زوبعة عزل ترامب
من الواضح أن صقور الحزب الديمقراطي عازمون على عزل الرئيس ترامب من منصبه بكل الطرق المتاحة متى ما توافرت لديهم الأدلة التي تدينه وهذه المرة يبدو أنهم أخيرا عثروا على مبتغاهم في محتوى مكالمة تليفونية بين ترامب والرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي أكد الديمقراطيون أن ترامب أساء فيها استخدام السلطة من خلال محاولته الإساءة لجو بايدن المنافس الديمقراطي الأقوى له في انتخابات 2020 المقبلة.
وما فاقم من هذه الأزمة الجديدة لترامب الذي لاتتوقف الفضايح والمشاكل عنه منذ توليه المنصب الرئاسي عام 2016 أن المكالمة التي تم تسريبها من قبل البيت الأبيض موثقة وكشفت عن تفاصيل دقيقة وهو الأمر الذي أزعج ترامب كثيرا هذه المرة والذي عرف عنه مهاجمته الدائمة لخصومه من كافة الأطياف ولوسائل الإعلام وتشكيكه بالقضاء وحتى رئيس البنك الفيدرالي الأمريكي والذي لم يسلم من سلاطة لسانه.
والآن تدور العجلة وخاصة بين المشرعين وتحديدا من خصومه بالحزب الديمقراطي الذين لطالما عانوا من هجومه المتكرر عليهم لاستغلال هذه الفرصة الذهبية لإلحاق الضرر به عبر تسريع إجراءات التحقيق في هذه المكالمة محل الشبهة وحتى الكشف عن جميع مكالماته مع الزعماء الآخرين وتحديدا التي تخص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو ما قد يفتح الباب هنا عن مسألة التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية السابقة وكيف أثر الكرملين على نتائجها بفوز ترامب وخسارة منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون وهي المسألة التي كانت محور تحقيق خاص كلف به المحقق الخاص روبرت مولر وخلصت نتائجه التي ظهرت قبل 3 شهور إلى وجود تدخل روسي للتأثير على الانتخابات ولكن دون أي إدانة لترامب وهي النتيجة التي لم تعجب الديمقراطيين حينها إطلاقا لأنهم كانوا يسعون لإدانة ترامب فيها.
ومع قيام رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بالتعجيل في التحقيق في المكالمة الشهيرة ومطالبتها الجمهوريين بعدم عرقلة التحقيقات المقبلة كان الرد واضحا من الطرف الآخر بأن مساعيها لن تنجح بعزل ترامب حتى لو مضى مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون في التصويت على تنحيته من منصب الرئاسة عندما أكد رئيس مجلس الشيوخ ميتش مكونيل من جهته والذي يسيطر عليه الجمهوريون كأكثرية وهو المجلس الذي تتطلب موافقته النهائية للعزل بأنهم سيفشلون مساعي خصومهم الديمقراطيين بالتصويت ضد عزل ترامب.
ومن جهته فقد شن ترامب هجوما شرسا ضد بيلوسي والحزب الديقراطي في تصعيد لا سابق له بقوله في تغريدات له من أن الولايات المتحدة قد تشهد حربًا أهلية في حال نجح الديمقراطيون في الإطاحة به،مشيرا إلى أن بلاده ستكون أمام خيار استمراره أو الفوضى وهو مافسره خصومه على أنه سلوك يسعى فيه للتهويل وتخويف الأمة في حال عزله.
واستمرارا لحالة التحدي للديمقراطيين طالب ترامب باعتقال رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب آدم شيف بتهمة الخيانة العظمى واختلاق كلام خطير ونسبه له زورا في مكالمته مع الرئيس الأوكراني ،كما أكد ترامب على إصراره وحقه بلقاء الشخص المجهول الذي سرب مكالمته متهما إياه بأنه تجسس عليه بصورة غير قانونية ولكشف ما وصفه بالغش والتزوير الذي أحاط بسياق المكالمة محور التحقيق.
ولم يكتف ترامب بذلك فقط، فقد وجه إدارته بعدم التعاون في إجراءات التحقيق ضده وهو ما بدا واضحا للغاية عندما رفض وزير الخارجية مارك بومبيو مطالب من مشرعين ديمقراطيين بمجلس النواب للاستماع إلى شهادته مع خمس مسؤولين آخرين حاليين وسابقين بوزارته في إطار إجراءات مساءلة ترامب متهما الديمقراطيين بالتسلط والتنمر والترويع على حد وصفه.
بل وطالب بومبيو بحماية ما أسماه المبادىء الأساسية للفصل بين السلطات وحماية السلطات الممنوحة للسلطة التنفيذية وعدم انتهاكها من قبل الكونغرس بمجلسيه.
ويبدو أن مسألة إجراءات عزل ترامب ستستمر لفترة طويلة وستكون ساحة خصبة لوسائل الإعلام بالفترة المقبلة كعناوين رئيسية مع توقع شخصي بأن العزل لن يحدث وبأن ترامب سيستمر وبل سيفوز في الانتخابات المقبلة التي يدرك الديمقراطيون صعوبة الفوز بها ضده.
وهنا أتذكر مقولة زميل عزيز لي وعلى باع بخفايا الوضع الأمريكي بقوله أن عزل ترامب قد يقود لحرق البيت الأبيض في تعبير مجازي منه على حقيقة شخصية ترامب التي لاتقبل إلا التحدي والانتصار دائما!
ماجد العصفور