أساليب مبتكرة لمكافحة جرائم الحياة البرية
[ad_1]
لم يكن من الصعب تحديد سبب الوفاة، فقد استخرجت فيونا هووي العيار الناري الذي استقر في مؤخرة رقبة الضحية، التي فارقت الحياة قبل أسبوع، وعثر أحد المارة على جثتها بالمصادفة في وسط أحد المتنزهات.
هذه الضحية الملقاة على الطاولة ليست ضحية معتادة، بل صقر يافع، أما فيونا هووي فهي عالمة أمراض بيطرية.
لكن جرائم الحياة البرية لا تؤخذ عادة على محمل الجد، رغم أن تهريب الحيوانات البرية يعد رابع أكبر تجارة غير مشروعة في العالم، بعد الإتجار بالبشر والأسلحة والمخدرات.
وفي أوروبا، نادرا ما تلقي السلطات القبض على من يضبط متلبسا بتهريب الحيوانات أو قتلها دون مبرر شرعي.
يقول نيك ليال، رئيس غرفة العمليات بقسم شرطة بيدفوردشير بالمملكة المتحدة ورئيس مجلس إدارة مجموعة “رابتور بيرسكيوشن” للتحقيق في الجرائم التي تتضمن طيورا جارحة: “ترتكب معظم جرائم الحياة البرية في مناطق نائية، ونادرا ما يوجد شهود. ولهذا تمثل الأدلة الجنائية المادية التي تجمع باستخدام أساليب الطب الشرعي أهمية كبيرة لهذه القضايا”. وإذا غابت هذه الأدلة قد لا تحال القضية إلى المحكمة.
وقد أدى تزايد الحاجة لتحسين طرق جمع الأدلة من مسرح الجريمة للربط بين جرائم الحياة البرية وبين المشتبه بهم في ارتكابها، إلى تطوير مجال “الطب الشرعي للحياة البرية”، إذ أصبح تسلسل الحمض النووي وتحليل البصمات هما السلاح الجديد لمكافحة جرائم الحياة البرية.
فعند العثور على جيفة في البرية، قد يصعب التعرف على الضحية وإثبات القصد الجنائي، لأن بقايا الجيفة كثيرا ما تكون غير مكتملة أو بعيدة عن موقع ارتكاب الجريمة.
وتقول هووي إنها تبحث عن الأدلة الجنائية، فقد تجد مثلا دليلا على أن الحيوان أصيب بذعر قبل الموت، ثم تبحث عن أسباب إصابته بالذعر، سواء كان طلقا ناريا أو وقع في مصيدة أو أصيب بجرح آخر. وهذا يتطلب خبرة بالسلوكيات الطبيعية وغير الطبيعة للحيوانات.
وتقول ناديا مورف، الباحثة بمعهد الطب الشرعي بجامعة زيوريخ بسويسرا: “قد يصعب في البداية تحديد نوع الحيوان عند إعادته من مسرح الجريمة وما إذا كان يصنف كحيوان محمي، ومن ثم يكون قتله غير شرعي”.
ويساعد الطب الشرعي للحياة البرية في التعرف على أنواع الحيوانات. فعند مصادرة لحوم حيوانات برية في المطار على سبيل المثال، سيحتاج رجال الشرطة في المطار إلى معرفة نوع الحيوان الذي أُخذ منه اللحم قبل الشروع في إجراء التحقيقات.
ويعتمد الخبراء على الأساليب التقليدية لجمع عينات الحمض النووي، سواء من أجزاء الحيوان أو دمه أو ريشه أو عظامه، ثم يحاولون التوصل إلى سلسلة الحمض النووي التي تتطابق مع سلاسل الحمض النووي المعروفة المدرجة في قواعد البيانات المرجعية لتحديد نوع الحيوان.
لكن قواعد البيانات لسلاسل الحمض النووي ليست مكتملة ولا يعول عليها، وتقول لوسي ويبستر، عالمة الطب الشرعي للحياة البرية، إن البيانات في موقع “جين بانك”، على سبيل المثال، يضيفها أشخاص عاديون قد ينسبون بيانات وراثية خاطئة لأنواع الحيوانات”.
ومن المهم أيضا معرفة البلد الذي نقل منه الحيوان أو النبات، لأن اتفاقية التجارة الدولية في أنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض تحمي بعض الأنواع في بلدان محددة دون غيرها. وقد يساعد التعرف على مصدر أجزاء الحيوانات في ملاحقة شبكات الإتجار غير الشرعي في الحيوانات.
إن التعرف على مصدر المنتجات المصنوعة من العاج على سبيل المثال قد يكشف عن المناطق التي ينتشر فيها الصيد غير الشرعي.
وتقول ويبستر إن تحليل النظائر المستقرة هو إحدى الطرق المفضلة لتحديد موطن الحيوان وما إذا كان بريا أم كان يتم تربيته في الأسر.
وقد استخدمت ويبستر مؤخرا تسلسل الحمض النووي لإثبات إدانة شخص متهم بسرقة فرخ صقر العوسق بعد أن عُثر على ريش العوسق على سترته.
وقدم علماء ألمان من الصندوق العالمي للحياة البرية بألمانيا مبادرة باسم “أيفوري أي دي” لمكافحة تهريب الحيوانات البرية على مستوى العالم. وأثبت الفريق أنه من الممكن تحديد عمر عينات العاج باستخدام أساليب تحليل النظائر المستقرة والمشعة، ومضاهاة سماتها بالبيانات المسجلة في قاعدة بيانات مرجعية مجانية تضم أكثر من 700 عينة عاج من الدول التي تعيش فيها الأفيال في أفريقيا وآسيا.
ويقول جو ميلينغتون، خبير الطب الشرعي المستقل، إن المحققين في جرائم الحياة البرية يجدون صعوبة في إثبات ارتكاب المشتبه به للجريمة، رغم معرفتهم بنوع الحيوان وطبيعة الجريمة. ولهذا أثيرت نقاشات حول إمكانية تطبيق أساليب الطب الشرعي البشري، مثل تحليل الحمض النووي وعلم الأمراض والبصمات ونمط بقع الدم، على الحيوانات.
وثمة أمثلة عديدة للأبحاث في هذا المجال، أبرزها التعاون الذي جرى بين ليون بارون من جامعة كينغز كوليدج بلندن ومارك موزيلي من شرطة لندن لتطوير مجموعة أدوات كشف البصمات على العاج، التي تتضمن مسحوقا يمكنه إظهار البصمات على العاج بعد 28 يوما من لمسها.
ويقول بارون إن بصمات الأصابع على العاج تزول سريعا، إذ تمتصها الثقوب الصغيرة على سطحه. لكن جسيمات المسحوق الجديد الذي نستخدمه صغيرة نسبيا وقد تلتصق ببقايا البصمات الأصغر حجما على العاج وتعطي صورا أوضح.
وأثبت بارون أيضا أنه من الممكن التنبؤ بعمر الشخص من الحمض النووي في دمه باستخدام الذكاء الاصطناعي. ويأمل أن تطبق هذه التقنية على بقع الدماء في مسرح الجريمة، وقد تساعد أيضا في الكشف عن غموض جرائم الحياة البرية مستقبلا.
لكن نيك ليال يقول إن هذه التقنيات المتطورة يجب أن تقترن بتشريعات صارمة جديدة. ويضيف: “أساليب الطب الشرعي الحديثة تمثل قفزة في مجال مكافحة جرائم الحياة البرية، لكن هذه الجرائم لن نقضي عليها تماما إلا بتطبيق قوانين أكثر صرامة”.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Future
[ad_2]
Source link