل الناس من أكسفورد إلى كامبريدج في ساعة للحد من انبعاثات الكربون.
لكن العالم لم يكن مستعدا لهذه الفكرة آنذاك، وربما يكون الآوان قد حان لتمتلئ السماء بالمناطيد، التي ستنتطلق من محطة المناطيد الشاهقة في أكسفورد لتحمل الركاب إلى لندن.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Future
[ad_2]
Source link