إعلاميون ومواطنون ننتظر تطوير التلفزيون
[ad_1]
أميرة عزام
@amira3zzam
منذ ظهور التلفزيون في الوطن العربي في ستينيات القرن الماضي كان الملاذ الآمن للأسرة ولأفراد المجتمع كافة، حيث كان يقدم برامج تتضمن قيما وثقافة، وأخرى بهدف التسلية ذات مضمون ورسالة، كثيرا ما كانت هادفة وأثرت في وجدان الأجيال السابقة، وبمرور الوقت ونتيجة التطور التكنولوجي الهائل والمتسارع في الاتصالات والهواتف الذكية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت الملاذ الأول للجميع، انحسر دور برامج التلفزيون وانخفض مستوى ما تقدمه، فأصبح لزاما على المسؤولين عن التلفزيون وبرامجه، وسط هذا الكم الهائل من وسائل التواصل الاجتماعي، العمل على تطويره وضرورة العودة به لسابق عهده ليساهم مجددا في تنوير المجتمع وتثقيفه والارتقاء به.
«الأنباء» طرحت عدة تساؤلات حول هذه القضية على مجموعة من الإعلاميين والمواطنين لإبداء آرائهم في أهمية تطوير البرامج وكيفية ملاحقتها للتطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي ومشاهير «السوشيال ميديا»؟ وما السبل لعودة برامج التلفزيون إلى دورها التنويري والمؤثر في المجتمع؟
تحتاج التطوير
في البداية، قال د.يوسف الفيلكاوي أستاذ الإخراج التــلفــزيــوني: برامج التلفزيون تحتاج إلى التطوير والمحافظة على ثقافة وتنمية المجتمع وربطه من جيل إلى جيل، وتحتاج أيضا إلى تنمية مهارات الفرد، حتى تواكب التطور الهائل في وسائل التواصل الاجتماعي، وكما هو معروف فإن الحياة الاجتماعية في تغير دائم، حتى العادات والتقاليد تتغير، لذا يجب على القائمين على التلفزيون وبرامجه أن يواكبوا كل هذه التغيرات بإنتاج برامج تساهم في المحافظة على القيم والعادات والتقاليد أو تغيير العادات والأشياء التي لا تصلح منها لحياتنا اليومية الحالية، فما نراه الآن من برامج، للأسف، هو جلب ثقافات مجتمعية مخالفة لثقافات مجتمعنا، فنرى برامج أجنبية لا تناسبنا، لذلك لا بد أن نتأكد من هذه البرامج والقائمين على كتابتها وتطويرها، وأن نأخذ منها ما يلائمنا ويناسب ثقافتنا ومجتمعنا.
وتابع د.الفيلكاوي: لا توجد لدينا أي أدوات قياس لمدى نجاح هذه البرامج وفاعليتها في المجتمعات الكبرى بعد نهاية كل دورة تلفزيونية لدراسة رد فعل الجمهور وتأثير ومدى متابعة المشاهدين لهذه البرامج وهذا ما نفتقده.
وذكر د.الفيلكاوي ان بإمكان التلفزيون يمنح لبعض الأفراد فرصة للظهور على شاشته خصوصا إذا كانوا من مشاهير «السوشيال ميديا» وبإمكانه أيضا، ان يسحب هذه المنح بعدم الاهتمام بأخبارهم. وأردف: ليس من الخطأ ان يكون لدينا مشاهير في «السوشيال ميديا»، لأننا نكون في حاجة إليهم في بعض الأحيان، وهذا يتطلب من الجميع ان ينتقون من يتابعون بـ«السوشيال ميديا».
من جانبه، أكد الفنان عماد العكاري أن البرنامج التلفزيوني يحتاج إلى إعادة صياغة، وذلك من خلال طرح عدة أسئلة ثم الإجابة عنها بعد طرحها، السؤال الأول الذي يتبادر إلى أذهاننا «ما البرنامج التلفزيوني؟ وما الأسس التي يقوم عليها هذا البرنامج حتى ينجح؟» بمعنى آخر «ما مقومات النجاح؟»، والسؤال الثاني: لماذا البرنامج التلفزيوني؟. وقال العكاري: إذا أجبنا عن هذه التساؤلات نستطيع أن نضع إطارا كليا للبرنامج التلفزيوني، مما يتيح لنا إعادة صياغته، كما أن هذه التساؤلات تتطلب منا أيضا الدفع بهذا البرنامج نحو المزيد من الثقافة، فهي تأتي من ثقافة القائمين على البرنامج، لأن ثقافة العاملين بالبرنامج تنعكس إيجابا أو سلبا على المتلقي وبالتالي على المجتمع.
بدوره، قال مدير إدارة التنسيق البرلماني اسامة البلهان: نعم نحتاج إلى تطوير في كل المجالات من خلال استقطاب المتخصصين ليتم وضع أفكار جديدة تنمي الفكر الإبداعي لجميع أفراد المجتمع، وكذلك استقطاب فئة الأطفال في برامج متخصصه تهيئهم وتنمي قدراتهم الفكرية ويمكن خلق جيل واع ملم بأخطار مشاهير «السوشيال ميديا»، وكذلك استخدام منصات التواصل الاجتماعي في التواصل مع أفراد المجتمع من خلال إشراكهم في وضع أفكار جديدة وتجميعها وتقييم هذه الأفكار، وهذا يساعد على زيادة المشاهدة واستقطاب الجمهور في منصات التواصل الاجتماعي، ومشاركتهم في الإعداد والتجهيز للبرامج.
ميادين ثقافية
أما د.ياسر مصطفى فيقول: تحمل وسائل التواصل الاجتماعي البرامج التلفزيونية والإذاعية الثقافية مسؤولية مضاعفة لتأتي بالجديد وتجلب المفيد في شتى الميادين الثقافية، أو على الأقل أن تحسن عرض ما لديها وتجيد قولبته، لأن المشاهد والمستمع أمسى على جانب كبير من الاضطلاع بتلك المعلومات المقدمة في وسائل الإعلام، ولا يختلف اثنان منا على أننا نعاني في ثقافتنا ونقاسي في معارفنا، لا لذاتها، بل لأننا لا نحسن تفعيل ذلك الكم الكبير والهائل من المخزون الثقافي والمعرفي في حياتنا، وبتنا كمن لديه سلاح ولكنه لا يجيد استعماله، فيجني على نفسه وعلى غيره، وهنا يأتي دور وسائل الإعلام في تهيئة برامجها الثقافية للاضطلاع بهذا الدور، ولن يتأتى ذلك إلا بأن تتمتع تلك البرامج بمزيد من التطوير ومواكبة متطلبات العصر من تغيير في لغة الخطاب ومهارة في أسلوب الحوار وبراعة في تقديم الحجج والبرهان، وأخشى ما أخشاه أن نبقى غافلين عن هذا الهدف، فيتحول جهدنا من خدمة الثقافة وزيادتها عن مساره ويتوجه إلى خدمة وتلميع وإظهار المشاهير، ولعل هذا يقع في بعض الأحيان.. والله المستعان!
فئات المجتمع
من ناحيتها، قالت د.مريم العازمي: اننا نحتاج إلى تطوير وطرح مواضيع ثقافية تفيد فئات المجتمع ومنها المراهقون ممن تأثروا بكثير من الشخصيات السلبية من مشاهير «الميديا» فنحتاج إلى توعية وتنمية فكر وبرامج إرشادية بخصوص التعامل مع الأطفال والمراهقين والمسنين ونحتاج إلى توعية بشأن الجرائم الإلكترونية التي يجهلها الكثير، وأضرار الألعاب الالكترونية، ونحتاج الى توعية بخصوص قانون الطفل 22/2015.
أما المذيع احمد الوسمي فيقول: من المحزن والمؤسف أن معظم البرامج الحالية جل اهتمامها تلميع الضيوف وليس الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم ان وجدت، لذلك يخسر المجتمع في هذه الحالة، علاوة على الأسئلة السمجة من قبل مقدم البرنامج التي تدل على ضحالة ثقافته، ولا ننسى أن الاعتقاد بنجاح البرنامج يقتصر فقط على استضافة «ما هب ودب» من الأكثر جدلا من البشر وهم يسمون أنفسهم مشاهير التواصل الاجتماعي وهم بعيدون كل البعد عن ذلك، وهؤلاء السواد الأعظم منهم فاشلون ولكن للأسف نحن نجعلهم من علية القوم.
وأفادت المذيعة شاهة بوسكندر، قائلة: سيطرت برامج التواصل الاجتماعي على الكثير من عقول الناس، كما أن هناك مصطلحا يطلق عليه «الإعلام الموجه» وكيف يمكن ان نؤثر على شريحة معينة من خلال وسيلة سهلة ومنتشرة وهي الهواتف الذكية، التي خرجت منها مجموعة ما يسمى بمشاهير التواصل الاجتماعي فجأة، والبعض منهم اشتهر بالصدفة دونما قصد منه، ولم يع أن تصوير مادة معينة وبعض المقاطع الخاصة به وفي حياته اليومية، انه سيكون له متابعون قد يصل عددهم الى ملايين من داخل وخارج وطنه.
وتابعت بوسكندر: من خلال استغلال بعض الشركات التسويقية لمشاهير التواصل الاجتماعي والتي هي بقصد الدعاية، فإنه قد تحول البعض منهم من حال البأس والبطالة الى الرفاه والثراء، خلال وقت قصير جدا، والشيء بالشيء يذكر تعرض الكثير من مشاهير التواصل الاجتماعي الى الايذاء والتجريح من وجهاء وعوام المجتمع بسبب ان بعضهم لا يعي ما يقول.
طريقة الطرح
بينما قالت المذيعة سهى سبيتة: شاشة التلفزيون مختلفة تماما عن «السوشيال ميديا»، وما يعنيني هو تطوير برامجها، ويكمن هذا التطوير في تغيير طريقة الطرح وتركيبة الأسئلة، وأن يغطي موضوع الحلقة من جميع الجوانب، ولا نغفل أهمية الإخراج وتطويره سواء من ناحية الصورة أو الديكورات أو المؤثرات والاستعانة بأحدث تقنيات الإخراج، واختيار المخرجين الموهوبين المناسبين لنوع البرامج للخروج بها في أفضل صورة، وألا يكون ذلك التطوير شكليا فحسب، بل يجب أن يكون تطويرا في المضمون أيضا. وتابعت سبيتة: ومن العوامل المهمة في الارتقاء ببرامج التلفزيون وتطويرها اختيار الضيف بعناية، اذ يجب أن يكون الضيف من الأوائل في تخصصه، لإثراء الحلقة وتقديم ما يفيد الجمهور والمتابعين من آراء وحلول للقضية المطروحة، للأسف نحن نعاني الآن من تكرار الضيوف والموضوعات مما يجعل المشاهد يشعر بالملل.
واختتم الكاتب طارق بورسلي بالقول: نحتاج للتطوير من اجل انتشار الثقافة وتنمية المجتمع وتعزيز القيم والمفاهيم النافعة والهادفة بما يساير التقدم والتطور، ومن الخطأ أن يكون التطوير فقط لمسايرة المشاهير، بل يجب أن يكونوا أسبابا تجعل من تلك البرامج ذات فائدة للأفراد والمجتمع وترك البصمة في ذلك، وحتى تكون الشهرة ذات صدى طيب.
[ad_2]