التهديد المتنامي لليمين المتطرف عبر الانترنت
[ad_1]
يقول عدة مراقبين إن النشاط المتزايد لليمين المتطرف عبر الانترنت (أي العالم الافتراضي) يهدد بالانتشار على شكل أعمال عنف في العالم الحقيقي المعاش. فهل تقوم الحكومات وشركات التكنولوجيا الرقمية بما يكفي للتصدي لهذا الخطر؟
قبل يومين من تنفيذ هجومه على مسجدين في مدينة كرايست تشيرتش النيوزيلندية، نشر الأسترالي برينتون تارانت تغريدات تضمنت صورا للأسلحة التي كان ينوي استخدامها. وقبل نصف ساعة من بدء أول هجوم، نشر مداخلة في منبر إلكتروني شرح فيها ما كان ينوي فعله. وقبل بضع دقائق فقط من الهجوم الأول، بعث برسالة ألكترونية ضمّنها “بيانا” شرح فيه الأسباب التي دفعته لتنفيذ الهجمات. وعند بدئه بتنفيذ هجماته، شغّل بثا حيا عبر فيسبوك تمكن بواسطته المشاهدون في أنحاء العالم من متابعة ما يجري.
كان الهجومان اللذان استهدفا مسجدين في كرايست تشيرتش، وراح ضحيتهما أكثر من 50 مسلما، عمليتين عنيفتين أُعلن عنها عبر الانترنت قبل وقوعها.
كان تارانت، الذي نفى مسؤوليته عن الهجمات عندما مثل أمام القضاء في حزيران / يونيو الماضي، يعيش وحيدا. ولكنه كان أيضا انسانا يقطن في عالم على الانترنت تهيمن عليه ثقافة عابرة للقارات، ثقافة تنتقل الايديولوجية التي بنيت على أساسها رويدا رويدا من الأعماق المظلمة للانترنت إلى عالم السياسة السائد.
ومما يثير القلق والمخاوف أن الجهات الأمنية وشركات التكنولوجيا أظهرت تقاعسا وبطئا في التصدي لهذا التهديد الجديد النامي.
أسفار تارانت
في أواخر عام 2018، كان تارانت موجودا في مكان يبعد كثيرا عن مسكنه في نيوزيلندا، إذ كان يتجول في النمسا.
وكان تارانت قد قضى السنوات السابقة وهو يتجول في أرجاء عديدة من العالم، وكانت من البلدان التي زارها كوريا الشمالية وباكستان.
وتبيّن نظرة إلى أسفاره أنه قضى الجزء الأكبر من ذلك الوقت وهو يتجول بين سائر الدول الأوروبية، من إسبانيا إلى دول البلقان وكل الدول التي تقع بينهما. وكان شغوفا بزيارة مواقع مرتبطة ببعض المعارك التاريخية المحددة.
جذور “البيان” ذي الصفحات الـ 74 الذي نشره تارانت مغروسة في أوروبا وتاريخها، ويحتوي على اشارات إلى معارك قديمة ليبرر الهجمات التي نفذها في الجانب الآخر من العالم. ويتعرض في “بيانه” إلى الوقت الذي قضاه في فرنسا – حيث يقول إنه شاهد “غزوا للمهاجرين” – قائلا إن تلك الزيارة أثّرت فيه إلى حد كبير.
تقع في قلب “البيان” فكرة أطلق عليها اسم “الإستبدال العظيم”، وهي فكرة تدعي بأن “الشعوب الأوروبية” تُستَبدَل بمسلمين (رغم التوقعات التي نشرتها جهات مستقلة، كمنبر بيو، والتي تقول إنه ما من أدلة تشير إلى احتمال وقوع ذلك في العقود القادمة).
تحركات تارانت في النمسا غير معروفة بالتحديد، ولكنها ما زالت مثارا للكثير من الإهتمام.
ضمّن تارانت تغريدة نشرها قبل أيام قلائل من هجمات كرايست تشيرتش إشارة إلى “فيينا 1683”. كانت تلك هي السنة التي شهدت إيقاف زحف القوات العثمانية عند أبواب العاصمة النمساوية. فبالنسبة لبعض المنتمين للتيار اليميني المتطرف في النمسا، تتمتع البلاد بأهمية شبه اسطورية باعتبارها خط الدفاع الأول في حرب دارت رحاها منذ قرون بين أوروبا المسيحية من جهة والعالم الإسلامي من جهة أخرى.
ولكن ثمة علاقة أخرى بين تارانت والنمسا. “فبيانه” مليء بالنكات التي لا يفهمها إلا الذين يتّبعون ثقافة معينة في الانترنت، ويتضمن إشارات إلى ألعاب إلكترونية وكاريكاتيرات ذات طابع يميني متطرف. تدل هذه الصورة على أن الرجل (تارانت) يعيش الجزء الأكبر من حياته من خلال الانترنت. ومن خلال هذا العالم، أصبح من المعجبين بمارتن سيلنر، الشاب النمساوي ذو النفوذ الواسع في منصات التواصل الاجتماعي والذي يلعب دورا كبيرا في بيئة اليمين المتطرف الأوروبية الجديدة.
ففي أوائل عام 2018، بلغ اعجاب تارانت بسيلنر حدا جعله يتبرع له بمبلغ 1500 يورو.
الدعائي
التقيت بمارتن سيلنر في مقهى يقع في احدى ضواحي فيينا. مظهره، بشعره المصفف والحذاء الرياضي الذي كان ينتعله، مختلف تمام الاختلاف عن المظهر التقليدي لناشطي اليمين المتطرف.
ولكن سيلنر ذو الأعوام الـ 30 هو من قياديي حركة “جيل الهوية Generation Identity“، الجناح النمساوي للحركة المعروفة باسم “الحركة الهوياتية” المعارضة بقوة للمهاجرين المسلمين بحجة أنهم يشكلون تهديدا للهوية الأوروبية وأنهم سيحلون محل السكان الأوروبيين في نهاية المطاف.
إنطلقت هذه الحركة في فرنسا في عام 2012، وسرعان ما انتشرت إلى تسع دول أوروبية على الأقل، منها ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا.
وافق سيلنر على إجراء مقابلة صحفية معه يتحدث فيها عن آرائه، ولكن الموضوع الوحيد الذي أبدى تحفظا حيال الخوض فيه هو علاقته ببرينتون تارانت.
وكانت قوى الأمن قد داهمت منزل سيلنر بعد أسبوعين من هجمات كرايست تشيرتش، وذلك عقب ذيوع تفاصيل تبرع تارانت المالي. وصادرت الجهات الأمنية، في سياق تحقيقاتها في وجود صلة بين سيلنر وتارانت، بطاقات مصرفية وأجهزة كمبيوتر من المنزل.
يصر سيلنر على أنه لم يلتق بتارانت في حياته قط، ولكنه يقر بأنه تبادل الرسائل الإلكترونية معه بعد تسلمه التبرع.
وجاء في إحدى هذه الرسائل “إذا جئت إلى فيينا، يجب علينا أن نتناول القهوة أو الجعة معا”.
ورد عليه تارانت “نفس الشيء إذا جئت أنت يوما إلى أستراليا أو نيوزيلندا، فهناك أناس في البلدين يحبون أن يستضيفوك في منازلهم”.
ويرفض سيلنر الرأي القائل إنه يشترك مع تارانت في اعتناق إيديولوجية واحدة. ويقول إن هدفه هو التغيير بالسبل السياسية والإقناع عوضا عن استخدام العنف. ووصف تارانت بأنه “مُضلّل” و”مخدوع” وذلك في شريط فيديو نشره عقب الهجمات بوقت قصير.
ولكن أولئك الذين يقلقهم صعود اليمين المتطرف يحاججون بأن تطرف تارانت جاء كنتيجة مباشرة للأيديولوجية التي ينشرها سيلنر وأمثاله.
فمداخلات سيلنر في منابر التواصل الاجتماعي تشير كثيرا إلى التهديد الذي يمثله تمازج الثقافات والرأي القائل إن المسلمين سيهيمنون يوما على أوروبا.
قال لي سيلنر إنه عندما يشاهد بعض النسوة وهن يرتدين الحجاب في شوارع فيينا، فإنه لا يشاهد نمساويات بل نسوة ينتمين إلى هوية أخرى.
وعندما ذكّرته بالحقيقة القائلة إن فيينا كانت تتميز بتنوع سكانها منذ أمد بعيد، وأن سر عظمتها كان يكمن في كونها عاصمة للامبراطورية النمساوية المجرية التي كانت تعيش في ظلها شتى الثقافات والقوميات، غابت عنه لبرهة فصاحته المعهودة. اعترف بأن فيينا كانت فعلا تتميز بتنوع حضاري، ولكن الفرق اليوم – حسب رأيه – يكمن في معدل الولادة والتكاثر.
هذه العبارة – “معدل التكاثر” – وردت في مدخل “بيان” تارانت (وهي فكرة يقول معظم الباحثين في علم السكان إنها مبنية على أسس خاطئة). تداخل الأفكار هذا هو الذي يدفع منتقدي سيلنر إلى الوقوف بوجه محاولاته التملص من العنف الذي اتسم به سلوك تارانت.
ويقول البروفيسور بيتر نيومان من جامعة كينغز في لندن، الذي أسس المركز الدولي لدراسة ظاهرة التطرف، “أعتقد شخصيا أنه (سيلنر) شخص خطِر، رغم أنه لا يقوم تحديدا بأي عمل مخالف للقانون. ولا أعتقد أنه متورط شخصيا في الإعداد لأعمال عنف أو في تنفيذها، ولكن الأفكار والنظريات التي يخرج بها تستخدم من قبل البعض لتبرير العنف”.
لا يحاول سيلنر إخفاء الحقيقة القائلة إنه كان من المنخرطين في عالم النازيين الجدد في النمسا عندما كان في سن المراهقة.
ولكنه يضيف أنه أدرك، عندما نضج وبلغ، كمية الكراهية والمرارة التي كانت سائدة في ذلك العالم. ولذلك اعتنق مبدأ “الهوياتية” الجديد الذي نما في السنوات القليلة الماضية ليصبح شبكة للشباب اليميني المتطرف منتشرة في شتى أرجاء القارة الأوروبية.
ويقول سيلنر، ويصر، على إنه ليس عنصريا، بل “أثنوتعددي” يؤمن بحق كل حضارة في الحفاظ على هويتها الخاصة والمنفصلة. هذا المبدأ يعني من الناحية العملية الفصل بين الأثنيات المختلفة.
ولكن منتقدي سيلنر يشككون في صحة تحوله عن النازية الجديدة. ويقولون إنه من الذكاء بحيث استوعب بأن بعضا من الأفكار التي يؤمن بها النازيون الجدد غير مستساغة ولا يمكن لها أن تجتذب المريدين على نطاق واسع.
يقع مركز توثيق المقاومة النمساوية في مبنى بلدية فيينا القديم. وهذا المركز معني بحفظ تفاصيل أولئك الذين قاوموا النازية وضحاياها. يقول برنهارد فايدينغر، المسؤول عن تتبع نشاطات تيار اليمين المتطرف المعاصر، إن الهوياتيين ليسوا إلا نازيين جدد تحت عنوان جديد الغرض منه إيصال رسالتهم إلى الأجيال الجديدة.
ويقول “لا تتمكن إيديولوجية النازيين الجدد من اجتذاب الجماهير النمساوية اليوم، ولذا كان من الحصافة تحديث صورتها وخطابها وكذلك إلى حد ما أفكارها”.
ومضى للقول “استبدلوا (النازيون الجدد) عبارات ينظر إليها تاريخيا على أنها ملوثة بعبارات جديدة أكثر جذبا لطيف أوسع من المجتمع. فعلى سبيل المثال، لا يتحدثون عن التسفير الجماعي القسري، بل عن “إعادة الهجرة أو الهجرة المعاكسة”، ويقولون “إننا لسنا عنصريين، بل نحن أثنوتعدديون”.
ويقول فايدينغر إن النمسا شهدت تطبيعا للخطاب اليميني المتطرف في السنوات الأخيرة. فمثلا دخل تعبير “اعادة الهجرة” في الخطاب السياسي العادي رغم الحقيقة القائلة إن التسفير الجماعي القسري لابد أن يصحبه استخداما واسع النطاق للقوة من جانب الدولة.
أما سيلنر، فيتردد في تفسير كيف ستغادر أعداد كبيرة من المهاجرين الوافدين النمسا.
الجماعة التي ينتمي إليها سيلنر قريبة من حزب الحرية النمساوي اليميني المتطرف، وهو الحزب الذي أصبح الشريك الأصغر في الإئتلاف الحاكم في البلاد بعد فوزه بأكثر من ربع عدد الأصوات في الانتخابات التي أجريت في عام 2017. ويقول سيلنر “تتقاطع العديد من أفكارنا مع أفكارهم”. من جانبه، سبق لزعيم حزب الحرية هاينز كريستيان شتراخه أن وصف كيف يخوض حزبه حربا ضد “استبدال” سكان النمسا الأصليين.
وفي أيار / مايو الماضي، إنهار ذلك الإئتلاف، ولم يعد حزب الحرية جزءا من الحكومة النمساوية.
وكان سيلنر رائدا في مجال استخدام منصات التواصل الاجتماعي في عالم اليمين المتطرف الناطق بالألمانية. ويقول باحثون إن نفوذه يمتد إلى خارج حدود النمسا بكثير.
ويصف جو مولهول، من منظمة “الأمل وليس الكراهية ( HOPE not Hate)” ومقرها بريطانيا، سيلنر بأنه الزعيم الفعلي لحركة جيل الهوية في أوروبا، وذلك لتمكنه من اللغة الإنجليزية ومعرفته بأهمية وسائل التواصل الاجتماعي.
ويقول “لقد ابتكروا لغة وقاموسا جديدين لليمين المتطرف في أوروبا”.
ويضيف بأنه رغم تنصل سيلنر من العنف، هناك ارتباط واضح بين الإثنين. ويقول “اذا قضيتَ جلّ وقتك في الحديث عن استبدال قوم ما بقوم آخرين، وعن اقترابنا من موعد الحسم، يبدأ الناس بالتصرف على هذه الأسس”.
ويقول مولهول إنه بالإضافة إلى محاولتهم تشكيل الحوار السياسي عن طريق إدخال أفكارهم في المجال السائد للحوار، يقوم “الهوياتيون” أيضا بغرس بذور العنف من خلال خطابهم.
ولكن سيلنر يصف نفسه بأنه “محارب معلوماتي” طموحه يتلخص في استخدام العالم الإلكتروني الإفتراضي من أجل اجراء تغيير سياسي في العالم الحقيقي.
وكان سيلنر وغيره من أتباع التيار اليميني المتطرف بارعين في استغلال الفضاء الحر للإنترنت لأغراضهم.
يذكر أن المجموعات “الهوياتية” تتسم بدرجة عالية من التواصل والإتصال ببعضها البعض، حيث تتبادل الأفكار وتتعلم من بعضها، وتكيّف هذه الأفكار مع سياقاتها الوطنية الخاصة.
ويذكر أيضا أن سيلنر هو خطيب مدوِّنة الفيديو اليمينية بريتاني بيتيبون، التي سبق لها أن ظهرت معه في الفيديوات التي ينشرها في يوتيوب.
وفي حزيران / يونيو 2019، نشر سيلنر رسالة تسلمها من وزارة الداخلية البريطانية قالت فيها إنه مُنع بشكل دائم من دخول بريطانيا لأن حركة جيل الهوية “تروّج بشكل متعمد خطابات معادية للإسلام والهجرة”. وقالت الوزارة في رسالتها إن سيلنر يشكل “تهديدا خطيرا” للجهود المبذولة لمجابهة التطرف وحماية القيم المشتركة.
ولكن سبق له أن زار بريطانيا في الماضي.
ففي خريف عام 2017، حضر حفل إطلاق فرع بريطانيا لحركة جيل الهوية، وهو الحفل الذي أقيم في شقة بحي بريكستون جنوبي لندن وشارك فيه 15 شخصا حيث ألقى كلمة وأسدى نصائح حول التكتيكات التي ينبغي للجماعة الجديدة أن تتبعها، وعلى وجه الخصوص ما يجب على أعضائها قوله أذا سئلوا من قبل وسائل الإعلام إن كانوا عنصريين.
وكانت بين الحضور نمساوية أخرى لا تختلف من ناحية السن عن سيلنر بكثير. حصلت هذه، واسمها جوليا أبنر، على دعوة لحضور الحفل المتواضع بعد أن أُجريَت معها لقاءات عبر سكايب ووجها لوجه حول توجهاتها السياسية. ولكن المرأة التي حضرت الحفل معتمرة شعرا مستعارا أشقر لم تكن من الهوياتيين، بل كانت تعمل مستترة لأغراض أخرى.
مستترة
سبق لأبنر أن وصلت إلى بريطانيا في عام 2014، وبدأت بالبحث في الدعاية التي ينشرها الجهاديون عبر الانترنت. ولكنها غيرت توجهها في عام 2016، بعد اغتيال النائبة العمالية جو كوكس على يد متطر يميني يعمل لوحده. وكان هذا قد اعترف خلال محاكمته أنه كان يتابع ما تنشره الجماعات النازية وتلك التي تؤمن بتفوق الجنس الأبيض في الانترنت، ويتعلم منها.
لاحظت أبنر بسرعة أوجه الشبه بين المجموعات الجهادية واليمينية المتطرفة، فيما يتعلق بالتكتيكات التي تتبعها وفي نقاشها حول حتمية وقوع مواجهة بين المسلمين وغير المسلمين.
كان التحرك سرا ضروريا لعمل أبنر مع معهد الحوار الاستراتيجي، علاوة على أهميته لها في البحوث الخاصة بالكتاب الذي كانت تنوي نشره.
وتصف أبنر، من مكتبها في وسط لندن، العمل السري مع الجماعات اليمينية المتطرفة بأنه “مخيف جدا”، نظرا “للتشكك المفرط” لهذه الجماعات حيال المتسللين إلى صفوفها.
لكن مع ذلك، فهي تقضي جلّ وقتها في التسلل إلى العالم الافتراضي، إذ تتجاوز المواقع المفتوحة وتغوص إلى أعماق غرف الحوار والدردشة الخاصة وتتنصت على المحادثات المغلقة. وتقول “إنه مزعج جدا بالتأكيد”، مضيفة أنها تكون بحاجة إلى فترة “نقاهة” من مواقع التواصل الاجتماعي لعدة أيام بعد كل عملية تسلل تقوم بها.
تستخدم أبنر هويات وهمية من أجل ولوج القنوات والمواقع المشفرة التي لا يمكن ولوجها إلا بدعوة، وتقول “بعض الحوارات تجري في زوايا مخفية في الانترنت”.
واضطرت إلى تعريف نفسها بالإيماءات الحضارية والنكات ذات الخصوصية المستخدمة في هذه الغرف والمواقع من أجل تجنب احتمال اكتشاف أمرها، وتعرضت في العديد من المناسبات للاستجواب، إما عن طريق مقابلات أو من خلال حسابات منصات التواصل الاجتماعي.
وتقول إنه كلما كانت الجماعة أكثر تطرفا، كلما كان الاستجواب أكثر صعوبة، وإنه طُلِب منها مرة أن تزود إحدى المجموعات بنتائج فحص جيني لاثبات أصلها وللبرهنة بأنها “نقية عرقيا”. وتقول إنها زودتها بنتائج كاذبة.
وعندما اصطحبتني أبنر في جولة في عالم اليمين المتطرف في الانترنت، شاهدت روابط العشرات من المجموعات من شتى أنحاء العالم تملأ الشاشة. وتقول إن هذه المجموعات المختلفة تتعاون فيما بينها في ترتيب تطلق عليه اسم “التشابك القومي”. وتمضي للقول إن واحدة من المجموعات الأمريكية مثلا قد تفتتح منصة لتبادل المحتوى يحمل العديد من “الميميات” (وهي الصور التي تحمل تعليقات ساخرة تلقى انتشارا واسعا عبر الإنترنت) المعادية للمهاجرين يمكن للمجموعات في بلدان أخرى تحويرها واستخدامها.
يحتل هذا الفضاء طيف واسع جدا من المجموعات، من مجموعات للنازيين الجدد تعرّف بمعاداتها للسامية إلى مجموعات أحدث تكوينا تركز على الهوية الغربية الأوروبية وتعتبر أن المسلمين يشكلون تهديدا لهذه الهوية.
وتستخدم هذه المجموعات انستاغرام ويوتيوب لمحاولة الوصول إلى أكبر جمهور ممكن. وهذه هي المواقع التي يمكن للفضوليين أن يجدوا فيها المحتوى اليميني المتطرف، كما هي المواقع التي تلعب فيها الطرق الحسابية التي تستخدمها محركات البحث دورا في توجيه المستخدمين إلى محتويات تعد من المرجح أن تجذبهم باستمرار.
وتقول أبنر في هذا الصدد “ينتهي بك الأمر بسرعة فيما يشبه غرفة صدى للأصوات المتطرفة”.
ويُمنح بعض من الذين يتفاعلون مع المحتوى المتطرف رابطا يتمكنون بواسطته من الانتقال إلى مرحلة أعلى من سلم التراتب المتطرف الذي يكون في العادة من خلال تطبيق مراسلة مشفر. فتطبيق تلغرام على سبيل المثال، الذي كان يستخدمه تنظيم الدولة الإسلامية، يتمتع بشعبية كبيرة في أوساط اليمين المتطرف.
كما تجد مجموعات اليمين المتطرف ملاذات آمنة لها في المواقع “التحررية”، مثل لوحات الرسائل 4تشان ( 4Chan) و8تشان ( 8Chan) وغاب ( Gab). وقال متحدث باسم غاب إن موقعه يحمي كل الخطابات التي يسمح بها الدستور الأمريكي، وأضاف “لا يتغاضى غاب عن خطاب الكراهية، وستصبح حياتنا أكثر راحة بكثير لو امتنع الناس عن نشرها في موقعنا، ولكن من أجل التماشي مع مبادئنا لا بد أن ننشرها”.
كما تزداد باستمرار جاذبية مواقع الألعاب الألكترونية بالنسبة لمجموعات اليمين المتطرف، حسبما تقول أبنر، مضيفة أنها تركز النظر بشكل خاص على موقع “ديسكورد ( Discord)” المخصص لتواصل مستخدمي الألعاب الإلكترونية. ففي هذا الموقع فتحت بعض مجموعات اليمين المتطرف غرف دردشة حرة ولامركزية بخلاف المواقع الأخرى التي تخضع غرف الدردشة فيها إلى رقابة صارمة وتراتبية ليست بعيدة الشبه عن تلك السائدة في الجيوش. وتتراوح أعداد المشاركين من مختلف المجموعات من 5 إلى حوالي 20 ألف مشارك.
وتقول أبنر إن المسؤولين عن تجنيد المؤيدين يصوغون رسائلهم تبعا للمواقع التي يودون مخاطبتها. وتفسر ذلك بالقول “من أجل تجنيد مؤيدين من أوساط الألعاب الإلكترونية، يستخدمون خطابا وتوجها يحاكي تلك الألعاب، أما إذا كانوا يخاطبون مشاركين في المنصات ذات التحررية المبالغ بها، فإنهم يركزون على مواضيع تتمحور حول حرية التعبير، وعندما يحاولون اجتذاب مشاركين في شبكات تعنى بنظريات المؤامرة إلى مواقعهم اليمينية المتطرفة، فإنهم يشيرون فورا إلى هذه النظريات”.
وتؤكد أن حركتي جيل الهوية والهوياتيين هما أكثر حركات اليمين الجديد حيوية ونموا، وتظهران تفهما لجمهورهما الشاب. وتقول “تستخدم الحركتان الكثير من العناصر المرتبطة ببيئة الألعاب الإلكترونية، ولكنهما تستنبطان الكثير أيضا من الثقافة الشعبية وتضعان نكاتا خاصة بهما”.
مما لا شك فيه أن لهذه المجموعات الإلكترونية تأثيرا متزايدا في العالم الحقيقي. فحسبما قالت أبنر، قد يتضمن هذا التأثير على الحوارات السياسية عن طريق طرح مواضيع مثل الهجرة ووضعه في قمة قائمة المواضيع الحوارية على الإنترنت في ألمانيا على سبيل المثال. تشير أبنر إلى شاشة حاسوبها وتريني حوارا لمجموعة مرتبطة بجيل الهوية على موقع ديسكورد يتمحور حول طبع 40 ألف منشور انتخابي لاستخدامه في انتخابات وشيكة.
وتقول “بعض من هذه المجموعات ما برح يبني شبكات خاصة به، وأصبح بامكانها مشاركة غيرها بالمعلومات المضللة وأصبح بإمكانها أيضا إطلاق عمليات كبيرة مشتركة في الفضاء الألكتروني وفي نفس الوقت بإمكانها تعبئة المؤيدين بسرعة خارج هذا الفضاء”.
وتزداد في غضون ذلك الأدلة التي تشير إلى أن هذه النشاطات تنحى نحو العنف وليس نحو النشاط السياسي فقط.
شارلوتسفيل
تقول أبنر إن المرة الأولى التي رأت فيها مجموعات ألكترونية يمينية متطرفة وهي تنظم نشاطات في العالم الحقيقي كانت عشية انطلاق مظاهرات “لِنُوّحد اليمين” التي شهدتها مدينة شارلوتسفيل في الولايات المتحدة في آب / أغسطس 2017.
أصبحت تلك المظاهرة واحدة من أكبر التجمعات من نوعها في الولايات المتحدة منذ عقود، إذ شارك فيها المئات من النازيين الجدد والمتطرفين البيض وأفراد جماعة كو كلوكس كلان العنصرية.
وكانت غرفة دردشة واحدة في موقع (ديسكورد) مكلفة بكل الشؤون اللوجستية الخاصة بالمظاهرة، وكانت تصب انتباهها على مهمة خلق صورة نمطية موحدة للمتظاهرين وكانت تأمرهم بارتداء ملابس معينة.
وكانت ثمة مؤشرات إلى احتمال اندلاع أعمال عنف بائنة حتى قبل موعد انطلاقها. وكانت أبنر ورفاقها قد قرروا التسلل إلى المظاهرة، ولكنهم عدلوا عن قرارهم بعد أن شاهدوا صورا لأسلحة نارية نشرها مقربون من اليمين المتطرف في الإنترنت.
وخلال المظاهرة، دهس أحد المشاركين فيها، يبلغ من العمر 21 عاما، عمدا بسيارته جمعا من معارضي المظاهرة، مما أدى مقتل فتاة واصابة 28 بجروح. وحكم على المهاجم بالسجن المؤبد في حزيران / يونيو 2019.
أطلعتني أبنر على إحدى المجموعات تضم 800 مشترك في موقع (ديسكورد) تقول إنها توزع صورا لأسلحة نارية وتدعو متابعيها إلى تنفيذ المزيد من الهجمات على المسلمين والمهاجرين في أعقاب هجمات كرايست تشيرتش.
لكن (ديسكورد) قال لبي بي سي إن تعليماته تحرّم نشر الكراهية والتحرش ورسائل التهديد والدعوات إلى العنف، مضيفا أنه يحقق في هذه الأمور ويتخذ اجراءات فورية بحق المخالفين.
إلا أن أبنر تقول إنها تطّلع على دعوات للعنف بشكل يومي في شتى منابر التواصل الاجتماعي، وتقوم بإخبار الجهات الأمنية وشركات التكنولوجيا الكبرى عن هذه الخروق. ولكنها تقول إن الطرفين لا يوليان التهديد المتأتي عن اليمين المتطرف نفس الأهمية التي يوليانها للتهديد الذي يشكله الجهاديون.
ويتفق جو مولهول، من منظمة “الأمل وليس الكراهية ( HOPE not Hate)” مع ما ذهبت إليه أبنر. ويقول “تأخرت السلطات وشركات التكنولوجيا (في التصدي لتهديد اليمين المتطرف) بشكل خطير”.
بداية التصدي
بدأت الحكومات وشركات التكنولوجيا ببذل جهود أكثر جدية للتصدي للتهديد الذي تشكله جماعات اليمين المتطرف عقب هجمات كرايست تشيرتش. ففي أيار / مايو الماضي، عقد اجتماع في العاصمة الفرنسية باريس حضره ممثلون عن عدة حكومات وكبريات شركات التكنولوجيا، وتمخض الاجتماع عن “دعوة للتحرك” التزموا بموجبها ببذل المزيد من الجهود للتصدي لانتشار الإرهاب والتطرف عبر فضاء الإنترنت.
فقد أعلنت يوتيوب على سبيل المثال عن إجراءات جديدة تستهدف النازيين الجدد والعنصريين البيض جماعات وأفرادا، بينما حظرت فيسبوك بعض الأفراد والجماعات من المشاركة في موقعها بشكل دائم. وتضم هذه الجماعات الحزب القومي البريطاني، كما اتخذت إجراءات أخرى بحق العنصريين البيض والمتطرفين.
من جانبه، يقول سيلنر إنه “حُرِمَ” من المشاركة في منابر انستاغرام و فيسبوك وكيكستارتر وغيرها، ولكن حسابه في يوتيوب ما زال فعالا.
ويقول “أعلم علم اليقين أنه بحلول الغد قد يختفي ويتبخر كل وجود لي في منصات التواصل الرسمية”.
نتيجة هذه المخاوف، يركز سيلنر اهتمامه ونشاطه على منصات كتلغرام، التي تعد أقل تعرضا للضغوط السياسية، كما يقوم بإعداد قوائم بعناوين بريدية إلكترونية.
شكلّت أحداث شارلوتسفيل نقطة تحول بالنسبة لشركات التكنولوجيا. فموقع (ديسكورد) مثلا بدأ بادخال اجراءات بنيوية وأساسية عقب تلك الأحداث، وشرع بالتعاون مع جماعات المجتمع المدني التي بإمكانها التعرف على المحتوى اليميني المتطرف (ولكنه لم يعمل بنفس الهمة والسرعة للتعرف على هذا النوع من المحتوى خارج الولايات المتحدة).
ولكن هناك من يقول إن التوجه الإقصائي هذا يحمل في طياته عدة مخاطر.
ويقول آدم هادلي، من مجموعة “التكنولوجيا ضد الإرهاب ( Tech Against Terrorism)” “جزء كبير من الخطاب الذي يروجه اليمين المتطرف يتمحور حول الرقابة، ولذلك يمكن لك أن تعزز هذا الخطاب اذا قمت بمنع أو حظر حسابات الجماعات اليمينية المتطرفة وبذا تقوم من حيث لا تدري بتعزيز ذات الظاهرة التي تحاول التصدي لها”.
تحاول شركات التكنولوجيا تكييف أنظمتها التي أسست أصلا للتصدي للمحتوى الجهادي بحيث تتمكن من البحث عن المحتوى اليميني المتطرف، ولكن للأتمتة دائما حدود كما تختلف التحديات بين الحالتين.
نشر تارانت (منفذ هجمات كرايست تشيرتش) صورا للأسلحة التي كان ينوي استخدامها في هجماته، ولكن لم ينشر معها أي كلمات. لماذا؟ لأنه كان يظن بأن معظم أنظمة المراقبة تعتمد على التعرف تلقائيا على كلمات معينة.
ولكن موقع تويتر حذف حسابه، وأخبر الجهات الأمنية، كل ذلك في غضون دقائق معدودة من وقوع الهجمات.
كما أبرزت هجمات كرايست تشيرتش موضوع البث الفيديوي الحي على جدول أعمال جهود محاربة التطرف. لم يشاهد البث الحي لتارانت وهو ينفذ فعلته إلا حوالي 200 شخص، ولكن تسجيل البث سرعان ما انتشر حول العالم انتشار النار في الهشيم. (تقول فيسبوك إن الذي نشر الشريط أولا هو أحد مستخدمي موقع 8Chan).
يقول أحد الخبراء بالتعامل مع التحديات التي يمثلها التطرف على منابر التواصل الاجتماعي إنه وزملاءه لم يسبق لهم أن رأوا محتوى آخر ينتشر بهذا الشكل الفوري والسريع أبدا. ففي الساعات الـ 24 الأولى عقب الهجمات، جرت 1,5 مليون محاولة لاستنزال التسجيل، 1,2 مليون منها أجهضت بنجاح. كما بدأ بعض المتطرفين بتبادل تكتيكات وأساليب تحوير التسجيل بحيث يتمكن من تفادي الأنظمة المصممة لمنع نشره.
كما يجب أن يتحمل قسطا من المسؤولية في انتشار التسجيل الإعلام العام والناس العاديون عموما، وليس المتطرفين لوحدهم. وفي شهر أيار / مايو، أعلنت فيسبوك عن فرض قيود جديدة على البث الحي عبر منابرها.
ولكن المنتقدين يشككون في أن لشركات التكنولوجيا الكبرى أي مصلحة في التعامل مع المشكلة الأكبر المتمثلة في المعادلات التي تستخدمها من أجل زيادة الفترات التي يقضيها المستخدمون في مواقعها حتى وإن تطلب ذلك تعريضهم لمحتويات متطرفة وحثهم على متابعتها.
وتقول يوتيوب إنها أدخلت قيد التطبيق في كانون الثاني / يناير 2019 تغييرات في الأنظمة التي تستخدمها لحث المستخدمين على مشاهدة قنوات معينة، مضيفة أن هذه التحسينات حدّت من انتشار المحتويات المؤذية – وما تطلق عليها “المحتويات التي تكون على حافة الإيذاء” – بنسبة 50 في المئة.
كان أوضح إنذار مبكر يصدر قبيل وقوع هجمات كرايست تشيرتش الرسالة التي نشرت في موقع 8Chan قبل وقوعها بوقت قصير. ولكن التعرف على هذا النوع من المحتوى يتطلب مراقبة دائمة ومستمرة من جانب الشرطة وجهات الأمن الأخرى وهي مراقبة يقوم بها عادة رجال أمن متخفون يدخلون غرف الدردشة وكأنهم من أعضائها العاديين. إلا أنه لم يتضح بعد إن كان القدر الكافي من الموارد أو الإنتباه مكرسة لنشاطات المراقبة هذه بعد.
وبينما يحقق ويتابع ويحذر باحثون مستقلون وجماعات المجتمع المدني ارتفاع نجم اليمين المتطرف منذ أمد بعيد، اقتصر دور الجهات الأمنية على ردود الفعل عموما.
وتقول مصادر أمنية إنه بينما يتحدث الناس بأمور تتعلق بالعنف في غرف الدردشة، ثمة مشكلة في تعيين الجدي من هذه الاحاديث ومصادرها.
ففي بريطانيا، وهذا أمر أثار الاستغراب، لم يؤد اغتيال النائبة العمالية جو كوكس (على يد يميني متطرف) في عام 2016 إلى أي تغيير في سياقات عمل وكالة الأمن الداخلي MI5 التي امتنعت لفترة طويلة عن تحمل مسؤولية التحقيق في التهديدات التي يشكلها اليمين المتطرف، إذ كان يسود الوكالة شعور بأنها تستخدم كل مواردها في التصدي للعنف الجهادي.
بدأت الأمور بالتغير في عام 2017، عندما تبعت سلسلة من الهجمات الإرهابية الجهادية سلسلة معاكسة من العنف نفذها يمينيون متطرفون. ويقول مصدر أمني بريطاني، امتنع عن ذكر اسمه، إن المحللين الاستخباريين اكتشفوا آنئذ إن التهديد الذي يشكله اليمين المتطرف “أوسع وأعمق بكثير مما كان معروفا”.
ويقول مصدر آخر إن مسألة اليمين المتطرف وكيفية التعامل معه أصبحت تبحث في كل الاجتماعات التي يعقدها مسؤولو مكافحة الإرهاب في بريطانيا، ولكنه يضيف أن لا يتم التركيز إلا قليلا على الشبكات العابرة للحدود والإيديولوجية التي تقف وراء التطرف اليميني بشكل عام.
وثمة عقدة أخرى تواجه العديد من الحكومات، لأن التصدي لليمين المتطرف يتطلب إقحام قوى الأمن في موضوع مراقبة الحياة السياسية بطريقة لا يتطلبها التعامل مع العنف الجهادي. والسبب في ذلك يكمن في أن أفكار اليمين المتطرف أصبحت جزءا من الاتجاه السائد في بعض المجتمعات.
وكلما اندمجت أفكار اليمين المتطرف بالاتجاهات السائدة في المجتمعات، كلما زادت التوترات حول ما إذا كانت متطرفة حقا أم أنها لا تمثل إلا شكلا مقبولا للخطاب السياسي وتمثل وجهة نظر نسبة كبيرة من الناس العاديين. من جانبها، تستغل جماعات اليمين المتطرف هذه الإشكالية.
ولكن أولئك الذين يتتبعون المجموعات المشابهة لتلك التي ينضوي تحتها سيلنر يعتقدون أن القليل فقط يجري عمله للتعامل مع الأشخاص الذين ينشرون الإيديولوجية المسؤولة عن أحداث كهجمات كرايست تشيرتش.
يقول مولهول “إن الخطر الذي تمثله حركة جيل الهوية يكمن في قدرتها على تطبيع إيديولوجية مبنية أصلا على الفصل الإثني”.
وفيما يخص الجهاديين والحركات الجهادية، جرى نقاش طويل الأمد حول ما إذا كان ينبغي مطاردة اولئك الذين يخططون لتنفيذ أعمال عنف أو توسيع نطاق المطاردة لتشمل المحرضين على التطرف أيضا – وهم الأخطر والأصعب تعاملا إذ أنهم يتوخون الحذر ويحرصون على تجنب تخطي حدودا معينة.
ومما لا شك فيه أن نقاشا مماثلا – ولكنه أكثر تسييسا – قد يكون بانتظار اليمين المتطرف.
فالبحث عن تارانت شيء، أما إقتفاء آثار المؤدلِجين الذين يدّعون براءتهم من العنف والذين لهم ارتباطات بأحزاب سياسية، فهو شيء آخر وأكثر صعوبة.
ربما كانت كرايست تشيرتش نقطة تحول بالنسبة للكيفية التي يتم بها التعامل مع المزاوجة بين المواد التي تنشر في الإنترنت من جهة والعنف الذي يجري في العالم الحقيقي من جهة أخرى. ولكن الخوف الذي يقض مضاجع كثيرين في دوائر مختلفة هو أن الحجم الحقيقي للتحدي الماثل والمتمثل في اليمين المتطرف لم يُفهم بعد.
حقوق نشر كافة الصور محفوظة.
[ad_2]
Source link