أخبار عربية

كيف يؤثر توقيت الإصابة بالمرض في سرعة الشفاء منه؟

[ad_1]

كيف يؤثر توقيت الإصابة بالمرض في سرعة الشفاء؟

مصدر الصورة
Getty Images

إذا نظرت إلى جلدك في النهار قد لا تجده مختلفا عما كان عليه منذ 12 ساعة مضت. لكن إذا أصبت بجرح أو حرق ستلاحظ أن الجروح تلتئم بوتيرة أسرع مرتين حال حدوث الإصابة أثناء النهار منها حال حدوث الإصابة أثناء الليل.

وهذا الاختلاف في استجابة الجسم لا يقتصر على الإصابات، بل يُنصح أيضا بالحصول على لقاح الأنفلونزا الموسمية في الصباح، لأن عدد الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم في حالة الحصول على اللقاح بين الساعة التاسعة والساعة 11 صباحا سيكون أكثر أربع مرات مقارنة بعدد الأجسام المضادة التي ينتجها في المساء.

وعلى النقيض، إذا احتجت إجراء جراحة في عضلة القلب، فإن فرص بقائك على قيد الحياة لسنوات طويلة تكون أفضل إذا أجريت الجراحة بعد الظهر.

إذ يتحكم في أنشطة الخلايا والأنسجة الموجودة في كل أجزاء الجسم من الدماغ إلى الجهاز المناعي، إيقاع حيوي يومي، وبات واضحا أنه يتحكم أيضا في وتيرة التعافي من الإصابات والأمراض.

وتقول تامي مارتينو، مديرة مركز فحوصات القلب والأوعية الدموية بجامعة غويلف في أونتاريو بكندا، إن العمليات الفسيولوجية بالجسم نهارا تختلف عنها في المساء. وقد يساعدنا فهم هذا الإيقاع الحيوي اليومي في تحديد الأوقات التي تكون فيها العقاقير والجراحات أكثر فعالية في علاج الأمراض، من السرطان وأمراض القلب وحتى التهاب المفاصل والحساسية، ويكون فيها المريض أقل عرضة للإصابة بالمضاعفات.

وقد تؤدي تقوية هذا الإيقاع الداخلي اليومي إلى تسريع تعافي المريض وتخفيف بعض أعراض الأمراض البدنية. وتقول مارتينو: “إن أبحاث الإيقاع الحيوي اليومي قد تغير الطريقة التي نتعامل بها مع أساليب الرعاية الصحية.”

لكن فكرة اختلاف العمليات الفسيولوجية من ساعة لأخرى ليست بالجديدة، إذ لاحظ الطبيب الإغريقي أبقراط أن الحمى تشتد وتقل حدتها في أوقات معينة على مدار 24 ساعة، وحدد الطب التقليدي الصيني الأوقات التي يصل فيها نشاط أعضاء الجسم المختلفة إلى ذروته، مثل الرئة بين الساعة الثالثة صباحا والخامسة مساءا والقلب بين الساعة 11 صباحا والواحدة مساء، وهكذا.

لكن أنظار الباحثين اتجهت مؤخرا إلى تأثير الساعة البيولوجية على المرض والعلاج. وذكرت دراسات أن الإيقاع الحيوي اليومي قد يساعدنا في الاستعداد للتغيرات البيئية التي تمليها دورة الليل والنهار.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

يكون الجسم أكثر قدرة على حماية نفسه من فيروس الأنفلونزا في حالة الحصول على لقاح الأنفلونزا في الصباح مقارنة بالحصول عليه في المساء

ويقول جون أونيل، عالم أحياء الإيقاع اليومي بمعمل الأحياء الجزيئية بجامعة كامبريدج، إن خلايا الجسم تطورت لتساعد على التئام الجروح بفعالية في الوقت الذي من المرجح أن يصاب فيه المرء بالجروح، وهو أثناء النهار، لأنه من المستبعد تماما أن يصاب الشخص بجروح أثناء النوم في منتصف الليل.

واكتشف أونيل أن الخلايا الليفية، التي تساعد في التئام الأنسجة المصابة بإنتاج الكولاجين لتلتصق به خلايا الجلد، تنتقل إلى المناطق المصابة بوتيرة أسرع أثناء النهار.

وحلل أونيل وفريقه بيانات من قاعدة بيانات إصابات الحروق العالمية، ولاحظوا وجود فارق بنحو الضعف في سرعة التئام الجروح بسبب الساعة البيولوجية. إذ تأخر التئام الحروق التي أصيب بها المرضى أثناء الليل لنحو 11 يوما مقارنة بالحروق التي أصيب بها المرضى أثناء النهار.

ويخضع جهازنا المناعي أيضا للإيقاع الحيوي اليومي. وتقول راشيل إدغار، عالمة فيروسات بجامعة إمبريال كوليدج بلندن، إن استجابة أجسامنا لمسببات الأمراض تختلف من وقت لآخر، وربما قد اكتسبت أجسامنا هذه الميزة لحمايتنا من الاستجابة المفرطة للجهاز المناعي.

ولاحظت إدغار في إحدى دراساتها، أن قدرة فيروس الكلأ على التكاثر لدى الفئران التي أصيبت به في بداية فترة الراحة، تفوق قدرته على التكاثر لدى الفئران التي أصيبت به أثناء فترة نشاطها بعشرة أمثال. وقد يعزى ذلك إلى التغيرات في نشاط نظام المناعة وفي الإيقاع اليومي للخلايا المصابة.

وتتفق هذه النتائج مع نتائج دراسة أخرى على البشر، خلصت إلى أن استجابة الجهاز المناعي للقاح الأنفلونزا الموسمية تكون أقوى أثناء النهار مقارنة باستجابته حال الحصول عليه في المساء.

وخلص بحث إلى أن نسبة نجاة الفئران التي أصيبت بتعفن الدم كانت 20 في المئة فقط حال حقنها أثناء الليل، مقارنة بأكثر من 90 في المئة عند حقن الفئران أثناء فترة نشاطها.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

تناول بعض العقاقير أثناء النهار بدلا من المساء، قد يؤثر على مدى فعاليتها في العلاج

وقد تفتح هذه النتائج آفاقا جديدة لعلاج الأمراض المعدية. وتقول إدغار: “إذا توصلنا إلى الوقت الذي ينتشر فيه الفيروس إلى الخلايا المجاورة، قد نتمكن من إعطاء المريض مضادات الفيروسات في الوقت الذي ستكون فيه أكثر فعالية في وقف انتشارها، وهذا سيقلل بدوره من كمية مضادات الفيروسات التي يحتاجها المريض”.

وهذا ينسحب على أكثر من نصف عقاقير منظمة الصحة العالمية الأساسية، التي قد تصبح أكثر أو أقل فعالية بحسب الوقت الذي يتناولها فيه المريض، منها المسكنات المعتادة وأدوية ضغط الدم وقرح الجهاز الهضمي والربو والسرطان.

إذ لوحظ أن أدوية ضغط الدم مثل، فالستاران، تكون أكثر فعالية بنسبة 60 في المئة إذا تناولها المريض مساء، مقارنة بتناولها في الصباح عقب الاستيقاظ. بينما أشارت دراسات إلى أن الأسبرين وبعض مضادات الحساسية تكون أكثر فعالية عند تناولها في المساء.

وأشارت دراسة حديثة إلى أن العلاج الإشعاعي قد يكون أكثر فعالية في المساء منه في الصباح.

إلا أن تحديد الوقت الذي قد تكون فيه الأدوية والعلاجات أكثر فعالية ليس سهلا. إذ يواجه الباحثون في هذا المجال تحديات عديدة، منها التكاليف الباهظة للتجارب السريرية والتزام المرضى بالتعليمات والعلاج وضمان تناولهم للدواء في الوقت المحدد.

أضف إلى ذلك أن الإيقاع الحيوي اليومي يختلف من شخص لآخر، فبينما يكون البعض أكثر نشاطا في الصباح، فإن أخرين ينشطون ليلا. ويعمل الكثيرون دوريات ليلية، قد تؤثر سلبا على إيقاعهم الحيوي اليومي وصحتهم.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

الأضواء الاصطناعية في المستشفيات قد تمنع المرضى من النوم وتؤثر على سرعة التئام الجروح

وقد تؤدي الأضواء الاصطناعية ليلا في المستشفيات والنوافذ الصغيرة التي تحول دون دخول ضوء النهار إلى اختلال الإيقاع الحيوي اليومي وتمنع المرضى من النوم.

فضلا عن أن بعض الأدوية، مثل المورفين، تؤدي إلى اختلال الساعة البيولوجية وقد يحول الألم والقلق والضجيج دون نوم المريض. وكل هذه العوامل قد تعوق شفاء المريض وتقلل فرص بقائه على قيد الحياة.

ويؤثر الإيقاع اليومي تحديدا على فرص تعافي ونجاة مرضى القلب. فإن الجهاز القلبي الوعائي، كسائر الأنسجة، محكوم بالإيقاع الحيوي اليومي، إذ يتباطأ معدل دقات القلب وينخفض ضغط الدم أثناء النوم ويرتفعان بشدة عند الاستيقاظ، وتكون الصفائح الدموية أكثر سمكا أثناء النهار، وترتفع نسب هرمون أدرينالين الذي يقبض الأوعية الدموية ويؤدي إلى تسارع ضربات القلب، في الدم أثناء النهار. وكل هذه الاختلافات تجعل المريض أكثر عرضة للإصابة بالنوبات القلبية على سبيل المثال في أوقات معينة من اليوم.

وتقول مارتينو: “في أقسام الطوارئ يلاحظ أن أغلب إصابات النوبات القلبية تحدث بين السادسة صباحا ووقت الظهيرة”.

وأشارت دراسة حديثة إلى أن المرضى الذين يخضعون لجراحة استبدال صمام القلب بعد الظهر أقل عرضة للإصابة بنوبات قلبية لمدة 500 يوم بعد الجراحة، بمقدار النصف مقارنة بالمرضى الذين يخضعون لها صباحا.

وأثبتت دراسات أخرى أن المرضى الذين يعالجون من نوبات قلبية أو يتعافون من جراحات القلب في غرف مشمسة تزيد فرصهم في البقاء على قيد الحياة ويخرجون من المستشفي في وقت أسرع، مقارنة بأقرانهم الذين يعالجون في غرف مظلمة.

وقد تكشف الدراسات التي أجريت على حيوانات عن أسباب هذا الاختلاف. وفي إحدى الدراسات عرّضت مارتينو وفريقها مجموعة فئران لتعاقب الليل والنهار الطبيعي بينما تعرضت المجموعة الأخرى لدورات غير منتظمة للضوء والظلام بعد إصابة المجموعتين بنوبة قلبية مستحثة.

ولاحظ الفريق فروقا كبيرة بين المجموعتين في عدد الخلايا المناعية التي تتدفق إلى القلب وأنواعها وكمية الأنسجة الندبية ومعدل النجاة.

وكشفت دراسات أخرى عن تفاوت أعداد الخلايا المناعية التي تخترق نسيج القلب المصاب، باختلاف الوقت الذي وقعت فيه الإصابة.

وتقول مارتينو، إن المرضى الذين ينقلون إلى أقسام الطوارئ جراء إصابتهم بنوبات قلبية أو سكتة دماغية، قد يتعرضون للضوء الساطع ليلا في المستشفيات، وهذا قد يؤثر سلبا على إيقاعهم الحيوي اليومي ونمط نومهم خلال الفترة الحرجة اللاحقة للإصابة التي تتوقف عليها فرص المريض في التعافي.

وقد يكون الحل في تحديد موعد الجراحة في الوقت الذي يكون فيه الجسم مستعدا لتحمل آثارها. إذ يعد وقت الظهيرة هو الوقت الأمثل لإجراء عمليات القلب. رغم أن الدراسة التي أجراها أونيل تشير إلى أن الإصابات التي تحدث أثناء النهار تستحث إنتاج كميات أكبر من الكولاجين الذي يقترن بتكوين الندوب.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

قد يساعد إجراء جراحات القلب في وقت الظهيرة في تسريع تعافي المريض رغم أنه قد يؤدي إلى زيادة تكوين الندوب

ويقترح أونيل إجراء الجراحات التجميلية أثناء الليل لأنها ستخلف ندوبا أقل وإن كان التعافي منها سيستغرق وقتا أطول.

ويجري الأطباء في مستشفى غلوستروب في كوبنهاغن بالدنمارك تجارب على نظام إضاءة يحاكي دورة الليل والنهار الطبيعية، بحيث تتفاوت شدته على مدار اليوم. وأوضحت النتائج حتى الآن في قسم إعادة تأهيل مرضى السكتة الدماغية، أن الإيقاع الحيوي اليومي لدى المرضى أصبح أكثر دقة استجابة لنظام الإضاءة، وانخفضت معدلات القلق والاكتئاب بين المرضى.

ومن الممكن أيضا تصميم عقاقير لتثبيت الإيقاع الحيوي لدى المرضى في المستشفيات قبل إجراء الجراحة لتحديد الوقت الأمثل للتعافي.

وتقول مارتينو: “أتوقع أن تعالج أمراض القلب مستقبلا بأقراص ضبط الإيقاع الحيوي وأساليب العلاج التي تعتمد على التعرض للضوء أو الظلام”.

والخلاصة أن الضوء والنوم وتعاقب الليل والنهار، تلك الأشياء التي نحصل عليها دون عناء، قد تحدث ثورة في الرعاية الصحية.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Future

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى