مظاهرات مصر: أسر تروي ملابسات “القبض العشوائي” على أبنائها بتهمة التظاهر
[ad_1]
“ذهب مع صديقين لتناول الطعام عقب انتهاء المباراة، وبينما كان يهم بركوب سيارته عائدا إلى المنزل، أوقفه رجال الأمن وقبضوا عليه وصديقيه،” هكذا وصفت”ليلى” ملابسات القبض على شقيقها “حسين” يوم الجمعة الموافق 20 سبتمبر/ أيلول، الذي شهد مظاهرات احتجاجية في عدد من المدن المصرية ضد الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وطلبت ليلى عدم الإفصاح عن اسمها وشقيقها خوفا من احتمال تعرضهما للأذى، لذا يشار إليهما في التقرير بأسماء مستعارة.
وقُبض على حسين، وهو شاب في أواخر العشرينيات، في أحد أحياء وسط القاهرة، وتقول شقيقته إنه ليس من المهتمين بالشأن العام على الإطلاق ولم يشارك في ثورة يناير/كانون الثاني 2011، ولم يكن حتى يعلم بوجود دعوات للتظاهر في هذا اليوم تحديدا.
وتظاهر مئات المحتجين ليل الجمعة 20 سبتمبر/ أيلول في ميدان التحرير بوسط القاهرة وآخرون في عدة مدن مصرية، بعد دعوة أطلقها المقاول المصري المقيم بإسبانيا محمد علي.
ونشر علي سلسلة من المقاطع المصورة اتهم فيها السيسي وكبار قادة الجيش بالفساد المالي وإهدار ملايين الجنيهات على بناء القصور والمشروعات العملاقة، بناء على عمله في مجال البناء مع الجيش على مدى 15 عاما.
ونفى السيسي الانتقادات الموجهة من جانب علي، وأشار إلى أنه سوف يستمر في بناء المزيد من القصور “التي تُبنى لصالح الدولة وليس لشخصه”.
“قبض عشوائي”
ظلت ليلى ووالدها ووالدتها يتنقلون من مركز شرطة لآخر في محيط وسط القاهرة حتى استدلوا على مكان وجود حسين.
وأمام واحد من تلك المراكز، لا تنسى ليلى مشاهد الأهالي الذين تجمعوا للسؤال عن ذويهم الذين قالت إن معظمهم قُبض عليه “بشكل عشوائي”.
وتقول ليلى “أذكر أنني شاهدت أماً تبكي وهي تقول إن ابنها الذي يبلغ من العمر 17 عاما، كان ذاهبا إلى وسط القاهرة لشراء ملابس استعدادا لعامه الأول في الجامعة، بينما سمعت من أم أخرى أن ابنها، وهو طالب في المرحلة الثانوية، كان يشتري بعض لوازم المنزل”.
وقال مركز حقوقي مصري إن قوات الأمن أطلقت سراح عدد كبير من معتقلي أحداث يومي 20 و27 سبتمبر/ أيلول الجاري بمحافظات البحيرة والإسكندرية والسويس، دون أن تحرر لهم محاضر أو يتم عرضهم على النيابات.
ولم يحدد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والذي يقوم بحصر أعداد المقبوض عليهم والمختفين منذ العشرين من سبتمبر/أيلول بناء على ما يتلقاه من بلاغات من الأهالي، عدد من أطلق سراحهم لكنه أشار إلى أن بعضا من أهالي المقبوض عليهم أكدوا نبأ الإفراج عنهم.
وقدّر محامون ونشطاء ومراكز حقوقية عدد المعتقلين بأكثر من 2200 شخص، تم التحقيق مع 1400 منهم، بينما لم يتم تحديد موقف الباقين.
وكان النائب العام المصري قد أصدر بيانا الخميس الماضي أكد فيه أنه تم التحقيق مع نحو ألف شخص على خلفية تظاهرات يوم 20 سبتمبر/أيلول الجاري، وأوضح حينها أنه سيخلي سبيل “من وضعوا أنفسهم موضع الشبهات غير قاصدين ارتكاب جرائم” وفق تعبيره.
وطالت التوقيفات ساسة بارزين وأساتذة جامعة ومحامين وحقوقيون على خلفية اتهامات بالتحريض على التظاهر ونشر أخبار كاذبة.
وأوضح محامون بالمركز الحقوقي المصري أن عمليات القبض لم تكن يوم التظاهر فحسب بل استمرت في الأيام التالية عليه، كما أن بعض المقبوض عليهم غير مسيس، وتصادف وجوده في مكان الاحتجاجات من دون أن يشارك فيها. وأصدرت النيابة العامة بيانا قالت فيه إنها تحقق حاليا مع حوالي ألف شخص.
“خوف دائم”
بعد أيام قليلة ظهر حسين في النيابة، وأخبر ليلى أنه لم يتعرض لأي سوء معاملة، وتقول ليلى إن النيابة قررت حبس حسين 15 يوما على ذمة التحقيقات ووجهت له “قائمة الاتهامات المعتادة وهي التظاهر من دون ترخيص وبث أخبار لتكدير الأمن العام والانضمام لجماعة إثارية” على حد قولها.
وتقول إنها شاهدت داخل مقر النيابة عشرات الأشخاص دون الثامنة عشرة من العمر، كما شاهدت أحد المقبوض عليهم وهو رجل في أواخر الثلاثينيات “يبكي بشكل هستيري. لا يتوقف عن النحيب. كان في حالة شديدة من الصدمة ولم يكن حتى يتذكر عنوان منزله أو رقم هاتف أي فرد من أفراد أسرته”.
تعيش ليلى ووالداها الآن على أمل خروج حسين بعد انقضاء خمسة عشر يوما. وتقول إنها فقدت الإحساس بالأمان داخل مصر فلم تعد تغادر الحي الذي تسكن فيه. كما أن والديها “باتا غير قادرين على النوم أو الراحة أو تناول الطعام أو حتى رؤية أي شخص”.
وتضيف “كنت في السابق أرفض أي فرصة للعمل خارج البلاد. لكنني الآن أنتظر خروج أخي لأرحل عن مصر. فنحن نعيش في خوف دائم”.
الدولة تنفي
وقالت وزارة الخارجية المصرية إنه لا يوجد مواطن في مصر يتم القبض عليه أو محاكمته بسبب ممارسته نشاطاً مشروعاً، أو لتوجيهه انتقادات ضد الحكومة المصرية، وإنما لاقترافه جرائم يعاقب عليها القانون.
وأضاف أحمد حافظ، المتحدث باسم الخارجية، أن الحق في التظاهر السلمي مكفول وفقا للدستور والقانون، على أن يتم ممارسة هذا الحق وفقاً للإجراءات القانونية اللازمة، كما في العديد من دول العالم، بإخطار الجهات المعنية، دون التسبب في ترويع المواطنين وانتهاك حريات الآخرين، على حد وصفه.
وكانت منظمة العفو الدولية أصدرت بيانا قالت فيه إن حملة الاعتقالات تهدف “لإسكات أصوات المعارضين والحيلولة دون تنظيم المزيد من التظاهرات”.
وقالت ناجية بونعيم، نائبة المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، “إن العالم لا يجب أن يصمت بينما يعصف الرئيس السيسي بكل حقوق المصريين في التظاهر السلمي وحرية التعبير عن الرأي”.
ودعا محمد علي لخروج موجة أخرى من التظاهرات يوم الجمعة الموافق 27 سبتمبر/أيلول. لكن لم تلق هذه الدعوة صدى يذكر في الشارع المصري خاصة في ظل تشديدات أمنية مكثفة ربما لم تعرفها القاهرة تحديدا منذ سنوات. فقد أغلقت جميع مداخل ميدان التحرير وكذلك أربع محطات للمترو في وسط المدينة فضلا عن الانتشار الأمني الكثيف في مختلف أنحاء العاصمة.
وعادت العفو الدولية لانتقاد السلطات مرة أخرى واتهامها بحرمان المصريين من حقهم في حرية التنقل والتجمع السلمي، لترد الهيئة العامة للاستعلامات، المسؤولة عن عمل الصحفيين الأجانب في مصر، قائلة إن هذه الاتهامات مسيسة ومنحازة ولا علاقة لها بحقوق الإنسان، موضحة أن إغلاق محطات المترو كان بهدف الصيانة.
محامون قيد الاحتجاز
“لم نتوقع على الإطلاق أن يقبض عليها فقد كانت تراقب المشهد من بعيد ولم تشارك في الاحتجاجات. وكان كل دورها يقتصر على ممارسة عملها كمحامية،” هكذا علقت ميسون المصري، شقيقة المحامية الحقوقية ماهينور المصري التي قبض عليها بشكل مفاجيء من أمام مقر نيابة أمن الدولة بعد أن أنهت عملها في الدفاع عن بعض الموقوفين.
وقالت ميسون لبي بي سي إن القبض عليها “تم عن طريق خطفها من أمام النيابة وهو ما فوجئنا به جميعا. فهو أمر غير مبرر، لأن ماهينور موجودة يوميا في المحاكم والنيابات. وفي المرات السابقة التي قبض عليها كانت تذهب طواعية لتنفيذ أمر الضبط والإحضار ولم يحدث مطلقا أن تهربت.”
وسجنت ماهينور أكثر من مرة خلال السنوات الست الماضية في قضايا تتعلق بالتظاهر والاعتصام.
لكن ماهينور لم تكن المحامية الوحيدة التي ألقي القبض عليها أثناء ممارسة عملها. فقد لاقى أكثر من محامي نفس المصير خلال الأيام القليلة الماضية، من بينهم المحامي الحقوقي محمد الباقر الذي تم التحفظ عليه داخل مقر النيابة بينما كان يدافع عن الناشط علاء عبدالفتاح.
وقبض على علاء بينما كان يستعد لمغادرة مركز الشرطة حيث يقضي 12 ساعة يوميا تحت مراقبة الشرطة. واحتجز علاء ومحمد مجددا 15 يوما على ذمة التحقيق بتهمة نشر أخبار كاذبة والتحريض على التظاهر.
متهم دون محام
ويرى علاء عبدالتواب، مدير الوحدة القانونية بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن عمليات القبض تهدف إلى بث الخوف في نفوس المحامين الحقوقيين لكنه يؤكد أن “أولئك المودعين قيد الاحتجاز حاليا سيعاودون ممارسة مهنتهم فور خروجهم. ندرك أن مهنتنا تحتوي على نسبة من المخاطرة، لكنها رسالتنا ولن نتراجع عن أدائها”.
وقال عبدالتواب إن الأعداد الضخمة للموقوفين مثلت تحديا حقيقيا للمحامين، مضيفا أن “بعض المحامين طالبوا، عبر الفيسبوك، زملاءهم بالتوجه لمقار النيابات للدفاع عن المحتجزين، لأن عددنا كماحمين لا يوازي مطلقا عدد المقبوض عليهم.
وأوضح أنه بسبب زيادة عدد الموقوفين مقارنة بعدد المحامين، فإن بعض المحتجزين عرضوا على النيابة من دون محام، مشيرا إلى أن أي اعترافات يدلي بها أي متهم من دون حضور محام لا يعتد بها.
من جهتها، استنكرت نقابة المحامين المصريين عملية القبض على المحامين. وقالت النقابة في بيان إن هذا الإجراء يؤدي إلى إسقاط حق الدفاع عن المتهمين ويهدد دور المحامي الدستوري والقانوني.
لكن عبدالتواب يرى أن هذا البيان صدر متأخرا وجاء ضعيفا. ويقول إن المحامين الآن يعملون من دون أن يكون هناك مظلة قوية تحميهم.
[ad_2]
Source link