ظاهرة “غير صحية” يلجأ إليها الموظفون لإنهاء مهام العمل المتراكمة
[ad_1]
كثيرا ما تعمل بالافي فارما ستة أو سبعة أيام في الأسبوع، بعضها في المكتب وبعضها من المنزل في إطار عملها بشركة سياحة. وتحرص فارما، هندية تبلغ من العمر 24 عاما، على العمل باجتهاد في وظيفتها، إلى جانب حرصها على استكمال دراستها بجامعة محلية.
وأحيانا لا تجد فارما ما يكفي من الوقت لأداء المطلوب منها.
وتقول: “أحيانا أضطر للعمل يوم الأحد من كل أسبوع وفي العطلات الرسمية لتعويض الوقت الذي فاتني”.
ولا تجد فارما غضاضة في ذلك، فالعمل من خارج المكتب يساعدها على الإنجاز بصورة أفضل. وتقول عن ذلك: “أنجز أكثر حين أعمل في العطلات”.
وخلال العام الماضي طلب توم جينان، الذي يعمل خبيرا في اللياقة والتغذية ويعيش في برايتون بإنجلترا، “إجازته” الأولى لكي يتمكن من إنهاء ما لديه من عمل، إذ كان عليه أن يجمع بين مهامه المتعلقة بسرد وصف للمنتجات التي تبيعها الشركة التي يعمل بها، إلى جانب مهام أخرى، ولم يكن بإمكانه الانتهاء من المطلوب منه خلال ساعات العمل الطبيعية.
يقول جينان: “طلبت إجازة لمدة يوم ومكثت في المنزل لكتابة وصف المنتجات المطلوبة. استيقظت في ساعة مناسبة وأعددت لنفسي كوبا من القهوة وجلست على الأريكة ومعي جهاز الكمبيوتر المحمول وشغلت الموسيقى لتهدئة الأجواء”.
وبعيدا عن ضوضاء المكتب من تنويهات البريد الإلكتروني والحديث بين الحين والآخر مع الموظفين، تمكن جينان، البالغ من العمر 31 عاما، من إنجاز مهام في يوم واحد بالمنزل ظلت متراكمة لفترة طويلة في المكتب. واضطر في سبيل ذلك للتضحية بيوم من إجازاته السنوية.
يعبر جينان وفارما عن ظاهرة “إجازات العمل”، التي بدأت تنتشر بين موظفين لم يجدوا بدا من استنفاد عطلاتهم لإنهاء العمل المتراكم بعيدا عن جو المكتب وتشتيته.
من الأزمة المالية إلى أزمة عمل
يعتقد جيمس ريتشاردز، الأستاذ المشارك لإدارة الموارد البشرية بجامعة هريوت-وات ويباشر دراسة موسعة عن انتشار “إجازات العمل”، أن تلك الظاهرة “ربما توجد بشكل أو بآخر بين الموظفين، فرغم وجود عقد ينص على ساعات عمل محددة، إلا أن هناك توقعا بأن يفي الموظف بالمطلوب منه وفق مهلة معينة وحسب الطلب”.
وبحسب دراسة أجراها المعهد المعتمد لشؤون العاملين والتنمية، فإن قرابة ثلثي خبراء الموارد البشرية بالشركات البريطانية شهدوا أمثلة على “إجازات العمل” خلال العام الماضي. وتشير الدراسة إلى تنامي أعداد من يطلبون إجازات للعمل من المنزل.
ويقول كاري كوبر، أستاذ علم النفس التنظيمي بكلية التجارة والأعمال بجامعة مانشستر ورئيس المعهد المعتمد لشؤون العاملين والتنمية: “نشهد زيادة في تلك الظاهرة، لأن أغلب الشركات أصبحت منذ الكساد الأخير تعمد لتقليل العمالة ومطالبة موظفيها بعمل أكثر. وقد بدأنا الآن ندرك مدى حجم المشكلة”.
ويقدر كوبر أن ثلث العاملين في العالم طلبوا إجازات لاستكمال مهام تخص العمل من المنزل، بدلا من التمتع بإجازاتهم. ويعرب في نفس الوقت عن قلقه من تفاقم المشكلة حال وقوع كساد آخر.
فبحسب أرقام الأمم المتحدة، ارتفعت أعداد العاطلين من 178 مليونا عام 2007 (أي قبل الأزمة المالية) إلى 205 ملايين عام 2009، ما أدى لتغير توجهات العمل.
وسرعان ما أصبحت الشركات تحرص على تقليص العمالة، ما يعني أن أعدادا أقل من العاملين تضطلع بنفس العمل، وهو ما يزيد حجم المطلوب من الموظف.
يقول جينان: “أُدرِك أن المطلوب كثير وأن ساعات العمل اليومي ليست كافية، فحتى لو كان لدينا مئة موظف فالعدد لا يكفي للانتهاء من المطلوب كله”.
“أريد إثبات جدارتي”
يقول كوبر: “حين يخشى العامل فقد وظيفته فإنه يعمد للعمل طوال الوقت لإثبات أهميته، ويبعث برسائل البريد الإلكتروني ليلا ويعمل ليلا، ولا يأخذ إجازات. وحتى إن أخذها يترك الأسرة تستمتع بالإجازة، بينما هو يجلس لمتابعة العمل”.
كما لا يفصح الموظف عن قيامه بذلك، إذ تقول فارما: “أريد إثبات جدارتي بالنسبة للشركة والعملاء، طالما لم يؤثر ضغط العمل على النتائج”. ومع ذلك، تعتقد فارما أن صاحب العمل “متفهم ويصر على ضرورة أن أستريح، لكني أسعى للقيام بالعمل على أكمل وجه”.
وقد يخشى العامل من الاستغناء عنه لو قال إن العمل أكثر من طاقته.
وتزداد المشكلة سوءا، ولا يبدو أن الشركات تسعى لتغيير الاوضاع. فقد وجدت دراسة لمعهد العاملين والتنمية أن 63 في المئة من الشركات في بريطانيا شهدت حالات “إجازات عمل”، ومع ذلك فإن أكثر من نصف الشركات لم تسع لمعالجة المشكلة.
ويقول كوبر إن الكثير يتوقف على المدراء المباشرين، “وربما يكمن حل المشكلة في أن يجد الموظف دعما من مديريه المباشرين وأن يكونوا أكثر تفهما ووعيا اجتماعيا”.
وتقول ريتشيل ساف، مستشارة علاقات العمل بمعهد العاملين والتنمية، إنه “ينبغي أن يساعد المديرون في تخفيف الضغط عن كاهل موظفيهم ولا يسهموا في زيادته. لكن مديرين كثيرين يخفقون في القيام بهذا الدور لعدم تلقيهم التدريب المناسب رغم أنهم أول من يلجأ إليه الموظف”.
ويشير معهد العاملين والتنمية إلى أن ربع الشركات التي شهدت حالات “إجازات العمل” بين موظفيها سعت لاتخاذ خطوات لإثناء الموظفين عن ذلك عبر تقديم دعم أفضل للعاملين في أغلب الحالات.
الموازنة بين العمل والحياة
يدرك بعض أصحاب العمل مخاطر حصول موظفيهم على إجازة لمواصلة العمل من المنزل. وقد ناقشت فارما مهامها الوظيفية مع مديرها، وقد توسعت الشركة أكثر، وهو ما أتاح الفرصة لتعيين مزيد من الموظفين، ما أدى لتوزيع عملها مع موظف آخر. وتقول فارما: “أدرك صاحب العمل العبء الذي أحمله وأعطاني حرية العمل بالوتيرة المناسبة لي وأن أوظف متدربا بأجر لتخفيف العبء”.
وبعد عودة جينان للعمل من “إجازته” التي قضاها في العمل، تحدث إليه مديره، ويقول جينان: “لقد شعر بالضيق حين عرف أنني أمضيت إجازتي في العمل بدلا من الاسترخاء. وأعرب عن اهتمامه براحتي حتى لا أستنفد طاقتي ويختل توازن حياتي جراء العمل”.
ويؤكد كوبر على أهمية الحفاظ على هذا التوازن والتعامل مع مشكلة “إجازات العمل”، مؤكدا على ضرورة “إقناع المسؤولين بأن الموازنة بين متطلبات الحياة والعمل ستؤدي لإنتاجية أفضل للعامل، أما دفع العامل للعمل حتى الموت فلن يؤدي إلى احتراقه فحسب بل سيؤثر على الإنتاجية أيضا”.
لقد أبلغ المدير جينان بأنه لا يريده أن يحصل على إجازة لإكمال العمل من المنزل، وطالبه بأن يتحدث إليه فورا إذا شعر بأن العمل يمثل عبئا عليه.
لقد أصغى جينان لمديره لكنه لم يعمل بنصيحته، إذ أخذ يوما آخر كـ”إجازة” وفي الحقيقة قضاه في العمل من المنزل. يقول جينان: “مديري لا يعلم بذلك، لكن أخشى أن يتناهى الأمر لعلمه بعد نشر هذا المقال!”
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Worklife
[ad_2]
Source link