أقباط في مصر يتساءلون بشأن تطبيق الشريعة الإسلامية عليهم في الميراث
[ad_1]
“أنا لا أطالب بأكثر من حقي كمواطنة مصرية. أريد أن أتمتع بحقوقي كامرأة وكمسيحية”، هكذا حدثتني هدى نصرالله المحامية بصوت يملؤه الإصرار.
كانت المحامية القبطية في مصر تشرح لي سبب لجوئها للطعن على حكم قضائي يقضي بتطبيق الشريعة الإسلامية عليها وعلى أخويها في تقسيم ميراثهم من أبيهم رغما عنهم.
تقول هدى: “طالبنا، أنا وإخوتي، القاضي بأن يطبق التعاليم المسيحية، التي تساوي بين الرجل والمرأة في الميراث”، لكنها فوجئت بأن إعلان الوراثة صدر وفقا للشريعة الإسلامية، التي تمنح الذكر مثل حظ الأنثيين في بعض حالات الميراث.
رفضت هدى أن يطبق عليها هذا الحكم، واستندت في ذلك لنص المادة الثالثة من دستور عام 2014، والتي تنص على أن يحتكم غير المسلمين لشرائعهم في مسائل الأحوال الشخصية.
“ظلم مضاعف”
أمضت هدى بضعة أشهر بين أروقة المحاكم، ولا تزال في انتظار القرار القضائي المتعلق بالطعن الذي تقدمت به. وتضيف: “أشعر بظلم مضاعف ومتراكم. فما أن أسلك طريقا حتى أجده مسدودا. وأشعر أن الكل يبحث عن مبرر كي لا يستجيب لطلبي المشروع”.
ووفقا لتقاير وإحصاءات غير رسمية، يمثل المسيحيون نحو 10 في المئة من سكان مصر، وينتمي أغلبهم للطائفة الأرثوذكسية. ويحتكمون في أمور الزواج والطلاق للائحة الأقباط الأرثوذكس، الصادرة عام 1938.
ويقول كثيرون منهم إن هذه اللائحة يتم تجاهلها في مسألة الميراث، لأسباب غير معلومة.
وخلال رحلة بحثنا تواصلنا مع العديد من المسيحيين، الذين أكدوا لنا أن المحاكم عادة ما تطبق عليهم الشريعة الإسلامية في الميراث، سواء رضوا بذلك أم لم يرضوا.
“القسمة الرضائية“
وعلمنا أيضا أن المسيحيين عادة ما يلجأون لما يعرف بـ “القسمة الرضائية” (أي القسمة بالتراضي) فيما بينهم، بعيدا عن المحاكم، وبغض النظر عن التقسيم الوارد في إعلان الوراثة. وأحيانا ما يلجأ الأب لتقسيم الميراث بين أبنائه وبناته قبل أن يتوفى.
لم تقبل هدى مقترح أخويها باللجوء للقسمة بالتراضي توفيرا للوقت والجهد. وأصرت على استكمال المسيرة القانونية.
وتقول إنها تريد أن تصبح نموذجا، ينبه عموم المسيحيين لحقوقهم الدستورية، حتى يحذو آخرون حذوها.
وتقول: “إن مهنتي هي الدفاع عن حقوق الناس، فكيف لي أن أتخلى عن حقي؟ آمل أن تحكم المحكمة لصالحي حتى يتشجع آخرون ويفعلوا مثلي. فهناك كثيرون لا يعلمون أن الدستور منحهم حق الاحتكام لشرائعهم”.
وبينما يلجأ بعض الأقباط لمسألة القسمة الرضائية، تنفيذا لتعاليم دينهم، يلتزم آخرون بإعلام الوراثة الصادر من المحكمة. ويبررون ذلك بأنه التقسيم الذي أقرته الدولة، حتى وإن كان يخالف تعاليم المسيحية.
وترى هدى أن تمسك هؤلاء بإعلام الوارثة، في هذه الحالة يأتي بدافع المصلحة، “فالرجل في النهاية سيكون المستفيد الأكبر، إذا منحه إعلام الوراثة ضعف نصيب شقيقته”.
حاولنا أن نتحدث إلى بعض المتضررات من تطبيق الشريعة الإسلامية على المسيحيين في الميراث، لكنهن رفضن الحديث لوسائل الإعلام بشأن مشكلاتهن.
قانون الأحوال الشخصية للأقباط
ولا تزال الكنائس الثلاث تتباحث بشأن إصدار قانون أحوال شخصية للأقباط.
ويتوقع منصف سليمان، المستشار القانوني للكنيسة الأرثوذكسية، أن يصدر القانون قريبا. ويقول إنه تم التوافق بالفعل بين الكنائس الثلاث على جميع التفاصيل. ويرى سليمان أن صدور القانون سينظم مسألة الميراث للأقباط إلى حد كبير.
ويتبنى المحامي رمسيس النجار نفس الرأي، إذ يرى أن تأخر صدور مثل هذا القانون يسهم في تعطيل المادة الثالثة من الدستور بشكل كامل.
ويرى رمسيس أن القاضي لا يزال “ينظر للائحة باعتبارها أقل من القانون، وأن القانون المصدق عليه من مجلس النواب سيكون ملزما للقاضي والمحامي والمواطن”.
لكن رمسيس يقول إنه كان من المفترض العمل بلائحة الأقباط الأرثوذكس في مسألة الميراث، حتى يصدر القانون الجديد، خاصة أنها تطبق منذ أكثر من خمسين عاما في أمور الزواج والطلاق.
“غياب الوعي”
وفي عام 2016 أقرت إحدى المحاكم تطبيق التعاليم المسيحية في الميراث بين أخ وأخته، لتقسم التركة بينهما بالتساوي. لكن بحسب الكثير من النشطاء والمحامين المسيحيين، فإن هذا الحكم حالة غير متكررة في المحاكم المصرية.
ويقول رمسيس النجار إن العرف الجاري منذ سنوات طويلة، والذي يطبق الشريعة الإسلامية على الأقباط في المحاكم، من الصعب أن يتم تغييره بنص الدستور فحسب. ويوضح أن المسألة “بحاجة لحملات توعية إعلامية. وينبغي على الكنيسة أن تنشر الوعي بين الأقباط، بحقوقهم القانونية والدستورية.”
وأكدت هدى على مسألة الوعي، موضحة أن قضيتها ربما تسهم بعض الشيء في تعريف الأقباط بحقوقهم. وتقول إن الدعم، الذي وجدته من مثيلاتها من المسيحييات، سيمكنها من مواصلة طريقها حتى تحصل على حكم ينتصر لها ولهن.
[ad_2]
Source link