أخبار عربية

هل سيغير البشر شكل السماء بنجوم اصطناعية؟

[ad_1]

هل سيغير البشر شكل السماء بنجوم اصطناعية؟

مصدر الصورة
Alamy

تكسو جدران أحد الكهوف في جنوب غربي فرنسا، نقوش رائعة لمواشي برية وثور أمريكي وخيول وطيور، رسمها فنان قبل نحو 40 ألف عام. وتظهر فوق كتف أحد الثيران سبع نقاط تدل على أن الأعمال الفنية التي تركها البشر في عصور ما قبل التاريخ تخفي أسرارا عن الأجرام السماوية.

وأشار بعض العلماء إلى أن هذه النقاط تمثل مجموعة ساطعة من النجوم التي تشكل جزءا من كوكبة الثور، التي تزين سماء أوروبا في فصل الشتاء. ولو صح هذا الافتراض، فربما يكون البشر الأوائل الذين استوطنوا أوروبا أكثر خبرة بمواقع النجوم مما نظن.

وبعد آلاف السنين، رصد الرومان أشكالا مشابهة لومضات ضوئية ناتجة عن كرات نارية بعيدة. واستدل المستكشفون الأوروبيون والفايكنغ بالنجوم في رحلاتهم إلى الأراضي الجديدة.

ويوجد في السماء 6,000 نجم يمكن رؤيتها بالعين المجردة، منها بعض العلامات الواضحة التي تمثل أهمية كبيرة للبشر، مثل النجم القطبي، أو النجم الشمالي الذي يهتدى به البحارة منذ آلاف السنين لأنه يبدو ثابتا لمن يبحرون في نصف الكرة الشمالي. ويساعدنا القمر على تحديد بداية الأشهر ونهايتها.

وقد أتاحت لنا أجهزة التليكسوب مؤخرا الفرصة لإلقاء نظرة على الكون خارج نظامنا الشمسي، حيث تحدث ظاهرة المستعر الأعظم وتوجد الثقوب السوداء الشاسعة القادرة على ابتلاع مجرات بأكملها.

مصدر الصورة
SpaceX

Image caption

أطلقت شركة “سبيس إكس” مؤخرا 60 قمرا صناعيا من مجموعة أقمار “ستارلينك” في المدار حول الأرض، شكلت سلسلة من النجوم الاصطناعية التي يمكن رؤيتها بوضوح من الأرض

لكن في عصر الفضاء، بات من الممكن تغيير شكل السماء بطرق اصطناعية. إذ يمكن الآن رصد آلاف الأقمار الصناعية ومحطة الفضاء الدولية ليلا عندما تنعكس على سطحها أشعة الشمس أثناء دورانها حول الأرض، لتبدو كما لو كانت نجوما تتحرك بثبات في السماء.

وقد أصبحت محطة الفضاء الدولية التي تدور على ارتفاع 250 ميل فوق الأرض، ثالث أكثر الأجسام الفضائية سطوعا في السماء.

لكن السماء قد تطرأ عليها تغيرات لم نشهد لها مثيلا على مدار التاريخ، فمن المتوقع أن تضيئها مجموعات من الأقمار الصناعية والأعمال الفنية التي تدور حول الأرض، لتشكل “نجوما” اصطناعية جديدة ستعتاد عليها الأجيال القادمة.

نجوم جديدة

وفي ظل تزايد اعتمادنا على التكنولوجيا الفضائية، أصبحت السماء مكتظة بالأقمار الصناعية التي يطلق المئات منها سنويا. وباتت هذه الأقمار مصدر إزعاج لعلماء الفلك الذين يسبرون أغوار الكون.

وتقول هنّا باينارد، عالمة فلك بالمرصد الملكي في غرينيتش بلندن، إن تأثير هذه الأقمار الصناعية يعادل تأثير التلوث الضوئي في المدن الذي يمنعنا من رؤية النجوم الأكثر خفوتا.

وفي الوقت نفسه، تعتزم بعض الشركات إطلاق أنواع جديدة من المركبات الفضائية إلى المدار حول الأرض لأغراض جمالية، مثل شركة “ستارت روكيت” الروسية التي أعلنت عن اعتزامها إطلاق ما يصل إلى 300 قمر صناعي صغير لها أشرعة عاكسة إلى المدار المنخفض حول الأرض.

وستصطف هذه الأقمار الصناعية لتجسد شعارات بعض الشركات. وعندما تنعكس أشعة الشمس على هذه الأقمار ستبدو كما لو كانت نجوما وسط كوكبة سماوية. وهذا يعني أننا سنرى كوكبات العلامات التجارية لنحو ست دقائق كل ليلة كلما نظرنا إلى السماء.

مصدر الصورة
NASA

Image caption

تلمع محطة الفضاء الدولية وسط السماء ليلا عندما تميل مصفوفات الخلايا الشمسية بزاوية محددة لتعكس أشعة الشمس في الاتجاه الصحيح

وأطلقت الشركة بالفعل مسبارا في طبقة الستراتوسفير مزودا بطبقة عاكسة تقول الشركة إنه يمكن رؤيته من الأرض. وتتطلع الشركة إلى تدشين خدمتها الجديدة في عام 2021 بعرض شعار السلام في السماء.

وبينما أكدت الشركة أن أقمارها الصناعية لن تمر فوق المحميات الطبيعية ولا يمكن رؤيتها من خارج المدن الكبرى، إلا أن خطتها قوبلت بمعارضة شديدة من الشغوفين بمراقبة النجوم سواء من باب الهواية أو بحكم المهنة.

وتقول غنى الحلبي، عالمة الفيزياء الفلكية بجامعة كامبريدج، “إن الرأسمالية وصلت إلى طبقات الجو العليا، وأعارض جملة وتفصيلا هذا التلوث الفضائي ومحاولات تحويل السماء إلى سلعة”.

وأعلنت أيضا شركة “معهد بحوث تشنغدو لنظام تكنولوجيا الإلكترونيات الدقيقة والعلوم الفضائية” الصينية، عن خططها الطموحة لإطلاق “قمر زائف” بحلول عام 2020.

وذكر رئيس مجلس إدارة الشركة أن هذا القمر سيعكس ضوء الشمس ليضيء مساحة تتراوح ما بين ستة أميال و50 ميلا. وأكد في حوار صحفي أن هذا القمر الزائف سيكون أكثر سطوعا من القمر الحقيقي بثمانية أمثال.

مصدر الصورة
Esa

Image caption

تراقب الوكالات الفضائية، مثل وكالة “ناسا” والوكالة الأوروبية للفضاء شظايا ونفايات تدور حول الأرض لتلافي مخاطر اصطدامها بالمركبات الفضائية العاملة

وفي عام 2018، تعاون متحف نيفادا للفنون مع الفنان تريفور باغلان لإطلاق منحوتة عاكسة على شكل ألماسة إلى المدار الأرضي على أمل أن تبدو من الأرض كما لو كانت نجما جديدا. وكان الهدف من المشروع تسليط الضوء على استغلال الفضاء الخارجي للأغراض السياسية وإثارة تساؤلات حول الجهات التي يحق لها الاستفادة من الفضاء الخارجي كوسيلة للتربح أو استخدامه كسلاح.

لكن عقب إطلاق المشروع، أغلقت إدارة ترامب المؤسسات الحكومية الأمريكية ولم يتمكن الفريق من الحصول على ترخيص لوضع عملهم الفني في مكانه وبعد 35 يوما فقد الفريق الاتصال بالعاكس المداري.

وعلى الرغم من أن باغلان لا يزال يأمل أن يرى هذا العاكس في السماء يضيء وسط النجوم، إلا أن هذا العمل الفني حتى الآن هو جزء من كتلة النفايات الفضائية، المكونة من أجزاء مركبات فضائية قديمة وأقمار صناعية خرجت من الخدمة وحتى فضلات المراحيض المجمدة، التي تدور حول الأرض.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

العاكس المداري، الذي يظهر في الصورة في معرض سياتل للفنون، كان من المفترض أن يصبح أول منحوتة فضائية في العالم

وبينما ترى الحلبي أنه من الغرور أن يظن البشر أنه بإمكانهم ابتكار عمل فني لتجميل السماء، فإن ويليام فوكس، مدير مركز الفن والبيئة بمتحف نيفادا للفنون، يرى أن استخدام السماء كخلفية للأعمال الفنية له أهمية كبيرة. وقد استخدم البشر الأعمال الفنية منذ ملايين السنين لفهم البيئة المحيطة بهم، وتشهد على ذلك رسومات الكهف في فرنسا.

وتعتزم الصين بناء محطتها الفضائية الخاصة التي ستبدو واضحة بالعين المجردة من وقت لآخر. وحصلت شركة “سبيس إكس” على ترخيص لإطلاق نحو 12,000 قمر صناعي ضمن مشروع “ستارلينك” لتوفير خدمة الإنترنت عالي السرعة للمواقع النائية. وأطلقت الشركة بالفعل 60 قمرا اصطناعيا في مايو/ أيار الماضي على ارتفاع 273 ميلا من الأرض، ورصدها مراقبو النجوم على الفور.

وتقول الشركة إن الأقمار الصناعية ستصبح أقل سطوعا عندما تنتقل إلى المدارات الأكثر ارتفاعا حول الأرض.

مصدر الصورة
SpaceX

Image caption

سيزداد الفضاء الخارجي ازدحاما مع إطلاق أقمار صناعية جديدة في المدارات حول الأرض

وتخطط ثماني شركات أخرى لتوفير خدمات الإنترنت الفضائي عبر الأقمار الصناعية، منها “أنظمة كوبير” التابعة لأمازون التي تقدمت بطلب للحصول على تصريح لإطلاق 3,236 قمر صناعي لتوفير خدمة الإنترنت الفضائي.

لكن كلما زادت المركبات الفضائية في السماء زادت مخاطر وقوع الحوادث. إذ يوجد في الوقت الحالي 8,400 طن من قطع النفايات التي تطوف في المدارات حول الأرض بسرعات تصل إلى 18,000 متر في الساعة.

وهذا الحطام الفضائي المندفع كفيل بتدمير الأقمار الصناعية في حالة الاصطدام بها. وفي عام 2009، اصطدم قمر صناعي روسي معطل بآخر أمريكي خاص، وتهشم القمران إلى 2,000 قطعة.

وتراقب وكالة ناسا في الوقت الحالي آلاف القطع من النفايات الفضائية وتعمل باستمرار على تحريك الأقمار الصناعية لتفادي اصطدامها بالنفايات الفضائية.

صحيح أن هناك لوائح وتشريعات دولية لوضع حد للحطام الفضائي، واقترح البعض تنظيف الفضاء باستخدام الشباك لالتقاط النفايات الفضائية، لكن هناك من يرون أن الحل هو تحويل النفايات إلى أعمال فنية.

ويتعاون الفنان الدنماركي دان روزيغارد مع وكالة الفضاء الأوروبية في معمل النفايات الفضائية لابتكار حلول للقضاء على مشكلة النفايات الفضائية، منها توجيه قطع الحطام الفضائي إلى الغلاف الجوي للأرض لتحترق في وقت محدد بحيث تتحول إلى شهب اصطناعية تضيء السماء كالألعاب النارية.

ولو نجحت هذه المحاولة ستعيد إلى الواجهة بعض التساؤلات التي ظلت تؤرق البشر منذ أن ترك أسلافنا بصمتهم في كهوف فرنسا. فهل هذه الرسومات التي تظهر حيوانات ونجوم مجرد نقوش جمالية أم لها دلالات أعمق؟ وهل تدل على براعة البشر أم مجرد خطوط عبثية تشوه جمال البيئة التي وجدنا أنفسنا فيها؟

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Future

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى