أخبار عربية

إلغاء مؤتمر للأمم المتحدة في مصر حول مناهضة التعذيب يثير ردود فعل واسعة


خالد سعيد

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

اتهم تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية في يوليو/ تموز الماضي قطاع الأمن الوطني المصري باختطاف الناس وتعذيبهم

انتقد أعضاء بالمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر قرار مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان “تأجيل” مؤتمر إقليمي حول تجريم التعذيب، كان من المقرر عقده في القاهرة يومي الرابع والخامس من سبتمبر/أيلول المقبل.

يأتي ذلك في الوقت الذي رحبت فيه منظمات حقوقية مصرية ودولية بالقرار باعتباره تصحيحا لوضع خاطيء، وتقول الأمم المتحدة إنها تبحث عن موعد ومكان جديدين لعقد المؤتمر بعد أن واجهت انتقادات بشأن اختيار القاهرة لعقد المؤتمر.

وقال روبرت كولفيل، المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تصريحات صحفية: “نعلم جيدا القلق المتنامي لدى بعض قطاعات مجتمع المنظمات غير الحكومية بشأن اختيار الموقع.. ونتيجة لذلك قررنا تأجيل المؤتمر ومعاودة فتح عملية التشاور مع كل الأطراف المعنية”.

وفي محاولة للدفاع عن قرار المنظمة السابق بعقد المؤتمر في مصر، قال كوليفل: “هناك بالطبع قيمة كبيرة لعقد المؤتمر الذي يهدف إلى محاولة الحد من التعذيب في بلد ومنطقة يحدث فيها التعذيب”، على حد قوله، مشيرا إلى أنه من غير الطبيعي مثلا عقد المؤتمر في أوسلو أو فيينا التي لا توجد فيها هذه الممارسات.

انتقادات حقوقية

ووجهت 80 شخصية عامة وحقوقية مصرية خطاباً إلى مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة أكدوا فيه وقوفهم ضد اختيار المنظمة للقاهرة كمقر لعقد مؤتمر حول مناهضة التعذيب.

وأعرب الموقعون على هذا الخطاب عن “صدمتهم الشديدة” من مشاركة مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة في تنظيم مؤتمر في مصر حول تعريف وتجريم التعذيب، مطالبين بتغيير مكان انعقاد المؤتمر إلى “إحدى الدول التي تتمتع بالحد الأدنى من احترام حقوق الإنسان”، وفقا لخطاب النشطاء الحقوقيين.

وأكد جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وأحد الموقعين على الخطاب، في حديثه لبي بي سي أن هذا المؤتمر “يمثل محاولة لتبييض وجه النظام المصري الذي يمارس جرائم التعذيب والإخفاء القسري بصورة ممنهجة”، على حد قوله.

وأوضح جمال عيد أن المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي كان شريكا محليا لمفوضية الأمم المتحدة في هذا المؤتمر “هو شريك للنظام في انتهاك حقوق الإنسان، وأنه لو كان هدف مجلس حقوق الإنسان إصلاح الملف ومناقشة أخطاء الحكومة فكان عليه دعوة المنظمات الدولية، والمحلية، والسماح لها بحضور المؤتمر والمشاركة الفعالة فيه”، وهو أمر لم يحدث على الإطلاق كما يقول.

وقال رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إن النظام المصري يبحث عن تجميل صورته في مجال حقوق الإنسان، وكان من الممكن أن ينتهي المؤتمر “بتوجيه الشكر والتقدير للرئيس السيسي لدوره في تحسين حالة حقوق الإنسان”، رغم ما يثار بشأن انتهاكات النظام المصري لحقوق الإنسان وممارسة أنشطة التعذيب والإخفاء القسري، كما يقول.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

قضت محكمة مصرية في فبراير/ شباط الماضي بالسجن ثلاث سنوات على ثلاثة من ضباط الشرطة لإدانتهم بتعذيب متهم في قضية قتل حتى الموت

“فرصة للحوار”

ويقول جورج إسحق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (الحكومي) – ومنسق المؤتمر من الجانب المصري – إن مؤتمر مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان كان فرصة للحوار بشأن هذه القضية في مصر والمنطقة العربية.

وأوضح إسحق في تصريحات لبي بي سي أن مجرد موافقة الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الخارجية والمجلس القومي لحقوق الإنسان على استضافة مؤتمر “تعريف ومناهضة التعذيب” هو محاولة للرد على أي انتقادات توجه للحكومة المصرية في هذا الملف، وأن الإلغاء يضر بمصر ضررا بالغا جدا في المجتمع الدولي.

وكان المؤتمر – وفقا لتصريحات جورج اسحق – سيمثل فرصة مواتية لوجود مسؤولي مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمنظمات الدولية العاملة في المجال للإطلاع على أوضاع حقوق الإنسان في مصر، بدلا من الاعتماد على تقارير خارجية قد تكون غير دقيقة أو تستند إلى روايات أطراف معارضة للنظام دون سماع وجهة نظر الحكومة المصرية.

وتقول الحكومة المصرية إنها تلتزم بالقانون وإن أي انتهاكات لحقوق الإنسان هي مجرد حالات فردية وتتم محاسبة من يرتكبها.

“موقف لا يخدم ملف حقوق الإنسان”

ويقول حافظ أبو سعدة عضو مجلس حقوق الإنسان في مصر إن المؤتمر كان سيناقش تعريف جريمة التعذيب وتعديل التشريعات في المنطقة العربية لمناهضة هذه الجريمة التي ينص الدستور المصري وفق تعديلاته الأخيرة على أنها تستلزم المسألة القانونية والجنائية التي لا تسقط بالتقادم.

ويرى حافظ أبو سعدة أنه كان يتوجب على المنظمات الحقوقية والنشطاء الذين طالبوا بعدم عقد مؤتمر الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في القاهرة أن يراجعوا موقفهم الذي لا يخدم ملف حقوق الإنسان، ويضيف المزيد من الضغوط على الحكومة المصرية التي تحاول إحداث تقدم ملموس في هذا الملف من خلال تعديل الدستور والتشريعات لكي تتوافق مع الميثاق الدولي والاتفاقية الدولية لحقوق الانسان.

وجاء في بيان للمجلس القومي لحقوق الإنسان أن المجلس “يعبر عن استغرابه” لتراجع المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن مشاركتها المجلس فى عقد “مؤتمر تعريف وتجريم التعذيب فى التشريعات الوطنية فى المنطقة العربية”.

وأوضح المجلس في بيانه الذي تلقت بي بي سي نسخة منه “أنه تمت كافة الاستعدادات والترتيبات اللازمة على المستوى التقنى والفنى والإدارى لتوفير أفضل الظروف لإنجاح أعماله، والتى كانت يمكن أن تضيف الكثير فى مسيرة مناهضة التعذيب وتعزيز آليات الأمم المتحدة ونشر ثقافة حقوق الإنسان فى مصر والوطن العربي”.

ملف الإعدامات

كان مكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد عبر في فبراير/شباط الماضي عن قلقه إزاء محاكمات أدت إلى إعدام 15 شخصا في مصر في نفس الشهر، وقال إنها ربما تكون غير عادلة. وأضاف أن التعذيب ربما استخدم لانتزاع اعترافات.

كما خلص تقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء الشهر الماضي إلى أن السلطات المصرية أعدمت ما لا يقل عن 179 شخصا في مصر في الفترة من 2014 حتى مايو/أيار 2019، مقارنة بإعدام عشرة أشخاص فقط في السنوات الست السابقة لتلك الفترة.

وترفض القاهرة باستمرار تقارير منظمات حقوق الإنسان بشأن التعذيب وتقول إنها تفتقر إلى المصداقية ولها دوافع سياسية.

وتقول السلطات في مصر إنها تلتزم بالقانون، وإن أي انتهاكات للحقوق لا تعدو كونها حالات فردية وتتم محاسبة من يرتكبها.

ووقع المجلس القومي لحقوق الانسان في وقت سابق اتفاقا مع وزارة الداخلية المصرية يهدف إلى تدريب الضباط والأفراد على معاملة المواطنين وفق معايير حقوق الإنسان.

ويقول جورج إسحق عضو المجلس القومي لحقوق الانسان إن المجلس استطاع التدخل في أكثر من 17 حالة انتهاك لحقوق الإنسان، تم إبلاغ المجلس بها مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه تمت إحالة بعض الضباط إلى المحاكمة الجنائية بعد ثبوت وقائع تعذيب أو انتهاك لحقوق الإنسان.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى