لماذا لا يشعر رجال الأعمال الناجحون بالرضا؟
[ad_1]
تعد لورا مور بدون شك قائدة أعمال ناجحة تجاوزت كل التوقعات، فبعد أن شاركت في تأسيس شركة “موبايل هارتبيت” الناشئة في مجال الرعاية الصحية وهي لم تتجاوز 19 عاما، استطاعت أن تعزز قوة الشركة على نحو جعلها تبيعها لشركة “إتش سي إيه” المعنية بتشغيل المستشفيات والمؤسسات الصحية الأمريكية، مقابل مبلغ لم تفصح عنه، قبل أن تبلغ عامها الثلاثين.
وكان بيع الشركة بمثابة إنجاز كبير في مشوارها الوظيفي الصغير، واعتُبرت من بين النجوم الصاعدة في عالم الشركات الناشئة.
ونظرا لأن بيع الشركة حدث خلف أبواب مغلقة، ولم يعقبه إعلان مدوٍ ولم تُسلط عليه الأضواء، لم تشعر مور بأنها حققت نجاحا كافيا.
وتقول مور: “جاء ذلك بعد عشر سنوات من الجهد، إنه عمل ينطوي على قيمة كبيرة، لكنني أشعر أنه يتعين عليّ أن أبرر ذلك الجهد خلال تلك السنوات، إذ لا يمكنني من الناحية القانونية الإفصاح عن مبلغ الصفقة”.
ورفضت مور الكشف عن تفاصيل صفقة البيع بعد أن حالفها النجاح، لكن سرية الصفقة لم تمكنها من إبراز هذا النجاح أمام أعين أصحاب المال والإعلام.
ولا شك في أن معظمنا ينظر إلى بيع شركة بمبلغ ضخم على أنه نجاح فعلي، لكن الصفقة بالنسبة لمور لم تكن نجاحا كافيا.
وتعد مور واحدة من بين مؤسسين كثيرين للشركات الناشئة، ممن يطلق عليهم عموما قادة أعمال الألفية، الذين يتعطشون لتحقيق المزيد من النجاح.
وتنتشر ظاهرة عدم الرضا عن العمل في قطاعات كثيرة، وعلى المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وعلى مستوى الدول، إذ يشعر مؤسسو الشركات الشباب، من رجال الأعمال الطموحين والأذكياء إعلاميا، في أغلب الأحيان بأن النجاح المهني يخلق لديهم شعورا بالإحباط الشخصي.
وحدة شديدة
يسهم العمل شديد التنافسية في وادي السليكون وقطاعات التكنولوجيا في تعزيز الشعور بضرورة البحث الدائم عن النجاح دون اكتفاء.
ويشعر مؤسسو الشركات، في البيئة التي أخرجت أمثال ستيف جوبز وإيلون ماسك، دوما بأنه يتعين عليهم بذل قصارى جهدهم، ليس من أجل جمع المال وتغيير العالم للأفضل فحسب، بل من أجل ترك بصمة في زمنهم.
وتقول أليسا كون، المدربة البارزة في نيويورك والتي تعمل مع مديري ومؤسسي شركات في قطاعات مختلفة: “كم يجد مؤسس شركة ناشئة نفسه وحيدا، إذ يبدو الجميع من حوله يحققون نجاحات، بينما يشعر هو بأنه الشخص الوحيد الذي يعاني من مشكلات”، لاسيما عندما لا تسير الأمور على مايرام.
وتضيف كون أن أصحاب الشركات الرائدة كثيرا ما يكدحون لسنوات دون أن يشعر أحد بهم، ولا يجدون من يمتدحهم حتى تخرج شركاتهم للنور وتجد من يستحوذ عليها أو تحقق أرباحا طائلة، لأن الناس لا ترى أو تحتفي إلا بالناجحين.
وبعيدا عن الصخب والأضواء لا يكون للنجاح وقع على مؤسس الشركة، مهما كانت صفقة البيع أو الاكتتاب العام ناجحة. وتروي كون أن أحد العملاء باع شركة بمبلغ كبير، وعلى الرغم من ذلك شعر بقنوط أكثر من شعوره بالفرح.
وتقول: “لا نرى الجهد المضني المبذول على مدار 5 أو 10 أو 15 عاما، وهذا ما يتطلب نجاح شركة ناشئة. تظل تسعى حثيثا، بينما تشعر دوما أن أحدهم يتفوق عليك”.
وعلى الرغم من أن الكثيرين يعتقدون أن النجاح هدف يستحق بذل جهود حثيثة لتحقيقه، فإن قادة الأعمال من أبناء جيل الألفية هم أكثر الفئات على وجه الخصوص شعورا بخيبة الأمل.
ويقول جايمي غرومان، أستاذ السلوك التنظيمي بجامعة غولف الكندية ومؤلف كتاب “التحفيز: كيف تستعيد طاقتك في عمر تزداد فيه الاحتياجات”، إن أبناء جيل الألفية يشعرون أن أقدارهم ليست بأيديهم وأنهم أقل تحكما في الأمور مقارنة بجيل الآباء والأجداد.
ويضيف أن أبناء جيل الألفية قد يشعرون بأنهم أضعف من الأجيال السابقة لأنهم “نشأوا في عصر متقلب يشهد فيه الاقتصاد تعثرا ويواجه العالم هجمات إرهابية”.
ثم يأتي دور وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة التي تعزز الشعور بالنقص بسبب تسليط الأضواء دائما على النجاح وعلى الفشل أيضا.
وتقول كون: “أصبح مدراء الشركات شخصيات شهيرة، وباتت وسائل التواصل الاجتماعي تعامل هؤلاء المشاهير وكأنهم ملوك زمانهم، الأمر الذي يزيد الضغوط، ويدفع أبناء الجيل إلى الاعتقاد بأن ذلك هو ما يجب أن يفعلوه”.
لكن الأمور تختلف خلف الأبواب المغلقة، إذ يقول مات ويلر، 35 عاما، الذي ساعد في إنشاء موقع “سبورتس ريكروتس” للتعيين الرياضي بالجامعة، إن كثيرا من المديرين حينما يلتقون لا يتباهون بنجاحهم بل يعبرون عما بداخلهم من قلق.
ويضيف ويلر: “يختلف ما تراه من تغريدات على تويتر بالكامل عما تسمعه في غرفة مغلقة تضم مديري الشركات الناشئة، إذ يتحدث الجميع على تويتر عن نجاح مستمر وإنجاز، أما في الخفاء فيساورهم القلق من نفاد المال”.
المدير الأكبر
وتقول مور، التي تبلغ من العمر حاليا 31 عاما: “يخطئ البعض حين يتصور أنه عندما يصبح رجل أعمال أو يمتلك شركة خاصة أنه سيكون بلا مدير”.
وتجد مور نفسها، شأنها شأن كثير من مديري شركات التكنولوجيا، محكومة بجهات التمويل، وكثيرا ما تضطر إلى التباهي بإنجازها سواء عبر التحدث في منتديات عامة أو الظهور إعلاميا وخلاف ذلك، لأنه إن عجزت عن الجمع دائما بين إدارتها للشركة وكونها شخصية عامة فقد ينصرف التمويل إلى جهة أخرى.
عملت مور في إدارة شركة “نل هيلث” الناشئة للرعاية الصحية، وبوصفها مديرة لتلك الشركة وتحب عملها تدرك أنها قد تواجه مشكلات لكونها مؤسسة شركة.
وتضيف مور أن الضغوط تبدأ مع مطالب العمل التقليدية، ثم تصبح سيلا يرتبط بتوقعات أخرى تتراكم باستمرار، وتقول: “يجب أن يعكس المرء صورة لامعة من الثراء في المنتديات العامة، حتى وإن لم ينعم إلا بساعتين من النوم بالأمس”.
ويتفق ماثيو بيشوف، 28 عاما، المشارك في تأسيس شركة “ليكابيليتي” للتطوير البرمجي، مع وجهة نظر مور، ويقول إن المطالب لا تنتهي من حيث ضرورة تحقيق النجاح في العمل وأيضا إبهار الأقران بأمور آخر.
ويضيف: “على الرغم من الانهماك الكامل في إدارة شركة، يفُترض أن تساهم في مجال فتح مصادر جديدة للشركة والنهوض بمشروعات جانبية، أعتقد أن ذلك لا يسمح بإتاحة وقت للأسرة والأصدقاء والهوايات”.
تحقيق النجاح
يختلف الواقع كثيرا عن أي تصور وردي بشأن إدارة شركة تغير حياة الأشخاص.
ويقول غرومان إن كثيرين يدخلون مجال الشركات الناشئة لأنهم يحبون وضع أساس شركة وترك بصمتهم، لكن سرعان ما تغيب القيم مع توسع الشركة واندلاع صراعات لم يعهدها المرء.
ويقول إن الأشخاص “عندما يفقدون إحساسهم ببذل الجهود، يعجزون عن عمل ما يحبونه، ويفقدون أيضا حب العمل، ويصبح العمل بالنسبة للبعض بلا أي معنى”.
والسؤال كيف يستمتع مؤسسو الشركات والمديرون التنفيذيون المثقلون بالأعمال بنجاحاتهم ويشعرون بالرضا عن إنجازاتهم؟
تقدم كون نصيحة عملية بسيطة: “توقف كل بضعة أشهر وانظر إلى ما أحرزته من نجاح”.
كما ينصح غرومان بأن يسأل المدير نفسه: “كيف سينظر من هم خارج الشركة إلى النجاح بموضوعية؟ هل سيعجبهم؟”.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Worklife
[ad_2]
Source link