هل الطريق مسدود أمام أي محاولة لإنقاذ اتفاق إيران النووي؟
[ad_1]
يسلك الاتفاق النووي الإيراني طريقا معاكسا للسكة التي بنيت خصيصا له قبل أربع سنوات.
وكان انسحاب الولايات المتحدة منه، وإعادة فرض العقوبات على إيران، والخطوات الإيرانية – ردا على ذلك – برفع كمية تخزين اليورانيوم فوق 300 كيلوغرام، ونسبة التخصيب فوق 3.67 في المئة، سببا لتحول الاتفاق، الذي وُصف يوما باتفاق القرن، إلى شجرة غير مثمرة لإيران، وكأنه لم يكن، بالنسبة إلى الولايات المتحدة.
ولعل الأزمة الدولية التي تتفاقم بناء على حال الاتفاق تكشف بوضوح أنه كان متماسكا عندما كانت كل من طهران وواشنطن ملتزمتين به، لكنه أصبح، لحظة تحوله إلى مادة خلاف بينهما، إلى بذرة لتوتر متصاعد لا تبدو له نهاية في الأفق المنظور.
أما الدول الأخرى، لا سيما منها الثلاثية الأوروبية المشاركة في الاتفاق، فهي إلى جانب فشلها في أن تكون ضامنا لبقائه، تلعب اليوم دورا يتراوح بين محاولة لململة ذيول الأزمة وساعي بريد بين الطرفين.
ويتمثل أحد وجوه هذا الدور في الزيارة التي يقوم بها إيمانويل بون، مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى طهران للقاء المسؤولين الإيرانيين، وهي الزيارة التي قال مصدر إيراني لبي بي سي إنها لم تحمل جديدا، وإن الجهود التي تبذل لإقناع طهران يجب أن توجه لإقناع الولايات المتحدة بالتراجع عن عقوباتها على إيران.
ولا يبدو أن الزيارة الفرنسية، أو المهمة الفرنسية كما وصفتها صحيفة سازندغي الإيرانية، تحمل جديدا أو يمكن البناء عليها، وبالتالي فالاتجاه قد يكون نحو المزيد من التصعيد، لا سيما وأن أوروبا ليس لديها واقعا ما تقدمه لإيران.
وفي فيينا، التي شهدت إعلان التسوية النووية في يوليو/ تموز 2015، اجتمع محافظو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للبحث في تراجع إيران عن التزاماتها ضمن الاتفاق النووي، بناء على طلب أمريكي.
بدأ الاجتماع، الذي حضره أعضاء مجلس المحافظين الـ35، إلى جانب إيران، بكلمة للولايات المتحدة على لسان سفيرتها جاكي ولكوت، التي اعتبرت الخطوات الإيرانية الأخيرة مثيرة للقلق.
واعتبرت ولكوت أنه ما من سبب حقيقي يدفع إيران إلى أخذ خطوات كهذه، تعبر بشكل واضح، بحسب السفيرة الأمريكية، عن توجه لفرض أثمان على المجتمع الدولي.
واتهمت ولكوت إيران بالقيام باستفزازات في الخليج، بما في ذلك “استهداف السفن والطائرات”، وبأن موقفها النووي يهدف إلى زيادة التوتر ويؤكد على “التهديد الذي تشكله إيران على الأمن والسلم العالميين”. وختمت حديثها بدعوة إيران إلى التراجع عن خطواتها والذهاب إلى التفاوض.
وواجه موقف الولايات المتحدة معارضة من الممثل الروسي لدى الوكالة، الذي استغرب الدعوة إلى الاجتماع من قبل الوفد الأمريكي في الوقت الذي انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي ووصفته بالاتفاق السيء، بينما كانت إيران، بحسب تقارير الوكالة الدولية السابقة، ملتزمة بكل ما عليها.
وأشار الممثل الروسي إلى أن الخطوات الإيرانية لا تندرج تحت صلاحيات المجلس، وأن إيران لم تخالف قوانين الوكالة الدولية، حينما التزمت بخفض نسبة التخصيب وكمية اليورانيوم المخزن لديها بشكل طوعي، بناء على بنود الاتفاق.
وأضاف الممثل الروسي أنه بينما لا يمكن اعتبار الخطوات الإيرانية مشجعة، فإن روسيا تتفهمها، بسبب معرفة جذورها، وأن الاتفاق جرى انتهاكه منذ زمن، ولم تكن إيران هي التي انتهكته.
ودعا المندوب الروسي المجلس إلى إدانة ما وصفه بـ”السياسة الأمريكية الهدامة”.
وجدد الاتحاد الأوروبي الحديث عن قلقه تجاه ما جرى الإعلان عنه من خطوات إيرانية، وأكد على أهمية تطبيق الاتفاق النووي. وشددت أوروبا على ضرورة تراجع إيران عن خطواتها بشكل فوري والالتزام بشكل كامل بالاتفاق النووي، مؤكدة أن طهران طالما أكدت نيتها التمسك بالاتفاق.
أما إيران، فقد كتب وزير خارجيتها، محمد جواد ظريف، على توتير، قبل المرافعة التي قدمها سفيرها إلى الوكالة الدولية، كاظم غريب آبادي، مستنكرا دعوة الولايات المتحدة مجلس الحكام إلى الاجتماع، وهي التي، بحسب الوزير الإيراني، تنتهك وتحتقر الاتفاق النووي وتعاقب كل من يلتزم به. وأكد ظريف أن بلاده طالما التزمت بالاتفاق، بحسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الـ15 الماضية، وأن خطوتها الأخيرة قانونية، بحسب البند 36 من الاتفاق.
كما أكد غريب آبادي في مقابلة خاصة مع بي بي سي أن أكثرية الدول في اجتماع حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رفضوا الموقف الأمريكي، معتبرين أن مجلس الحكماء ليس المكان المناسب للتعاطي مع المسائل المرتبطة بتطبيق الاتفاق النووي، وأن هذه الأمور يجب أن تُبحث في سياق الآليات الخاصة بالاتفاق.
وأضاف غريب آبادي أن اتفاقية الحد من الانتشار النووي تضمن الحق لأعضائها باستخدام التكنولوجيا النووية السلمية، وأن هذا ما تفعله إيران.
وأكد سفير طهران لدى الوكالة الدولية على التزام إيران السابق بالاتفاق، وأن خطواتها تهدف إلى الحفاظ على الاتفاق وليس إفشاله.
وبين محاولات باريس، على يد إيمانويل بون، وجلسة فيينا، التي لم تسفر عن موقف للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بل عكست في الوقت نفسه تباينا أمريكيا أوروبيا روسيا حول إيران، لا يوجد ما يشير إلى إمكانية وصول هذه الأزمة إلى نهاية قريبة. ولكنها قد تكون عرضة للتصاعد في ظل تباين الحد الأدنى المطلوب من واشنطن وطهران.
فالولايات المتحدة تريد مفاوضات بلا شروط مسبقة، أي قبل رفع العقوبات ودون العودة إلى الاتفاق، أما طهران فالحد الأدنى لديها هو عودة واشنطن عن العقوبات والالتزام بالاتفاق، وهذا ما يجعل مهمة أي وسيط مفترض بين البلدين مهمة شبه مستحيلة، على الأقل في ظل الظروف الحالية.
[ad_2]
Source link