قصة السائقين الذين يخاطرون بحياتهم من أجل إيصال الطعام إلى منازلنا
[ad_1]
لم يكن من الأيسر أن يحصل المرء على وجباته المفضلة كما هو الحال الآن. فالعشرات من التطبيقات تتيح لنا أن نطلب وجباتنا الساخنة المفضلة على أن تصل إلى منازلنا خلال دقائق معدودة. ولكن هذه الخدمات أغرقت شوارعنا بالآلاف من سائقي التوصيل الذين يواجهون مخاطر جمة من التعرض إلى الإصابة الجسدية وحتى إلى خطر الموت من أجل أن يوصلوا وجباتنا المفضلة الينا.
كانت سونيا كينغ تأمل في الحصول على ربح يومي كبير عندما سجلت في حسابها لدى شركة “دورداش” في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا الأمريكية في الخامس من أيار / مايو في العام الماضي. فالعطلات الرسمية مثل الخامس من أيار تعد من أكثر نوبات عملها انشغالا.
ولكنها لم تتمكن من إيصال الا طلب واحد في ذلك اليوم، وكاد ذلك الطلب أن يكلفها حياتها.
فبعد أن أوصلت سونيا، وهي مسلمة منتقبة، أولى طلبياتها في ذلك اليوم، هاجمها زبونها المدعو ريك باينتر من الخلف وحاول خنقها بشعرها ونقابها. تمكنت سونيا البالغة من العمر 31 عاما، والأم لأربعة أطفال، من الإفلات بعد أن عثرت على مفاتيح سيارتها واستعملتها لطعن باينتر في وجهه ورأسه.
تقول سونيا “كنت أتلوى وأحاول التخلص من أصابعه التي كادت تخنقني، ولكنه واصل الإمساك بشعري. وضعت أصبعي في عينه، ولكنه لم يترك شعري”.
وقالت “كان من الحتمي أن تقع جريمة قتل، وكنت أنا الضحية المرجحة”.
ومضت للقول “لم أكن أريد أن أطعن أحدا، ولكني اضطررت إلى ذلك لأني كنت أرى صور أطفالي أمامي كما كنت أرى صورة زوجي، وكنت أفكر “يجب عليّ أن أترك هذا البيت وأعود إلى أسرتي””.
وحكم القضاء على باينتر بالسجن لمدة سنتين بتهمتي الخطف والاعتداء.
نجت سونيا دون أن تصاب إلا ببعض الخدوش والكدمات، ولكنها تقول إنها ما زالت تعاني من العواقب النفسية للاعتداء الذي تعرضت له، وتقول “أصبحت اتحاشى الكثير من الناس الذين كنت أحبهم. لم أعد أثق بالناس، وأتوقع الأسوأ دائما”.
سونيا واحدة من نسبة قليلة – ولكنهم يمثلون عددا كبيرا – من سائقي إيصال الوجبات الذين تعرضوا للاعتداء أثناء أداء عملهم.
ومن العسير تقدير حجم المشكلة لأن أجهزة الشرطة لا تجمع إحصاءات خاصة بها، ولا تنشر الشركات التي يعمل لحسابها هؤلاء السائقون أي احصاءات.
ولكن ثمة تقارير تتحدث عن تعرض سائقي إيصال الوجبات ترد من شتى الدول حول العالم، من سيدني في استراليا إلى نيويورك في الولايات المتحدة.
أما في لندن، فلا يشعر السائقون بالقلق من الزبائن ولكن من العصابات الإجرامية التي تتصيدهم من أجل سرقة دراجاتهم النارية.
ويقول بعض من هؤلاء السائقين إن العنف أو التهديد به يعد أمرا يوميا بالنسبة لهم.
يقول ساجد الرحمن، الذي يعمل سائقا لدى شركة “أوبر إيتس”، “إن سائق إيصال الطلبات هو أكثر الناس استهدافا في الشارع”.
تعرض ساجد الرحمن في شهر آب / أغسطس الماضي إلى اعتداء في شرق لندن عندما كان عائدا إلى مسكنه في حوالي الساعة التاسعة مساء.
وقال “خرجت مجموعة من اللصوص يتراوح عددهم بين الـ 8 والـ 10 من ظلام الليل، وركلني أحدهم وأسقطني من دراجتي، ثم بدأوا بضربي”.
سرقت العصابة دراجة ساجد وهاتفه الجوال، وتسببت في كسور في كتفه وقدمه.
يذكر أن الجرائم المتعلقة بالدراجات النارية والدراجات الآلية الصغيرة بلغت من الخطورة بحيث اضطرت شرطة العاصمة البريطانية إلى تشكيل فريق عمل خاص تحت اسم “عملية فينيسيا” للتعامل مع المشكلة.
وتقول شرطة لندن إنها لا تتوفر على أرقام دقيقة حول عدد هذه الجرائم التي تستهدف سائقي إيصال وجبات الطعام إلى المنازل. ولكن ساجد الرحمن وزملاؤه من السائقين قد ضاقوا ذرعا بما يحدث لهم. ويقول ساجد إنه وزملاءه أخذوا بتبادل المعلومات عن طريق واتساب حول أماكن وقوع المشاكل، وأنهم حتى أخذوا يتضافرون من أجل مواجهة المهاجمين ومطاردتهم.
لم ترد شرطة لندن على طلبات بي بي سي للتعليق على الأمر، ولكنها قالت إن عدد الجرائم المتعلقة بالدراجات النارية والدراجات الآلية الصغيرة انخفض في العام الماضي إلى النصف، إذ لم يتجاوز الـ 9 آلاف جريمة – وهو عدد يمثل جريمة واحدة في الساعة تقريبا.
ويصر السائقون أن بوسع الشركات التي يعملون لديها اتخاذ المزيد من الخطوات لحمايتهم ومساعدتهم.
لنأخذ ساجد الرحمن مثلا. فلأنه يصنف كمتعاون يعمل لحسابه الخاص، وليس موظفا، لا يشمله الضمان الصحي، رغم أنه قيل له إن شركات التأمين المتعاقدة مع “أوبر إيتس” ستدفع له أجر شهر واحد في حالة اصابته.
ويقول ساجد “كانت أسرتي تعتمد عليّ اعتمادا كاملا، أما الآن فأنا أعتمد عليهم، ولا أعلم كيف سيتسنى لي تدبير كل هذه المصاريف”.
ويوجه ساجد انتقاداته أيضا إلى البرامجيات التي تستخدمها شركة “أوبر إيتس”، التي لا تسمح للسائق بمعرفة الوجهة التي سيوصلون الوجبات اليها إلا بعد قبولهم بالطلبيات، مما يجعل من العسير عليهم تجنب المناطق التي تنشط فيها العصابات الإجرامية.
ويقول “لا نعرف وجهتنا إلا بعد استلامنا الوجبات التي ينبغي علينا إيصالها. وعند ذاك، لا نستطيع رفض إيصال الطلب لأن من شأن ذلك تعليق حسابنا مع الشركة”.
لم ترد شركة “أوبر إيتس” على هذه الشكاوى، ولكنها قالت “إنها تعمل بجد للارتقاء بسلامة السائقين الذين يستخدمون تطبيقها”.
وتقول الشركة إن بإمكان السائقين العاملين لديها أن يختاروا لغاية 5 من اصدقائهم أو أقاربهم باعتبارهم “أناسا موثوقين” يمكنهم الاطلاع على أماكنهم أثناء قيامهم بإيصال الطلبات. ويتوفر للسائق زر طوارئ خاص يسمح له بطلب النجدة من التطبيق مباشرة في حالات الطوارئ، إذ يتمكن التطبيق من تحديد موقع السائق عن طريق نظام تحديد المواقع الفضائي.
قد تستحوذ الاعتداءات على السائقين على عنواين الأنباء، ولكنها ليست الخطر الرئيسي الذي يواجهه السائقون. فحوادث السير هي المصدر الأول للحوادث التي يتعرض لها هؤلاء، خصوصا وأنهم يحاولون توصيل أكبر عدد ممكن من الطلبات في أقصر وقت من أجل تعزيز دخولهم.
وكان أحد القضاة الأرجنتينيين قد حظر في وقت سابق من العام الحالي تطبيقات إيصال الوجبات من العمل في العاصمة بوينس آيرس، قائلا إن بعض الشركات العاملة في هذا المجال لا تتقيد بقوانين العمل والنقل السارية. من جانبها، تنفي الشركات ذلك، وقررت الإستئناف ضد القرار.
وكان أحد الدوافع وراء الأمر القضائي الذي أصدره القاضي روبرتو غالاردو هو حالة أرنستو فلوريديا، البالغ من العمر 63 عاما، والذي صدمته سيارة بينما كان يهم بإيصال وجبة بيتزا طلبها زبون من خلال شركة “غلوفو” التي تعد واحدة من كبريات شركات الوجبات في الأرجنتين.
وبعث أرنستو رسالة إلى الشركة بعد الحادث قال لها فيها إنه أصيب ولا يقوى على الحركة، ولكن أحد فريق المتابعة في الشركة طالبه بالتقاط صورة للبيتزا ليتسنى له الغاء الطلب.
وتقول “غلوفو” إنها تنظر إلى هذه القضية بكل جدية، وقدمت اعتذارا قالت فيه “اتفقنا وقتها أن الأمر كان خطأ، ولابد أن الرد كان مؤلما لأرنستو”.
وأضاف ناطق باسم الشركة أن عضو فريق السيطرة المذكور طرد من موقعه، وأن أرنستو شفي تماما وما زال يعمل في “غلوفو”.
أما في ولاية جورجيا في الولايات المتحدة، فتقول سونيا كينغ إن بوسع شركة “دورداش” فعل المزيد لحماية سائقيها الـ 400 ألف، كأن تعمد إلى إجراء المزيد من التحقيقات حول خلفيات الزبائن من ذوي السجلات الاجرامية. يذكر أن ريك باينتر كان قد أودع السجن عدة مرات لجنح تتعلق بالعنف قبل أن تتوجه سونيا إلى مسكنه.
كما تشتكي سونيا بأنها لم تتمكن من التحدث إلى أي مسؤول في الشركة ومقرها في سان فرانسيسكو، وأن ثلاثة أيام مرت قبل أن يتصل أي أحد من الشركة بها للاطمئنان عليها.
وتقول “كدت أموت. إنه لأمر مقرف”.
وتقول شركة “دورداش” إنها “تأسف بصدق” للطريقة التي تعاملت بها مع قضية سونيا، مضيفة “نأخذ سلامة العاملين معنا بأقصى درجة من الجدية، ولا نتسامح مع أي شكل من أشكال التحرش أو التصرفات غير اللائقة”.
وتقول الشركة إنها طرحت مؤخرا عقود تأمين مجانية ضد الحوادث يستفيد منها كل سائقيها في الولايات المتحدة.
[ad_2]
Source link