بالفيديو باتومي جنة جورجيا الخضراء | جريدة الأنباء

 

 

باتومي – شافعي سلامة

ما إن تطأ قدماك أرض باتومي حتى يخالجك شعور مختلف، فتلك الأرض الجميلة تقدم تجربة فريدة لهواة السفر ومحبي المتعة والجمال، حيث الطبيعة البكر الخلابة والبحر الأسود يحيطها بدفئه ويزيد جماله اللون الأخضر على مد البصر يبهج الناظرين.

في باتومي فسيفساء جميلة تجمع بين تضاريس الجغرافيا وصفحات التاريخ في مزيج يفوح منه العبق لتجد نفحاته في شوارعها وطرقاتها حيث آثار الغابرين تقف شامخة شاهدة على عصور مختلفة وثقافات متباينة مرت مرور الكرام بهذه المنطقة لتمثل جزءا من تاريخ العالم الذي يقرأه المهتمون قصة واحدة متعددة الفصول والأحداث المتشابكة وإن وقعت في أماكن شتى.

باتومي الجميلة الساحرة.. انطباع يتكون لدى الزائر لهذه المدينة الرائعة التي هي جزء بارز من جمال جورجيا الذي لا تخطئه العين.

يدرك من يشاهدها أن مقاطعة أدجارا بكاملها، وهي جزء من دولة جورجيا يتمتع بحكم ذاتي منذ عشرينيات القرن العشرين، صورة من إبداع الخالق تتجلى روعتها في جمال الطبيعة ببحرها وبرها وغاباتها بأشجارها وارفة الظلال وأنهارها وشلالاتها وبحيراتها وآثارها، تلك التوليفة الفريدة التي تستهوي السياح من أنحاء العالم وبينهم الكويتيون المحبون للسفر والذواقون لمتعه والباحثون عن الجمال، وكذا الخليجيون عموما.

انطلقنا في وفد صحافي خليجي، كانت «الأنباء» الصحيفة الكويتية الوحيدة الصادرة بالعربية، في جولة بمقاطعة أدجارا وعاصمتها باتومي نتعرف على هذه البقعة الساحرة من العالم ونستكشف مواطن الجمال فيها، فكانت تجربة رائعة بعض تفاصيلها في السطور التالية.

أول أنشطتنا في باتومي كان جولة في المدينة للتعرف على أبرز معالمها. لا تكاد تمشي في شوارع باتومي حتى تلاحظ العصور المتعاقبة حاضرة أمام ناظريك، فبصمات الأزمنة المتعاقبة تلوح في الميادين والساحات والمباني والمنشآت المتأثرة بالوجود والثقافات المختلفة، فهذه ساحة «Piazza square» ببرجها الشهير وساعته الفلكية يعكسان تأثرا بالحضارة والعمارة الإيطالية.

وهذا مبنى عتيق كان مقرا للمخابرات السوفييتية «كي جي بي» أيام كانت جورجيا جزءا من الاتحاد السوفييتي السابق الذي تفكك في العام 1991، لكنه تحول الآن إلى فندق مقابل للبحر.

ليس بعيدا تجد ساحة المعجزة ومبنى مسرح باتومي وبرج الحروف الهجائية الجورجية، وكذلك مقهى الأخطبوط (أو الفانتازيا) الذي كان فيما مضى ملتقى لأدباء ومفكري جورجيا، وتعمل السلطات المعنية هناك على إعادة افتتاحه ليكون معلما سياحيا وثقافيا بجوار ممشى باتومي.

غير بعيد يوجد هذا المبنى الذي يطلق عليه الجورجيون، على سبيل المزاح، «برج ترامب»، وذلك لأن المبنى كان مقررا أن ينشئه دونالد ترامب عندما كان رجل أعمال فقط، أي قبل وصوله إلى رئاسة الولايات المتحدة والذي تسبب في إلغاء الاتفاق.

في شوارع باتومي تجد المسجد غير بعيد عن الكنيسة، وتشاهد حماما تركيا لايزال قائما يذكّر بالوجود العثماني في المدينة، كما تلحظ بين الحين والآخر مطاعم ومقاهي لا يفوتها أن تضع لافتات توضح للسياح العرب ما تقدمه لهم من خدمات مميزة.

حديقة باتومي النباتية

تتميز مقاطعة أدجارا وعاصمتها باتومي بطبيعتها الساحرة يجسدها ذلك الغطاء الأخضر الرائع الذي يبعث في النفس راحة وسكينة. لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فيمكن لعشاق النباتات والزهور والأشجار بتنوعها الاستمتاع بتجربة مميزة مع أكبر تنوع من النباتات، يمكن أن تراه في منطقة واحدة وذلك في حديقة باتومي النباتية. يرجع تأسيس هذه الحديقة إلى عام 1912، وذلك بإشراف من العالم الجغرافي والنباتي المعروف «آندري كراسنوف»، حيث أقيمت على مساحة أكثر من 200 فدان.

أما عن موطن النباتات الموجودة داخل الحديقة، فقد تم استقدامها من 9 مناطق جغرافية مختلفة، والتي هي شرق آسيا وأميركا الشمالية ونيوزيلندا وأميركا الجنوبية والهيمالايا والمكسيك وأستراليا والبحر الأبيض المتوسط، والمناطق القوقازية شبه الرطبة.

وتحتوي الحديقة على العديد من المناظر الطبيعية الخلابة، فبالإضافة إلى التنوع النباتي فإن الحديقة محاذية لشاطئ البحر الأسود وبها إطلالة رائعة عليه، كما توجد بها أحواض الأسماك الملونة الجميلة.

ويمكن تفقد حديقة باتومي النباتية الساحرة والتجول فيها، إما سيرا على الأقدام، أو عبر استئجار سيارة للاستمتاع بها، وهي خدمة مميزة تقدمها إدارة حديقة باتومي لزائريها بتكلفة زهيدة.

ممشى باتومي بوليفارد

يمتد ممشى باتومي بوليفارد Batumi Boulevard على طول 4 كيلومترات ويعتبر من أشهر الأماكن السياحية في باتومي كما يعد من أجمل أماكن النزهات العائلية، فهو مكان متكامل للترفيه والاسترخاء حيث يضم أماكن ترفيهية ومطاعم وفنادق على مستوى عال والكثير من المرافق. يوفر الممشى تجربة جميلة لزائري باتومي حيث يمكن خلاله التنزه بصحبة العائلة والأصدقاء والاستمتاع بالمساحات الخضراء والحدائق الموزعة على طول الممشى كحديقة الطيور.

كذلك يمكن ممارسة رياضة المشي والركض او حتى ركوب الدراجات الهوائية وعمل جولة على طول الساحل، والاستمتاع بمشاهدة البحر الأسود، كما أن هناك مرافق ترفيهية للأطفال وملاهي فضلا عن الكثير من المتاجر والأكشاك لبيع التحف والهدايا التذكارية وكذلك مطاعم مميزة بإطلالتها على البحر.      

شلال ماخونتسيتي

بعد زيارة قلعة جونيو أبساروس وفي جولة ساحرة وسط الطبيعة الخلابة انتقلنا لمشاهدة معلم سياحي رائع أيضا، من أجمل معالم مدينة باتومي التي لا تنتهي، وهو شلال ماخونتيستي أو Makhuntseti، حيث تتدفق المياه من عل في مشهد رائع، وصادفنا في الموقع عددا من السياح الخليجيين الذين جاءوا للاستمتاع بمشاهدة الشلال والأجواء المحيطة .

جسر الملكة تامار

بالقرب من شلال ماخونتيستي هناك في باتومي شاهدنا معلما أثريا آخر يعود إلى القرون الوسطى وتحديدا القرن الثاني عشر وهو جسر الملكة تامار الذي تم بناؤه بلا أعمدة ويبلغ طوله نحو 24 مترا وعرضه متر ونصف المتر ويرتفع عن سطح الماء نحو 7 أمتار.

متنزه «الجبل الباكي».. جمال في عنان السماء

في اليوم الأخير من الجولة كان مسك الختام بمغامرة رائعة وشائقة في متنزه متيرالا الوطني Mtirala national park الذي يبعد نحو 40 كم من باتومي. وتعني كلمة متيرالا «جبل يبكي»، حيث إن المكان غالبا ما يكون محاطا بالضباب والرذاذ، ولعل هذا هو السبب في اطلاق هذا الاسم عليه. كما يعد هذا المكان الطبيعي البكر الذي تغطــي فيه الأشجار واللون الأخضر مرتفعــات جبلية هو البقعة الأكثـــر غزارة بالأمطار في جورجيا.

وسط الهواء المنعش والأجواء الرائعة بدأنا المغامرة في كابينة تلفريك مصغر عبرت بنا فوق مجرى مائي لنصل إلى بداية الطريق الضيق الذي يأخذنا صعودا عبر الأشجار الكثيفة لاستكشاف المتنزه وصعود الجبل. تقدم هذه المسارات الجبلية في المتنزه فرصة مثالية لممارسة خاصة لرياضة المشي لمسافات طويلة في جغرافيا صعبة بعض الشيء ولكنها تجربة رائعة. خلال المسير في الممر الجبلي الأخضر تتراءى حيوانات وطيور مختلفة الأنواع والألوان. بعد سير لنحو الساعة والاستمتاع بمشاهد الخضرة والشجر، وصلنا إلى شلال وسط الغابة وياله من مشهد رائع. هنا تسقط مياه الأمطار المتجمعة من علو وتسير في جدول بديع نزولا من الجبل لتكون في طريقها بحيرة رائعة قبل أن تنساب المياه وسط الأحجار والصخور لتروي أرضا يغطيها اللون الأخضر الباعث في النفوس الطمأنينة. إنها فعلا مغامرة لا تنسى.

برج الهجائية

من معالم مدينة باتومي الرائعة برج الهجائية بالقرب من شاطئ البحر الأسود. فهناك يقف هذا البرج شامخا وعليه الحروف الهجائية الجورجية التي تتميز بأنها من ضمن 14 لغة لها كتاباتها وحروفها الخاصة. وتنقسم الحروف الهجائية الجورجية إلى 32 حرفا منها 5 حروف متحركة والبقية ساكنة.

باتومي قبلة عشاق الجمال والترفيه

باتومي قبلة لعشاق الجمال والترفيه وهي واحدة من أرقى وأعرق المدن الواقعة في جورجيا، تلك الدولة التي تقع في موقع متميز في ملتقى منطقة أوروبا الشرقية وآسيا. تلقب باتومي بـ«لؤلؤة البحر الأسود»، لإطلالها على ساحل البحر الأسود، أحد أجمل البحار في القارة العجوز. تقع باتومي، عاصمة مقاطعة أدجارا الخاضعة للحكم الذاتي، في جنوب غربي جورجيا. التوقيت الرسمي لباتومي فهو (+4 جرينتش). تعد باتومي مدينة ساحلية بالدرجة الأولى، نظرا لإطلالها على البحر الأسود. وقد أضحت المدينة نظرا لموقعها الجغرافي الرائع، مركزا مناسبا جدا للتجارة. كما أنها تحوي أراضي خصبة لزارعة العديد من المحاصيل مثل الحمضيات والشاي. 

المواطنون الكويتيون والمقيمون يدخلون جورجيا بدون فيزا

تهتم جورجيا بالسياح الوافدين إليها وتقدم لهم كل تسهيلات ممكنة لتجعل زيارتهم تجربة أفضل. من أهم هذه التسهيلات أن المواطنين الكويتيين يمكنهم الدخول إلى الأراضي الجورجية، لاسيما باتومي، دون الحاجة إلى الحصول على فيزا مسبقة، بل إن هذه الميزة تشمل أيضا المقيمين على أرض الكويت ولهم إقامة صالحة فيها، ويمكن الحصول على معلومات أكثر تفصيلا عن الفيزا إلى جورجيا عبر الرابط: geoconsul.gov.ge.

«علي ونينو»..تمثال خالد لقصة حب أسطورية

على شاطئ باتومي يقف شامخا تمثال «علي ونينو» ليحكي للأجيال المتعاقبة قصة الحب الأسطورية.

والتمثال في حركة دائمة ليروي قصة الحب، حيث يتحرك بشكل دائري، فيتقابل الجسدان ثم يتعانقان ليتحد جسداهما ويصبحا شخصا واحدا لثوان قليلة، ثم يمر كل منهما مكملا طريقه بمفرده،.

التمثال صممه النحات الجورجي تمارا كفيسيتادزي، بطول يبلغ ثمانية أمتار على ساحل البحر الأسود، وتم تثبيته في العام 2010، ليكون شاهدا على قصة حب اشتعلت شرارتها بين 1918 و1920، وفق ما هو شائع.

وتعود قصة «علي ونينو» إلى رجل أرستقراطي أذربيجاني يدعى علي خان من أسرة مسلمة، وبين الأميرة الجورجية نينو، وهي مسيحية أرثوذوكسية جمعهما الحب وفرقهما القدر.

لتجسد قصتهما رواية تجمع المتناقضات بين العالمين الأوروبي والآسيوي، وغيرها من العادات والمعتقدات المتضاربة.

وتجسد القصة الشائعة قوة الحب في مواجهة التقاليد والصراع على حب الأميرة نينو بين علي وغريمه، ثم المعضلة التي تواجه البطل علي حينما يضطر إلى الاختيار بين محبوبته نينو وحبه لوطنه أذربيجان فيختار الدفاع عن وطنه والانخراط في الحرب ضد الهجوم السوفييتي على بلاده حيث يلقى حتفه. هكذا يأتي هذا التمثال ليجمع شمل حبيبين لم تسنح لهما الفرصة في الواقع بأن تنتهي قصة حبهما الأسطورة بأن يجتمعا معا.

والتمثال المتحرك صنع من الأسلاك الفولاذية المعدنية الصلبة على شكل حلقات مفرغة تتشابك وتشكل جسدي رجل وامرأة من دون ملامح واضحة.

الكاتشابوري

يعد «الكاتشابوري» أحد أهم الأكلات الجورجية ويلخص ثقافة الأطعمة الغنية التي تتمتع بها هذه البلاد الجميلة. يتميز الكاتشابوري بمذاق رائع ويتم إعداده في أشكال مختلفة أشهرها ما يأخذ شكل المركب، حيث يصنع هيكل المركب من الخبز الطازج فيما يضاف إليه البيض المطهو بطريقة رائعة مع إضافة الجبن ويعزز المذاق المتميز بإضافة الزبد إليه.

تمثل هذه الوجبة تجربة جميلة تعلق في الذهن وترتبط بالثقافة الجورجية التي تهتم بالطعام وتقدم للزائرين أشكالا وأنواعا مختلفة من الأطعمة الرائعة.

قلعة جونيو أبساروس

خلال الجولة كان لنا موعد مع زيارة معلم تاريخي بارز، من أفضل معالم مدينة باتومي الرائعة وهي قلعة جونيو أبساروس أو Gonio-Apsaros التي تقف شاهدة على تاريخ الغابرين.

وتبعد القلعة نحو 12 كيلومترا إلى جنوب مدينة باتومي وتقع على الجانب الأيسر من نهر «شيروكي»، كما تأتي في قلب عدة مستوطنات قديمة في جورجيا.

يعود تاريخ القلعة تقريبا إلى القرن الأول الميلادي حيث كانت في الماضي حصنا منيعا استفاد منه كل من البيزنطيين والرومان، حتى تحولت المدينة إلى جزء من الإمبراطورية العثمانية، فأصبحت حصنا دفاعيا لهم بطول الساحل الشرقي لشاطئ البحر الأسود، وهكذا يتنوع طرازها المعماري بين العثماني والروماني والبيزنطي.

كما تضم القلعة في طياتها متحفا تاريخيا يحوي أبرز ما تملكه مدينة باتومي على مدار تاريخها العريق.