الأفيال “تضحي بحياتها لإنقاذ بعضها البعض”
[ad_1]
شهدت تايلاند الأسبوع الماضي واحدة من أكبر الحوادث المأساوية التي قتل فيها قطيع من الفيلة، إذ غرق 11 فيلا من قطيع واحد في أحد الأنهار.
وظُن في البداية أن ستة أفيال فقط غرقت. لكن عُثر على خمسة أفيال آخرى غرقى أيضا بعد أيام.
وخرج العاملون في حديقة خاو ياي الوطنية بتفسير للواقعة على أنها كانت مهمة إنقاذ. وأن الأفيال أثناء عبورها لنهر شلالات الجحيم، الذي يبلغ عمقه 150 مترا، انزلق أحد الفيلة الصغار، فانزلق الآخرون تباعا في محاولة لإنقاذه.
وعلى الرغم من أن فقدان 11 فيلا من هذه الفصيلة ليس كارثيا بالنسبة لبقاء النوع، إلا أن الواقعة تلفت انتباهنا إلى سمة التضحية الواضحة في هذه الأفيال.
وبعيدا عن العواطف، ما مدى صحة تحلي الأفيال بالمشاعر والمهارات التي تدفعها لإنقاذ حياة صغارها؟ والأهم، كيف يتأثر الناجون منهم بمثل هذه الوقائع؟
ودأب الدكتور جوشوا بلوتنيك، أستاذ علم النفس بجامعة نيويورك، على دراسة سلوك الأفيال في تايلاند لأكثر من عِقد.
وقال في حوار مع بي بي سي إنه في غياب الشهود، لا يمكن التكهن بما حدث. لكنه يقول إنه “من المعقول جدا حين تعرض أحد الأفيال في مجموعة ما للخطر، أن يتدخل الآخرون ويفعلوا كل ما في وسعهم لإنقاذه”.
وثمة دليل علمي موّثق على أن الأفيال ترصد الخطر، وتتعاون لتنفيذ مهمة إنقاذ.
لكن بلوتنيك لا يرجح “تدافع كل الأفيال نحو الشلال في مثل هذا الموقف الخطير”.
والراجح أن الأمر كان مجرد حادث بشع.
وتتفق الدكتورة راشيل دالي، المتخصصة في سلوك الأفيال في جامعة الطب البيطري في فيينا، مع الرأي القائل إن الأفيال تندفع بلا هوادة لإنقاذ فيل في خطر “حتى لو كلفها ذلك حياتها”.
“لكنها كائنات شديدة الذكاء”، فغالبا لديها القدرة على تقييم المخاطر قبل خوضها.
خطر واضح
يقود بيشيت نونتو مشروع التعايش بين الأفيال والإنسان في تايلاند، التابع لمكتب أبحاث وتطوير العلوم. ويدرس الأنماط السلوكية للأفيال.
وقال إن الظروف المعيشية في الحديقة وقت وقوع الحادث كانت مزرية، وكانت معروفة بأنها خطر على الأفيال، خاصة في موسم الفيضانات.
وفي عام 1992، نفقت ثمانية أفيال بعد تعثرها عند نفس الشلال، وقال المسؤولون عن الحديقة آنذاك إنهم رؤوا أُما تقفز وراء الفيل الصغير. كما يرجح سقوط دغفل (الفيل الصغير) في هذا الشلال عام 1987.
ووضع المسؤولون عن الحديقة أعمدة خرسانية حول مناطق الخطر، في محاولة لإبعاد الأفيال عنها ومنع وقوع المزيد من الحوادث.
لكنهم لم يستطعوا السيطرة على كل المناطق. وتدل آثار السير على أن المجموعة كانت تسير إلى جوار أحد الأسوار حتى عثرت على ثغرة عند قمة الشلال.
وقالت هيئة حماية الحدائق الوطنية والحياة البرية والنباتات إن الأفيال ربما كانت تبحث عن نبات معين ينمو في هذا المناطق سنويا، وربما خاضوا مغامرة الوصول إليه. كذلك يمكن أن يكونوا حاولوا تجنب التعامل مع البشر.
وقال مدير الهيئة إن “الأفيال لها طباع مثل البشر، منها المهذب، والمشاغب، واللطيف. وعندما تخرج إحداها من الطريق المعتاد، تواجه خطر السقوط.”
صدمة الناجين
لكن الدراما المرتبطة بالواقعة لم تنته، إذ نجت أم وصغيرها من القطيع. وكانا محبوسين في منطقة صخور زلقة في قاع الشلال، حتى تمكن المسؤولون من إنقاذهما.
وإذا كان الأفيال يتمتعون بالمشاعر والذكاء الذي يمكنها من فهم الخطر ومحاولة إنقاذ الآخرين، فكيف يكون الأمر بالنسبة للناجين؟
يقول بلوتنيك إن الأفيال “ذات عقل كبير، وذكية، واجتماعية، وعاطفية. وأعتقد أنها تعاني من نفس مشاعر الصدمة التي يمر بها البشر”.
والعلاقة الأسرية المفصلة لدى الأفيال غير معروفة حتى الآن، لكن حال نفوق الأم المسؤولة عن القطيع، تضيع معلومات هامة عن الحياة البرية يحتاج اكتسابها لعقود من الزمن.
وتقول دالي إن أعمار الأفيال تقدر بنفس طول أعمار البشر، ويعتمدون على تناقل الخبرات عبر الأجيال، لذا يتطلب الأمر فترات طويلة لملاحظة تأثير الفقد على الأفيال، ومدى تأثيره على سلوكها أو أنماطها المعتادة.
لكن المسؤولين في الحديقة يثقون في قدرة الفيلين الناجيين على البقاء على قيد الحياة واكتساب الخبرة المطلوبة لتجنب الشلالات.
وجاء في تقرير نونتو عن الحديقة إنه قد تكون هناك فيلة آخرى من نفس الأسرة ويمكن للفيلين الناجيين أن ينضما إليهم. كما ذكر أن الدراسات التي أُجريت على الفيلة التي عادت إلى البرية بعد الأسر، تشير إلى قدرة الأفيال على الانضمام إلى قطعان جديدة.
وقال: “يمكنهم التعايش والتكيف. ربما أيضا يلتقون بأفيال ذكور لإعادة بناء الأسرة”.
البرية ليست ودودة
وثمة رابط بين الفيلة والإنسان، فهي كائنات ارتبط بها البشر منذ أكثر من ألف عام. ورغم حجمها الهائل، إلا أنها تعيش في أسر مثلنا، وتبدو عليها علامات المرح، ويمكن رؤيتها وهي تحزن. وأمكننا بالفعل التأكد من هذا الأمر بعد الحادث الذي وقع في الحديقة.
وترى دالي أن الانضمام لمجموعات أخرى لا يساعد الأفيال بشكل تام.
“فالبشر لديهم مهارات معينة تساعدهم على استكمال حياتهم. وهذه المهارات قد لا تنطبق على حيوانات أخرى. لذا، فإن رؤية الأمور من منظور بشري لا تساعدنا دائما في فهم الأنواع الأخرى وما تحتاج إليه لاستكمال حياتها”.
وعند تنحية المشاعر جانبا، وتقييم ما يدفع الأفيال للتفكير والتصرف بطريقة معينة، قد يتمكن العلماء من منع حدوث كوارث مثل هذه.
ويقول بلوتنيك إنه مثل هذه الحوادث قد تكون نادرة “لكنها تنبهنا إلى أن البرية ليست مكانا ودودا، حتى بالنسبة لحيوانات بحجم الأفيال”.
ويعمل المسؤولون حاليا على انتشال أجسام الأفيال وفحصها، ثم دفنها في الحديقة. وستُحيا ذكراهم كل عام في مراسم التأبين التي تقام كل عام للأفيال النافقة.
ويقول نونتو إن الأمر “يجلب الكثير من الحزن للمسؤولين عن الحديقة لأنهم لا يريدون تكرار مثل هذه الحوادث. فالأمر مؤثر جدا بالنسبة للناس في تايلاند”.
[ad_2]
Source link