كيف يتغلب الموظفون في كوريا الجنوبية على رتابة العمل اليومي؟
[ad_1]
يلجأ كثير من الموظفين في كوريا الجنوبية، التي تشتهر بساعات العمل اليومية الطويلة، إلى تزيين مكاتبهم على نحو يضفي البهجة ويخفف من رتابة العمل.
وتعتز لي جو-هي، موظفة في بنك تبلغ من العمر 35 عاما، بمكتبها الصغير الأنيق الذي يزدحم بمنتجات وأدوات مكتبية زهرية اللون بما فيها جهاز صغير لضبط الرطوبة في الجو، ومروحة صغيرة، ومنقي صغير للهواء وكأس معقم، واللون الزهري هو لونها المفضل، لدرجة أنها تمتلك لوحة مفاتيح كمبيوتر زهرية اللون.
وتقول لي : “أعمل هنا منذ نحو ست سنوات وأعكف على تزيين مكتبي منذ أن التحقت بهذه الشركة. وأنفق على ذلك ما يعادل 30 إلى 40 ألف ون (25-33 دولارا) شهريا، قد يصل حجم ما أنفقه على التزيين 150 ألف ون (125 دولارا) إذا وقعت عيني على منتجات جديدة. لا يعتبر ذلك مبلغا كبيرا، لكنني أشعر براحة كبيرة بمجرد أن أنظر إلى هذه الأشياء الجميلة على مكتبي”.
ويختلف مكتب لي جو، الذي يشبه معرضا للألوان، عن أي مكتب موظف آخر في البنك، ويعد مكتبها واحدا من بين عدد كبير من أماكن العمل المصممة بأسلوب مهني يضفي على المكتب طابعا شخصيا.
ويطلق على هذا الأسلوب “التصميم الداخلي للمكاتب”، وهي طريقة تجعل أماكن العمل أشبه بأجواء المنزل في بلد تعتبر فيه ساعات العمل هي الأطول مقارنة ببقية الدول المتقدمة.
وعلى الرغم من تخفيض حكومة كوريا الجنوبية عدد ساعات العمل الأسبوعية من 68 إلى 52 ساعة عام 2018، لتعزيز ورفع مستوى الإنتاجية وتشجيع التوازن بين العمل والحياة، إلا أن الكثير من الشباب في كوريا الجنوبية مازالوا يشعرون غالبا أنهم لا يغادرون مكاتبهم.
وتقول لي : “أقضي كثيرا من وقتي في المكتب باستثناء ساعات النوم. ينظر المرء غالبا إلى المكتب على أنه مكان كئيب يتسم بالرتابة. لكن مكتبي الذي يكسوه اللون الزهري يمنحني دافعا متجددا للعمل لأنه يمثل بيئة عمل جميلة ومبهجة. إنني أشعر بالراحة والاسترخاء لوجود هذه الأشياء الزهرية اللون”.
“التصميم الداخلي للمكاتب”
ويشير مصطلح “التصميم الداخلي للمكاتب” إلى عمل يتلخص في تزيين مكتب العمل لشخص معين بمنتجات وأشياء مفضلة ومحببة لقلبه ونفسه، ويزداد انتشار المصطلح في الإعلام الاجتماعي في كوريا الجنوبية في أوساط الموظفين الشبان.
وأظهر استطلاع رأي أجراه محرك بحث “جوب كوريا” المعني بسوق العمل عام 2017 وشمل 788 عاملا أن 44 في المئة من السيدات و29.7 في المئة من الرجال يعتبرون أنفسهم أشخاصا مهتمين بالتصميم الداخلي للمكاتب.
وينتشر هذا المفهوم بشكل خاص بين الشباب من جيل الألفية، حيث أن 44.6 في المئة ممن هم في سن العشرينيات، و36.5 في المئة ممن هم في الثلاثينيات تنطبق عليهم هذه النزعة مقارنة بما نسبته 26.9 في المئة من أصحاب سن الأربعينيات المشاركين في استطلاع الرأي.
وتزين رها هاي-يونغ، البالغة من العمر 30 عاما وتعمل مديرة تسويق في العاصمة سول، مكتبها بأشكال ودمى لشخصيات أفلام الإثارة التي تنتجها هوليوود (مثل سبايدر مان وسوبرمان .. إلخ).
وتقول : “عندما يكون لدي دمى جديدة، أحضرها إلى مكتبي بدلا من وضعها في منزلي، لأنني أقضي وقتا طويلا في العمل”.
وتضيف أن التصميم الداخلي للمكاتب لا يعني فقط مجرد مكان عمل جذاب وجميل، بل يساعد في أداء عملك بفعالية أكبر.
وتقول : “يجعلك التصميم الداخلي للمكاتب تشعر بأنك في غرفتك الخاصة أثناء العمل، وعملي يتضمن البحث عن منتجات جديدة وتقديمها للزبائن، لذا أحتاج للتحلي بالابتكار. ويحفزني المكتب المزيّن والملون بما يتلاءم مع ذوقي على التفكير بطريقة ابتكارية”.
تعبير عن الفردية
ومع تصاعد الاهتمام بالتصميم الداخلي للمكاتب، ظهر سوق جديدة لمستلزمات المكاتب المميزة والغريبة بعض الشيء، كما تباع لوحات مفاتيح لاسلكية، وحوامل لأجهزة الكمبيوتر المحمول، وأساور للمعصم وفرش صغيرة ملونة للمكتب، ومخدات للجلوس، ونباتات صغيرة ومعطرات للجو، ودمى تمثل شخصيات تظهر في أفلام الإثارة.
وتباع أيضا منقيات صغيرة للماء ومكانس كهربية صغيرة للطاولات، وتجتذب الكثير من هذه المنتجات الجميلة الشباب في كوريا الجنوبية.
وقال 68.8 في المئة من الموظفين العاملين في المكاتب، حسب استطلاع رأي “جوب كوريا”، إنهم مهتمون بتزيين المكاتب التي يجلسون عليها في العمل.
وأظهر استطلاع الرأي أن خمسة آلاف منشور في كوريا الجنوبية على إنستغرام يتضمن الوسم (#deskterior) المخصص لاستعراض صور لتصاميم فريدة من نوعها، كما يظهر في البحث إعلانات لمنتجات مخصصة للمكاتب موجهة للفئات العمرية المهتمة بالتصميم الداخلي للمكاتب.
وإن كان اللون الزهري يروق للموظفة لي، فإن آخرين يميلون إلى أشكال وتصاميم أخرى حسب رغبتهم.
وتقول لي: “أعتقد أن فكرة التصميم الداخلي للمكاتب تبرز طبيعتك وصفاتك في مكان العمل اليومي المعتاد”.
البحث عن “قليل من السعادة”
يعتبر العمل الشاق في كوريا الجنوبية فضيلة من الفضائل، إذ يعمل الموظفون في كوريا الجنوبية ما يعادل 2024 ساعة في السنة، بزيادة 278 ساعة مقارنة بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD التي تحدد متوسط عدد الساعات بـ 1746 ساعة.
وتقول لي هيانغ-إيون، أستاذة هندسة التصميم في جامعة سانغشين في مدينة سول، إن ظاهرة التصميم الداخلي للمكاتب أكثر من مجرد وسيلة لخفض التوتر والضغط وجعل المكتب أكثر راحة، بل هي تمثل تحولا واضحا في طريقة نظر الناس ومفهومهم للعمل، لاسيما الشباب.
وتضيف : “تشهد كوريا الآن تغييرا مهما فيما يتعلق ببيئة العمل، وفي الوقت الذي يصبح فيه التوازن بين العمل والحياة قضية اجتماعية كبيرة، يلجأ أناس على نحو متزايد إلى معادلة أولوياتهم بين السعادة الشخصية وأداء العمل. وأعتقد أن التصميم الداخلي للمكاتب ينشأ من الميل والرغبة في البحث عن فضاء شخصي مريح وسط رتابة يومية”.
وقد أوضح أصحاب نزعة تزيين المكاتب أن جيل الشباب أكثر رغبة في السعي إلى تعديل وإعادة تصميم أماكن عملهم لتكون أكثر راحة وذات طابع شخصي وذلك في وقت يمضي فيه الكوريون الجنوبيون قدما في هذا التغيير.
بيد أن هذه الرغبة لا تحظى بتفهم جميع الأجيال، ففي مكتب لي جو-هي يرى المديرون الرجال في العمل الذين هم في سن الخمسينيات أن تزيينها وتصميمها الداخلي لمكتبها “مبالغ فيه” بالنسبة لمجال العمل المالي المحافظ، على الرغم من أن بقية الزملاء الشباب يحبون اختياراتها، وهو أمر جيد طالما أن التصميم الداخلي الزهري لمكتبها لن يتوارى في المستقبل القريب.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Worklife
[ad_2]
Source link