أخبار عربية

ماذا تستفيد من مشاركة وظيفتك مع شخص آخر؟


ماذا تستفيد من مشاركة وظيفتك مع شخص آخر؟

مصدر الصورة
Getty Images

لم يعد ثمة شك في أن بيئات العمل شهدت تغيرا جذريا في الآونة الأخيرة، إذ طغت أنظمة العمل عن بُعد والعمل بدوام جزئي ونظام العمل المرن على نظام العمل المكتبي التقليدي الذي يبدأ من التاسعة وينتهي في الخامسة مساء.

ويعد نظام تقاسم الوظيفة أحد التحولات الجديدة التي طرأت على بيئات العمل، وأطلقت عليه مجلة “فوربس” الأمريكية “آخر الثورات في بيئات العمل”.

وبالرغم من أن نظام تقاسم الوظيفة، الذي يسمح لعدة موظفين بتقاسم ساعات الدوام والراتب الشهري، قد ظهر منذ عقود مضت، إلا أنه لم يحقق الانتشار الكافي بعد. ففي المملكة المتحدة لا يتعدى عدد الموظفين الذين يتقاسمون الوظائف 0.4 في المئة. ولا يزال أغلبية المديرين يجدون صعوبة في فهم آليات تطبيق هذا النظام على أرض الواقع.

وقد تقاسمت ماغي بيغوت مسؤوليات ومهام سبعة مناصب مناصفة مع جوديث كيليك على مدى 23 عاما، بموجب نظام “تقاسم الوظيفة”، ونالتا معا ترقية ووسام شرف ملكي أيضا. إذ تركت بيغوت وكيليك العمل في سلك المحاماة الذي لم يتح لهما المرونة الكافية في ساعات العمل وانتقلتا إلى قطاع الخدمة المدنية وعملتا في مكتب الطعون الجنائية.

وتقول بيغوت إنهما أرادتا العمل بدوام جزئي لتحقيق التوازن بين حياتهما العملية وحياتهما الأسرية، وكان هذا التوافق في الأهداف مهما من البداية لاتخاذ قرار تقاسم الوظيفة.

وتقاسمت كيليك وبيغوت الراتب الشهري، إذ كانتا تحصلان على أجر ثلاثة أيام أسبوعيا لكل منهما، وكانت بيغوت تعمل من الإثنين إلى الأربعاء، بينما تعمل كيليك من الأربعاء إلى الجمعة، بحيث تلتقيان يوم الأربعاء.

وتقول كيليك، إن هذا اليوم كان مهما لتنسيق العمل، لأنهما كانتا تناقشان معا المهام التي أنجزتاها، وتتعاونان معا في المهام التي يتعذر تقسيمها بينهما، مثل الأمور ذات الصلة بخطة تنفيذ مهام المنصب وأساليب إدارة مرؤوسيهما.

وتشدد كيليك على أهمية إطلاع الأخرين، سواء كانوا قضاة أو زبائن، على أساليب تقسيم مهام الوظيفة فيما بينهما والأدوار التي سيضطلع بها كل منهما.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

قد يحقق تقاسم الوظيفة نتائج مثمرة إذا كان شريكك في الوظيفة يتمتع بمهارات مكملة لمهاراتك

وترى كيليك أن تقاسم الوظيفة لا يكون مجديا إلا إذا عثرت على الشريك الذي يتوافق معك وقد يعمل معك بانسجام، وهذا ليس بالأمر الهين. وتقول: “التقيت ماغي عندما كنا نعمل في نفس الإدارة وكنا حديثتا عهد بالإنجاب وتربية الأطفال، وأردنا أن نعمل بدوام جزئي”.

وتقول بيغوت إنه لا يشترط أن تكون أنت وشريكك في الوظيفية متماثلين في المهارات والصفات، بل من الأفضل أن تكونا مختلفين بعض الشيء ليكمل كل واحد منكما الآخر، وقد يستغل كل منكما مواطن قوته ويساعد الآخر، ويستفيد من مواطن قوة شريكه وخبراته.

إلا أن الانسجام وتوافق الآراء بين الشريكين أمر لابد منه، على حد قول بيغوت، فإذا كان واحد من الشريكين يقدس العمل والآخر متوان في عمله، ستفشل الشراكة بين الاثنين. وترى أن الشريكين يجب أن يتبنيا نفس الآراء عن أساليب القيادة والإدارة حتى لا يحدث صدام وتنافس بين الاثنين.

وتتفق الاثنتان على أهمية الثقة المتبادلة بين الشريكين في المنصب. وتقول بيغوت: “عندما أسلم العمل لجوديث يوم الأربعاء، أعود إلى المنزل بذهن صاف لا أفكر سوى في أسرتي. ولا أعارض أبدا قرارات جوديث، حتى لو لم أوافق عليها 100 في المئة”.

وتحذر كيليك من تعمد إفساد الجهود التي بذلها شريكك في الوظيفة أو إلغاء الإجراءات والقرارات التي اتخذها، وتنصح بالحرص دائما على المضي قدما وعدم التراجع إلى الوراء.

وتقول كيليك إن نجاح تقاسم الوظيفة يتطلب الكثير من الأعمال التحضيرية لتحديد كيفية تقسيم مهام الوظيفة ومسؤولياتها بينكما، حتى يتسنى لك الإجابة بوضوح على استفسارات الآخرين عن طريقة سير العمل حين يتولى موظفان منصبا واحدا.

وعلى الرغم من أن الفرص والمزايا التي يتيحها نظام تقاسم الوظائف لم تستغل بعد، إلا أن الغالبية العظمى من الموظفين يفضلون جداول العمل غير التقليدية. وأشار بحث أجرته شركة “تايموايز” للاستشارات في مجال العمل المرن، إلى أن 87 في المئة من الموظفين في المملكة المتحدة يفضلون نظام العمل المرن، في حين أن الوظائف المتاحة في سوق العمل بنظام العمل المرن لا تمثل إلا 11 في المئة فقط من إجمالي الوظائف.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

نجاح نظام تقاسم العمل مرهون بإقناع الناس بتقبله كنظام شائع

وتساعد بيغوت الآخرين في تقبل فكرة تقاسم الوظيفة، وتقول إن البعض يتخوفون من الفكرة لأنهم لم يروها من قبل على أرض الواقع، لكن بمجرد أن ترى أن العمل يسير بسلالة رغم تقاسم المهام، سيزول الخوف على الفور.

وتضرب مثالا على ذلك بإجراءات الترقي. فعندما تقدمتا بطلب للترقي لمنصب إداري رفيع المستوى، تلقت كيليك مكالمة هاتفية من إدارة الموارد البشرية يسألونها عن مقترحاتها حول كيفية إجراء المقابلة.

واقترحت عليهم أن تجري الإدارة مقابلة مع بيغوت ثم معها ثم مع كليهما معا لتقييم مدى الانسجام بينهما.

وعن نتائج نظام تقاسم الوظيفة، تقول كيليك إنه يساعد حتما في تحسين الإنتاجية. وأشار بحث إلى أن تقاسم المناصب الإدارية العليا يرفع الإنتاجية بمعدل 30 في المئة.

وتقول إن مهام المنصب زادت أيضا منذ أن توليتاه معا، وكأنك عينت موظفتين براتب موظف واحد.

وتقول بيغوت إن تقاسم الوظائف أصبح نظاما مألوفا منذ أن أثبتت بيغوت وكيليك إمكانية تطبيقه.

وتقترح كيليك أن تبحث إدارة الموارد البشرية عن أشخاص يرغبون في تقاسم الوظائف مع غيرهم ويشجعونهم على الالتقاء معا لمناقشة مدى إمكانية تقسيم المهام بينهم.

وقد حازت كل من بيغوت وكيليك على وسام شرف من ملكة انجلترا، وبعد أن تقاعدتا حل محلهما موظفان بدوام كامل لتولي نفس مهامهما السابقة بدوام جزئي.

وتقول بيغوت إنه لولا نظام تقاسم الوظيفة لما أتيحت لهما هذه الفرص للترقي لمناصب رفيعة المستوى.

لكن كيليك لا تنكر أنهما شعرتا بثقل المسؤولية لإثبات جدوى نظام تقاسم الوظيفة. وتقول: “بذلنا مجهودا مضاعفا لكيلا تؤثر مشاركتنا لمهام الوظيفة على سير العمل”. وأمضت كيليك وبيغوت وقتا طويلا في الترويج لهذا النظام غير التقليدي والتواصل مع الناس الذين يرغبون في تقاسم الوظائف.

وتقول بيغوت: “من الرائع أن تشذ قليلا عن القاعدة، وتتقاسم وظيفة مع شخص لتخصص وقتا للراحة والاسترخاء وممارسة أنشطة أخرى غير العمل وتحقق التوازن بين العمل والحياة الأسرية”.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى