أبو بكر البغدادي: كيف يؤثر مقتله على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا؟
[ad_1]
أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مقتل أبو بكر البغدادي في غارة أمريكية، وسط أجواء من الفخر والاحتفاء. وفي هذا المقال تشرح الدكتورة لينا الخطيب، مديرة برنامج الشرق الأوسط في “تشاتام هاوس” (المعهد الملكي للشؤون الدولية) في لندن، ما يمكن أن يؤول إليه التنظيم في سوريا بعد مقتل زعيمه.
لا يعني مقتل البغدادي أن ينتهي التنظيم تلقائيا بعد ذلك، إذ يعتمد المستقبل القريب للتنظيم على الآليات والتطورات المحلية في سوريا أكثر من اعتماده على حقيقة وجود أو غياب قائد له.
وكان البغدادي أداة قوية لتنظيم الدولة الإسلامية، وعلى وجه الخصوص، في وقت كان التنظيم يعمل فيه على تأسيس “دولة” خلافة. ولأن “الخلافة” تحتاج إلى “خليفة”، دفع التنظيم بالبغدادي إلى الواجهة العامة لإعطاء مؤيديه حول العالم رمزا مجسدا.
وعلى الرغم من هزيمة التنظيم عسكريا في العراق وسوريا، إلا أن وجود البغدادي كان يبعث الأمل لدى مؤيديه في إمكانية استعادة الخلافة يوما ما. فخطابات البغدادي كانت تحشد المتعاطفين، حتى ولو معنويا، بحسب ما رصده الصحفيون وعمال الإغاثة الذي حاوروا زوجات وأرامل المقاتلين في مخيم الهول بسوريا.
وقبل الاجتياح التركي لشمال سوريا، كانت القدرة العسكرية للتنظيم قد شحت كثيرا، لكنه لم ينقطع عن نشاطه. وانتهزت الخلايا النائمة الفرص لشن هجمات في شمال-شرق البلاد، استهدفت المدنيين بالإساس.
وعلى بعد عدة أميال تجاه الغرب، في صحراء السخنة القريبة من حمص، اعتاد مقاتلو التنظيم شن هجمات عشوائية ضد الجيش السوري وأهداف روسية. وفي الشمال-الغربي، انضم الكثير من مقاتلي التنظيم السابقين إلى واحدة من أكبر الجماعات الجهادية في المنطقة، بدلا من الاستمرار في القتال تحت لواء تنظيم الدولة الإسلامية. وهي الجماعة الأقرب لتنظيم الدولة الإسلامية في إدلب، جماعة “حراس الدين” الموالية لتنظيم القاعدة، والتي كانت تعاني من قلة أعداد مقاتليها وتراجع شعبيتها محليا رغم استمرار نشاطها القتالي.
وكانت منطقة دير الزور، في الشمال-الشرقي، هي نواة نشاط الدولة الإسلامية في سوريا، وتحديدا في المناطق الممتدة من جنوب البصيرة باتجاه ديبان. وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية على المنطقة، لكنها واجهت صعوبة في كسب قبول سكانها، إذ أن قوام هذه القوات من الأكراد، في حين أن أغلبية سكان المنطقة من القبائل العربية، التي ترفض قوات سوريا الديمقراطية، والجيش السوري، والميليشيات المدعومة من إيران المتمركزة في المدن المحيطة بالمنطقة. وخرج أفراد هذه القبائل في مظاهرات ضد النظام السوري وإيران في الفترة الأخيرة.
وقبل الاجتياح التركي لشمال سوريا، تصاعدت وتيرة الصراعات بين القبائل في دير الزور وقوات سوريا الديمقراطية، فزاد نشاط تنظيم الدولة الإسلامية تباعا.
ومنذ عدة أشهر، أُطلقت نقطة تفتيش تابعة لقوات سوريا الديمقراطية النار على شخص عربي أثناء مروره قربها. وفي الأسبوعين التاليين لهذه الواقعة، زادت هجمات الخلايا النائمة في منطقة دير الزور، وهم على صلة ببعض أفراد القبائل العربية.
واستمر هذا السياق من التوتر بين العرب وقوات سوريا الديمقراطية، المتبوع بزيادة في هجمات التنظيم، إلا أنها كانت تعتمد بشكل أساسي على العبوات الناسفة وكانت محدودة النطاق.
وحاول التنظيم الاستفادة من الاجتياح التركي لشمال سوريا، وانشغال قوات سوريا الديمقراطية بالتصدي له وتراجع أعدادها في منطقة دير الزور. وتسبب ذلك في زيادة نشاط التنظيم، لكنه لم يحاول السيطرة على أي من منطقة. ويشي ذلك، مقرونا باستخدام أفراده للعبوات الناسفة البدائية، بتراجع كبير في تسليح التنظيم.
كما أن وجود قوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في دير الزور (بهدف حماية آبار النفط وفقا للإدارة الأمريكية)، كان له أثر بالغ في ردع التنظيم.
ومن المرجح أن يستخدم التنظيم مقتل البغدادي لحشد مؤيديه بغية الانتقام. لكن يبدو أن أيام القتال حتى النزع الأخير قد ولت. ففي ديسمبر/كانون الأول 2018، توجه قائد التنظيم في سوريا، أبو أيمن العراقي، إلى الصفوف الأمامية في معركته الأخيرة في دير الزور ومعه ستة مقاتلين فقط. وانتهى الأمر بتخليهم عنه تاركينه لمصيره حيث قتلته قوات سوريا الديمقراطية. وفي أيام مجد التنظيم، لم يكن يحتاج وجود كبار قادته في الخطوط الأمامية بهذه الطريقة.
وغالبا ما سيختار التنظيم قائدا لخلافة البغدادي، لكن الأهم بالنسبة لعملياته هو طبيعة الأوضاع في شمال-شرق وشمال-غرب سوريا. وقال الرئيس الأمريكي إن البغدادي أقام في إدلب – حيث قُتل – لأنه كان يحاول إعادة بناء التنظيم هناك.
ويُرجح أن مجموعة “حراس الدين” في إدلب (التي انفصلت عن هيئة تحرير الشام لتبقي على ولائها للقاعدة) كانت هي الجهة التي استضافت البغدادي. وتحاول هيئة تحرير الشام بناء هيكلها الإداري الخاص في المنطقة، وتتعاون مع “حراس الدين” ضد الجيش السوري، إلا أن المزاج العام في إدلب يرفض تنظيم الدولة الإسلامية، ما يجعل احتمال تحولها إلى عاصمة الخلافة الجديدة أمرا مستبعدا.
أما في الشمال-الشرقي، فينتشر الجيش السوري في هذه المنطقة، إلا أن قدراته محدودة بسبب تراجع أعداد الجنود ونقص الأسلحة، فضلا عن ضلوعه في القتال في درعا، جنوبي البلاد، وتحضيره لحملة على إدلب في الشمال الغربي في الوقت نفسه.
وما زال المقاتلون الأكراد يسيطرون على الشمال-الشرقي، حتى وإن رفعوا مؤخرا العلم السوري بعد انتشار القوات الحكومية.
ومن المحتمل أن يهاجم تنظيم الدولة الإسلامية دير الزور، في حال مغادرة قوات التحالف الدولي للمنطقة، بمساعدة عناصر من القبائل العربية التي ترفض وجود قوات سوريا الديمقراطية. لكن الرئيس ترامب أوضح أن التحالف لن يتراجع عن حماية آبار النفط في المنطقة.
ويوضح الوضع في شمال-شرقي سوريا أنه حتى لو تعاملت قوات التحالف مع قتل البغدادي على أنه انتصارا رمزيا، إلا أن النزاعات الداخلية ستظل تمثل الوقود الأساسي لعودة تنظيم الدولة الإسلامية، ويظل وجود قوات التحالف على الأرض هو العامل الأكبر في ردع مقاتلي التنظيم.
[ad_2]
Source link