كليات القمة: هل هي دائما مرتبطة بالنجاح في الحياة؟
[ad_1]
“كلنا على المقهى سواء” هكذا وصف محمد حاله وزملاءه من خريجي ما يسمي في بعض الدول العربية بـ”كليات القمة”.
ويقول محمد، وهو خريج كلية الهندسة، إنه لا فرق بين الالتحاق بكلية قمة أو غيره، إذ من الأفضل أن تدرس ما تحب على الأقل من أجل الاستمتاع بسنوات الدراسة.
ويتقاتل ملايين الطلاب العرب سنويا على الالتحاق بكليات الطب والصيدلة والهندسة بسبب نظرة المجتمع لهذه الكليات وخريجيها باعتبارهم الأعلى شأنا والأكثر احتراما دون النظر لما يحتاجه العمل أو ما يهتم به الطلاب.
” مجنونة “لأنني اخترت ما أحب
عكس هذا التيار سبحت آية لبيب عبد الرحمن، فقبل عشر سنوات كانت حديث الإعلام في مصر بعد أن حصلت على المركز الأول على مستوى الجمهورية في الشعبة الأدبية بالثانوية العامة ” البكالوريا” بمجموع 101 في المئة.
آية كان بإمكانها أن تلتحق بكليات “القمة “: الاقتصاد والعلوم السياسية أو الإعلام والألسن لكنها قررت آنذاك الالتحاق بكلية الحقوق التي لا يتجاوز الحد الأدنى للقبول بها 60 في المئة.
وتقول آية “اعتبروني مجنونة، الناس كانت بتتصدم وتقولى ليه تعملى فى نفسك كدا، هتسيبي كل الكليات المتاحة أمامك علشان حقوق”.
وعادة ما تقع كليات الحقوق والتجارة في أسفل سلم رغبات الطلاب وعائلاتهم على السواء.
فالالتحاق بمثل هذه الكليات دائما ما يكون عن اضطرار بسبب ارتفاع معدل الدرجات المطلوب للالتحاق “بكليات القمة ” والذي يصل لما يقرب من 100% في بعض الأحيان.
“لم أتمكن من الالتحاق بكلية أحلامي“
تتذكر ريهام الشرقاوي تلك اللحظة الحاسمة التي تُعلن من أجلها حالة الطوارئ وتُحبس الأنفاس لشهور طويلة كما تُنفق الآلاف من الجنيهات، لحظة أعلنت نتيجة الثانوية العامة كانت بالنسبة لها لحظة فرح فهي حصلت على 97% عام 2012 ما توقعت أن يمكنها من تحقيق حلم الطفولة في الالتحاق بكلية الصيدلة .
لكن الصدمة أنها لم تتمكن من ذلك رغم ارتفاع مجموعها فـ 0.5% حال بينها وبين أملها “لتضطر ” للالتحاق بكلية الألسن .
وتقول ريهام ” نسيتُ أصلا أنى أضفت الألسن للائحة الرغبات. لم أكن أرغب في الالتحاق بكلية العلوم وكان علي أن أملأ جميع الرغبات فوضعت أي كلية في المكان الفارغ، لأني كنت متأكدة من الالتحالق بالصيدلة”.
وفي ظل الصراع المحموم على نصف درجة دائما ما تلجأ الأسر لما يعرف بـ”التظلمات” على النتائج في محاولة للحاق بركب كليات القمة .
وتحت هذا الضغط تضطر هذه الكليات لاستقبال أعداد أكبر بكثير من قدرتها الاستيعابية، مما يؤدى لانخفاض معايير جودة التعليم بها، واللجوء لفتح عدد أكبر من الكليات لاستيعاب هذه الأعداد المتزايدة من الطلبة الحاصلين على درجات تقترب من النهائية ،وهو الأمر الذى يعود بالضرر على المجتمع بالكامل.
الاختلاف قد يكون طريق النجاح
ورغم أن آية اختارت طريقا مختلفا عن ما هو متوقع، وريهام اضطرت إلى ذلك، إلا أن النجاح كان حليفهما.
فريهام التحقت بكلية الألسن قسم اللغة الكورية، وحصلت خلال سنوات الدراسة على منحتين مجانيتين للسفر إلى المجر ثم إلى كوريا.
وبعد انتهاء الدراسة حصلت على منحة أخرى في المجر لمدة عام لتنتقل بعدها إلى ماليزيا للعمل كمديرة للمحتوى العربي على مواقع التواصل الاجتماعي.
لماذا لن يتمكن طلاب متفوقون في الثانوية العامة في مصر من تحقيق أحلامهم؟
من يوقف “هلع الثانوية العامة” الذي اجتاح اليوم مصر والأراضي الفلسطينية؟
الجزائر تقطع الإنترنت لمنع الغش في الثانوية العامة
وتختتم ريهام كلماتها “اكتشفت أن الأحلام ليست جامدة، اتخلق لي أحلام جديدة ، وكل يوم أحلامي بتتغير لحاجة أعلى وأكبر”
أما آية فبعد انتهاء دراستها في كلية الحقوق شبعة اللغة الفرنسية ، حصلت على منحة ممولة من الحكومة الفرنسية لدراسة الماجستير في جامعة ليون وبعدها عادت للتدريس في الجامعة في مصر حيث تقوم الآن بإعداد رسالة الدكتوراه الخاصة بها.
وبرغم أنها كانت متفوقة دراسيا، تؤكد آية أن الدراسة ليست كل شيء ” لم أحصل على المنحة لأنى كنت الأولى ولكن تم الاختيار بناء على المهارات الشخصية والخبرات والأنشطة التي كانت أقوم بها، فالأول على الدفعة لم يحصل علي المنحة وحصلت أنا عليها رغم أنى الثالثة “.
“لم أعمل يوما في الهندسة”
ويشكو الطلاب من أن طريقة التدريس في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي برغم كل ما تحمله من ضغوط إلا أنها تعتمد بشكل أساسي على التلقين كما أنها لا تؤهلهم لمرحلة التعليم الجامعي.
ويقول مهند علي “أمضيت في كلية الهندسة 6 سنوات ونصف على الرغم من أنها كانت حلم الطفولة، وتمكنت من الحصول على 97.5 في المئة في الثانوية العامة للالتحاق بها لكنى صدمت بمادة في الكلية لم يكن لدى أدنى فكرة عنها وهي الرسم الهندسي، وهي المادة التي خضت الامتحان الخاص بها 5 مرات حتى التخرج”.
رغم التعثر الدراسي قرر مهند أن يكمل سنوات الجامعة ليرضي أهله ويحصل على شهادة مرموقة ” بعد التخرج لم أعمل يوما واحدا كمهندس وقررت أن أدرس الصحافة، والتحقت بواحد من أشهر البرامج الحوارية بعد شهرين فقط من بدئي دراسة الإعلام”.
“قمتكم غير قمتنا“
وتغير مفهوم “كليات القمة” التي يتهافت الطلاب على الالتحاق بها ويعتبرونها حلما وعدم الالتحاق بإحداها فشلا، مع الوقت.
ففي مصر على سبيل المثال كانت كلية “الحقوق” من كليات القمة قبل نصف قرن إذ لا يتخرج فيها إلا الوزراء والزعماء السياسيين لكن الأمر تغير وأصبحت الكلية الأقل مجموعا.
أيضا هذا المفهوم يختلف من بلد عربي لآخر، فالحقوق من كليات القمة في لبنان بعد كلية الطب لكنها ليست كذلك في اليمن أو المغرب.
ودراسة ” الإعلام” يتهافت عليها الطلاب في المغرب إذ تتطلب اختبارات قبول لا يجتازها سوي عدد قليل جدا منهم لكنها ليست كذلك في الأردن أو سوريا أو لبنان أو الجزائر أو العراق.
والمدرسة العليا للإدارة والمدرسة العليا للتجارة من المدارس رفيعة المستوي في الجزائر لكنها ليست كذلك في مصر أو العراق.
هذه النظرة للكليات الأكثر أهمية والأكثر تقديرا من وجهة نظر المجتمع، خلق تخمة في تخصصات معينة على حساب تخصصات أخري قد تكون أكثر أهمية كالزراعة والعلوم مثلا.
[ad_2]
Source link