جرائم الشرف في العالم العربي… من يحمي ضحاياها؟
[ad_1]
“قضية مجتمع” هكذا وصف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية حادثة وفاة الشابة الفلسطينية إسراء غريب وهي في ربيعها الحادي والعشرين في مدينة بيت لحم الفلسطينية حيث كانت تقطن مع عائلتها.
اختلفت الروايات حول سبب وظروف وفاتها. البعض قال إنها كانت ضحية “جريمة شرف”. بعض الأفراد في عائلتها زعموا أن الجن هم الجناة. لكن رواد مواقع التواصل الاجتماعي ومقربين من إسراء أكدوا أنها تعرضت للتعذيب من قبل عائلتها بعد نشر فيديو على موقع انستغرام ظهرت فيه برفقة شاب تقدم لخطبتها.
بعد مرور أكثر من أسبوع على الحادثة، لا يزال اسم إسراء وصورتها يهزان مواقع التواصل الاجتماعي في فلسطين، وتستمر المظاهرات والوقفات الاحتجاجية في مدن عدة تنديدا بوفاتها.
كل هذا أعاد فتح ملف شديد الحساسية في المجتمعات العربية. إنها “جرائم الشرف” التي تختلف القوانين عبر الدول العربية في تحديد طبيعتها لكنها تُـجمع على أن تكون عقوبتها مخففة على الجاني.
نتوقف في التقرير التالي عند حادثتين من هذا النوع من الجرائم في فلسطين والكويت.
“رد فعل النساء الفلسطينيات يدعو إلى الفخر”
تركت الحقوقية الكويتية فاطمة المطر بلدها العام الماضي، حيث كانت عرضة للعديد من التهديدات بالسجن والاعتقال بسبب تغريدات جريئة نشرتها على تويتر تتعلق بالدين والسياسة.
“مقتل إسراء غريب ليس أول أو آخر “جريمة شرف” في فلسطين وعالمنا العربي.” تقول فاطمة إنها وبالرغم من الخوف والحزن العميق الذي شعرت به، فإن رد فعل النساء الفلسطينيات وعدم سكوتهن عن قضية إسراء يشعرها بالفخر ويعطيها الأمل.
تقارن فاطمة بين تعامل المجتمعين الفلسطيني والكويتي مع قضايا “جرائم الشرف”. فرغم انتشار هذه الجرائم بكثافة في الكويت إلا أن وسائل الإعلام المحلية عادة ما تتكتم عنها وتتستر على تفاصيلها. وترى فاطمة أن حراك السيدات الفلسطينيات ومسيرتهن ومطالبتهن بمحاكمة قاتل إسراء شيء ايجابي وأمر ضروري.
“حتى الآن لم تصل الكويت إلى درجة فلسطين”
وتستطرد فاطمة قائلة: “في جميع حالات “جرائم الشرف” في الكويت لا يأتي ذكر لا لإسم الضحية ولا لإسم الجاني. يجري التكتم على الجريمة من قبل وسائل الإعلام والصحافة وحتى من أهل المجني عليها. وتضيف فاطمة “ينبغي الاقتداء بمبادرة الشعب الفلسطيني لأن غياب الأسماء والصور عن التغطية يزيد من بشاعة الجريمة ولا يردع عن ارتكاب أخرى مماثلة تحت ذريعة “الشرف”.
وتشدد فاطمة على أن “ذكر اسم الضحية يجعل منها إنسانا وليس مجرد جثة مجهولة… ففي الكويت، يتم العثور على جثث فتيات مجهولات الهوية في البر، مدفونة أو شبه مدفونة وأحيانا ملقاة إلى أن يجدها رعاة الأغنام والإبل. فلا أحد يعلم من الضحية ومن القاتل. إنها ثقافة الخليج القبلية المتجذرة في قطاعات الأمن والقضاء وحتى في دوائر الحكومة الكويتية. وكل قطاع يجبر الآخر على السكوت”
مادة 153 تساعد الرجال على قتل الفتيات
وترى فاطمة أن تساهل القانون الكويتي مع مجرمي “الشرف” يساعد على انتشار هذه الظاهرة. فالمادة 153 من قانون الجزاء تنص على أن كل من ضبط زوجته أو ابنته أو أمه أو أخته متلبسة بالزنا وقام بقتلها، فإن القانون يعاقبه بالحبس مدة لا تتجاوز 3 سنوات”.
وبالرغم من تحديد النص لحالة التلبس، تقول فاطمة، فإن كل ما تفعله المرأة يعتبر تهديدا لشرف الرجل من قبيل كشف شعرها أو الخروج من البيت، أو تبادل خطابات على مواقع التواصل الاجتماعي. وتضيف “يتم اتهام فتيات بالزنا في معظم الحالات لمجرد محادثتهن مع شبان على الهاتف أو إرسال خطابات أو نشر صور.
“لم تقترف إسراء أي جريمة لتواجه هذا المصير”
خرج مجد كراجة مع مجموعة من شباب مدينة رام الله في عدة مظاهرات تعبيرا عن رفضهم لقتل إسراء غريب، مطالبين القضاء الفلسطيني باتخاذ إجراءات صارمة حيال مرتكبي الجريمة، رافعين لافتات ومرددين شعارات تطالب السلطات بسن قوانين، لحماية النساء، لا تنبع من عرف الحكم العشائري.
قرر مجد الانضمام للوقفة بعد استماعه لتسجيلات إسراء الصوتية وهي تصرخ في المشفى، ويقول إن النوم جافاه بعد معرفة بقية تفاصيل القصة.
ويضيف بنبرة حزينة “إن الوقفة التي نظمت ليست لإسراء فقط، بل لكل فتاة مرت بتجارب مشابهة مع عائلتها تحت مظلة الشرف وسمعة العائلة…على المجتمع ألا يربط سمعة العائلة بحياة الفتيات الشخصية”.
“لم تقترف إسراء أي جريمة لتواجه هذا المصير” يشرح مجد، “فحتى لو تم تحكيم الشرع والدين، لما ثبت أنها اقترفت خطأ يستحق عقوبة القتل خارج إطار القانون.”
يرى مجد أن إعدام إسراء لم يتم بمبرر أو نص ديني بل تم طبقا لأعراف اجتماعية محافظة. ويصف مجد نفسه بأنه شاب مسلم ملتزم لكنه إنسان. ويعتبر قتل إسراء مخالفا للإنسانية وكل الشرائع السماوية على غرار المتظاهرين الذين خرجوا الى الشارع تنديدا بمقتلها، بينهم من كانوا يرتدون عمائم إسلامية وأعضاء من مجلس الإفتاء الفلسطيني.
ويرى مجد أن مفهوم الشرف لابد أن يطبق على النساء والرجال بنفس الدرجة. وينهي كلامه وقد انتابته حسرة “مجتمعاتنا عادة ما تنزل أشد العقاب بالمرأة وتخففه على الرجل. فعقوبته لا تتجاوز العتاب وعقوبتها لا تقف عند القتل.”
أما فاطمة الدعمة تقول، وهي صحفية فلسطينية مقيمة في غزة، إن قضية إسراء ليست أول ولا أسوأ قضية. فهناك المئات مثلها، لكن الفرق الوحيد في حالة إسراء هو انتشار خبر قتلها على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى نطاق واسع.
أكثر ما يساعد فاطمة على حماية نفسها من انتهاكات المجتمع الذكوري المحافظ في غزة هي الجرأة وقوة الشخصية التي اكتسبتها من عملها كصحفية، ومواصلة تطوير ذاتها على الصعيد الشخصي والمهني. تقول فاطمة “ليس من السهل على المرأة أن تكون ذات شخصية قوية في مجتمعاتنا الشرقية، لكن هذه الجرأة وقوة الشخصية هي العامل الأساسي والوحيد لحماية نفسها”.
[ad_2]
Source link