أخبار عربية

بعد رحيل مرسي، من يوجه دفة الإخوان المسلمين في مصر؟

[ad_1]

مصدر الصورة
Getty Images

في التاسع والعشرين من يونيو/حزيران الماضي، وبعد مرور أقل من أسبوعين على وفاة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، أصدر ما يعرف بالمكتب العام لجماعة الإخوان في مصر بيانا دعا فيه إلى “توحيد القوى الثورية” مجددا لإنهاء ما وصفه بـ “الحكم العسكري”.

وتحت عنوان “بيان من الإخوان المسلمين إلى الأمة حول الواقع الجديد للقضية المصرية” صدر البيان عشية الذكرى السادسة للثلاثين من يونيو/حزيران لعام 2013، والتي شهدت احتجاجات شعبية أدت إلى عزل الجيش لمرسي، ومن ثم إنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر في الثالث من يوليو/تموز من نفس العام.

وجاء في البيان أن جماعة الإخوان قامت بمراجعات داخلية متعددة “وقفنا خلالها على أخطاء قد قمنا بها في مرحلة الثورة ومرحلة الحكم، كما وقفنا على أخطاء وقع فيها الحلفاء والمنافسون من مكونات الثورة، وقد تسببت تلك الأخطاء والخلافات في تمكين الثورة المضادة من زمام الأمور”.

وأردف البيان أنَّ جماعة الإخوان المسلمين في المرحلة التالية ستسمح لأعضائها “بالانخراط في العمل السياسي من خلال الانتشار مع الأحزاب والحركات التي تتقاطع معنا”، دون التطرق لأن يكون للجماعة واجهة سياسية خاصة بها تمثلها؛ مما يتناقض مع شرط سابق كان يقصر العمل الحزبي للأعضاء على حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة، والمحظور حاليا، والذي نشأ بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011.

مأزق الجماعة وردود الفعل

البيان هو الأول من نوعه من جانب فصيل بجماعة الإخوان المسلمين عقب وفاة مرسي يدعو صراحة إلى التخلي عن “شرعية الانتخاب” التي كان يمثلها الرئيس الراحل في نظر أنصاره منذ عزله لصالح “الشرعية الثورية” أو ” شرعية الميدان” بوصف البيان.

لكن البيان كان، في المقابل، وكما بدا لاحقا من ردود الفعل عليه من داخل الجماعة وخارجها، بمثابة تأكيد على الشرخ الذي تعيشه الجماعة منذ عدة سنوات.

وقد وجد البيان ترحيبا معلنا من جانب بعض كوادر الجماعة واعتراضا من البعض الآخر، بينما صمتت الأغلبية كما بدا من متابعة أصداء البيان على حسابات العديد من أنصار الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي.

وحصل ذلك البيان على تأييد أشرف عبدالغفار، أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين القديمة، والموجود في تركيا.

وقال عبدالغفار في مقابلة مع برنامج العالم هذا المساء المذاع على قناة “بي بي سي” إن أصحاب البيان “يبحثون عن الحركة، أما الأولون فيبحثون عن السكون”، مشيرا إلى أن البيان تحدث عن استراتيجية عمل ورؤية، وخطوات مستقبلية، وهذا لم يحدث منذ ست سنوات.

وأشار إلى أنه هناك شقاق داخل الإخوان، “هؤلاء شباب ونحن شيوخ فلماذا لا ينسحب الشيوخ جميعا ونترك الساحة للشباب”.

ووصف عصام تليمة، العضو البارز بجماعة الإخوان المسلمين والداعية الموجود في تركيا، البيان في تغريده له على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بأنه “بيان مهم للإخوان أؤيده وأدعو كل مخلص وعاقل لقراءته والعمل عليه”.

وقال عباس قباري، المتحدث باسم المكتب العام للإخوان المسلمين، لأصحاب البيان في تصريحات إعلامية لمنصات إعلامية صادرة من تركيا، إن الشرعية هي لثورة يناير وقد ردّت للشعب بعد وفاة مرسي، مضيفا “لم تعد الشرعية هي شرعية الراحل محمد مرسي وإنما هي شرعية الثورة … ما يُطرح الآن هو نداء للقوى السياسية أن تترك خلافات الماضي وتعود لثوريتها”.

رافضون لبيان ” المكتب العام”

في رد على بيان جبهة المكتب العام، أنكر طلعت فهمي، المتحدث باسم الجماعة من تركيا انتماء أصحاب هذا البيان للإخوان، وكتب في تصريح مقتضب على منصات للجماعة: “تؤكد الجماعة مسؤوليتها فقط عما يصدر عنها من مواقف رسمية عبر مسؤولييها ومتحدثيها المعروفين والمعلن عنهم”.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

يقول كمال الهلباوي إن كيان الإخوان كان “كبيرا في العالم لكنه لم يعد كذلك بعد ثورات الربيع العربي…”

ويمثل فهمي جبهة رموز الجماعة التي تضم محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام والمختفي عن الانظار منذ 2013، والأمين العام للجماعة محمود حسين، الموجود في تركيا، وإبراهيم منير نائب المرشد العام وأمين سر الجماعة الموجود في لندن.

وقال كمال الهلباوي المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين في الغرب والموجود في لندن في مقابلة مع نفس البرنامج لبي بي سي إن هناك من يرى أنها معركة حق وباطل وهذه العقلية لابد من تغييرها.

وأردف الهلباوي: “أنت (أصحاب البيان) لم تقدم أي اعتذار على ما فعلت … لابد من تقديم اعتذار للشعب المصري عن هذه الأخطاء … هذا الجيل يتحدث عن منهج ثوري ولا يتحدث عن منهج إصلاحي وهذا في الأصل مخالف لدعوة الإخوان المسلمين”.

وأشار الهلباوي الذي استقال من الجماعة في 2012 إلى أنه “توجد انشقاقات كثيرة في الإخوان، بين الموجودين في تركيا والموجودين في مصر وفي مناطق أخرى، وبالتالي لا أحد يستطيع أن يفصح عن وقع البيان، لاسيما وأن الجماعة لا تعمل في العلن حاليا”.

واختتم الهلباوي بأن كيان الإخوان كان “كبيرا في العالم لكنه لم يعد كذلك بعد ثورات الربيع العربي ويحتاج إلى مراجعات دقيقة واضحة وأن يستمعوا إلى آراء الآخرين”.

وفي مصر، قال محمد أبو حامد وكيل لجنة التضامن بالبرلمان المصري لبي بي سي إن البيان شأنه شأن بيانات أخرى سابقة للجماعة “به كثير من الأكاذيب متناسيا أن هناك كيانات دستورية منتخبة وواقعا مختلفا في مصر حاليا”.

وأضاف أن الجماعة تحاول تقديم نفسها للشارع السياسي كقوة سياسية شرعية موجودة “وأنا أرفض ذلك لأن الجماعة صدر بحقها حكم قضائي باعتبارها جماعة إرهابية… وبالتالي هذا إدعاء شرعية غير موجودة من الأساس وأي قوة سياسية ستسجيب لمثل هذه الدعوات ستتعاون مع جماعة إرهابية”.

وأردف أبو حامد: “(جماعة) الإخوان هي السبب الرئيس لتعطيل ثورة يناير وتعطيل أهدافها وبالتالي لن يستجيب لها أحد … هم يرغبون في احتلال القوى السياسية القائمة لخلق تأثير ومن ثم التسلل للمؤسسات الدستورية القائمة بالتدليس”.

Image caption

يقول محمد حامد إن الجماعة صدر بحقها حكم قضائي باعتبارها جماعة إرهابية ويجب أن يتعامل الجميع معها وفقا لذلك.

أما خالد داوود، الرئيس السابق لحزب الدستور، فقال لبي بي سي إن هذه الدعوة مرفوضة لأن هناك خلافا جذريا مع الجماعة خصوصا وأنها ترى أن ما حدث في 30 يوليو/تموز “انقلابا”.

وأضاف: “نحن نرى ما حدث في 30 يونيو استجابة لرغبة شعبية شاركنا فيها وكنا جميعا نطالب بإنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين. الإخوان المسلمون يعيشون في فقاعة خاصة بهم. هم ارتكبوا خطايا فادحة بحق الشعب المصري وهذا يدفع ثمنه الإخوان والمسار الديمقراطي في مصر حاليا”.

بيان “إيجابي لكن غير كافي”

قال أستاذ العلوم السياسة، حسن نافعة، إن بيان المكتب العام للإخوان المسملين يعترف لأول مرة منذ 30 يونيو 2013 بأن جماعة الإخوان المسلمين ارتكبت أخطاء سواء في مرحلة ثورة 2011 أو في مرحلة الحكم.

وقال نافعة، الذي أيد مرسي عند ترشحه لتولي السلطة قبل أن ينتقده لاحقا، إنه توقع تغييرا في استراتيجية الإخوان بعد وفاة مرسي، لاسيما في مسألة “التمسك بالشرعية وعودة مرسي للحكم”.

وأضاف لبي بي سي: ” الدكتور مرسي لم يعد بيننا، والإخوان رأت أن تعلن عن استراتيجية جديدة، وهذا موقف إيجابي ويتعين الترحيب به لكنه وحده لا يكفي لأن هناك أزمة ثقة كبيرة بين الأطراف التي اشتركت معا في إسقاط نظام مبارك”.

التجاذب الأخير بشأن البيان الصادر عن المكتب العام “بين فصيلي الجماعة من الشباب والشيوخ يؤرخ لمرحلة جديدة في الصراع الخفي الظاهر داخل الجماعة التي يزيد عمرها على تسعين عاما”.

فقد أصدر فصيل الشيوخ المنسوب لمحمود عزت بيانا في ذات اليوم التاسع والعشرين من يونيو/حزيران أعلن فيه التمسك بـ “إرث مرسي”، وأضاف: “لن نعطي الدنية من وطننا أو ديننا ولن ننزل على رأي الفسدة”. ونفى ما تردد عن اقتراب السلطة في مصر من “انتزاع اعتراف بشرعيتها من قادة الجماعة داخل السجون”.

ثم أصدر نفس الفصيل بيانا في الثالث من يوليو/تموز تحت عنوان “6 سنوات عجاف وحق يأبي النسيان”، قال فيه إن “المقاومة المدنية السلمية هي اختيار الشعب المصري، واختيار الإخوان المسلمين … حفاظا على البلاد من الانزلاق إلى أتون الاحتراب الأهلي، وتفاديا لما يجلبه على الوطن من كوارث جمة، ومصائب كبيرة”.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

القيادي بجماعة الإخوان محمود عزت يتصدر تيارا يوصف بأنه تيار الشيوخ

من هو محمد كمال الذي نسب له التيار الجديد

في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول 2016 أعلنت وزارة الداخلية المصرية أن الشرطة قتلت محمد كمال، الرئيس السابق للجنة الإدارية العليا لجماعة الاخوان المسلمين والعضو السابق بمكتب الإرشاد العام للجماعة بمصر.

ووصف بيان للوزارة كمال بأنه “أحد القيادات البارزة للجناح المسلح للجماعة”.

وشغل كمال، الأستاذ بقسم الأنف والأذن والحنجرة بكلية الطب بجامعة أسيوط، منصب رئيس أول “لجنة إدارة الأزمة” أو “اللجنة الإدارية العليا” لجماعة الإخوان والتي أدارت أعمال وشؤون الجماعة منذ فبراير/شباط 2014، بعد إلقاء القبض على كبار قادتها وهروب آخرين منهم خارج مصر.

لكن كمال استقال من منصبه في مايو/ آيار 2016 . كما استقال من عضوية مكتب الإرشاد العام للجماعة ومن جميع المناصب الإدارية التي تولاها داخلها، وقال في بيان، حيئذ، إنه “يهدف إلى منح شباب الجماعة الفرصة لقيادتها”.

وذكر مجدي شلش العضو في لجنة إدارة الأزمات الثانية، لوسائل إعلام عقب مقتل كمال، إن الأخير كان رئيسا للجنة دعت إلى وضع وثيقة لما يسمى بـ “التأصيل الشرعي للعمل الثوري”، كما كان صاحب أطروحة “الإنهاك والإرباك والإفشال” لمواجهة الشرطة المصرية.

وصدرت الوثيقة في أغسطس/آب 2016 وكان من بين ما جاء فيها “وجوب المقاومة، بكل أشكالها وأنواعها، لأنها فطرة، وحق، وواجب شرعى”. ومنذ ذلك الحين نسب التيار الشبابي بالجماعة لمحمد كمال وألقى عليه كثيرون في الجماعة باللائمة في اتهام الإخوان بممارسة العنف والإرهاب.

ما هو المكتب العام لجماعة الإخوان المسلمين؟

بعد رحيل كمال، وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، أعلنت اللجنة الإدارية العليا التي كان عضوا بها حلّ نفسها بعدما قالت إنه تم “انتخاب مجلس شورى جديد لانتخاب قيادة جديدة للجماعة وفق رؤية جديدة ليس فيها لبس”.

وصدر بيان عن هذا المجلس الجديد في 19 ديسمبر/كانون الأول 2016، جاء فيه أنه قرر “فصل المؤسسات الرقابية والتشريعية بالجماعة عن المؤسسات التنفيذية”.

وهو ما رد عليه طلعت فهمي المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان التابع لفصيل محمود عزت من تركيا في تصريح في 19 أغسطس/آب 2016 بأنه “لا صحة للأخبار التي يتم تداولها عن انعقاد مجلس الشورى العام للجماعة بالقاهرة”.

لكن في اليوم التالي 20 ديسمبر/كانون الأول 2016، أصدر ما سمي وقتها بالمكتب العام للإخوان المسلمين كبديل لمكتب الإرشاد، بيانه الأول وجاء فيه “يتعهد المكتب العام بتطوير اللائحة الداخلية للجماعة لتطوير العمل وترسيخ المؤسسية”، والتزامه “المسار الثوري”.

وخلال السنوات الثلاث الماضية تبنى الفصيلان المتصارعان داخل الجماعة في الداخل المصري والخارج ما بدا أنه سياسة تهدئة في السجالات الكلامية بينهما، حتى أن البعض لم يلحظ وجود كيانين يتحدثان باسم الجماعة في كثير من المناسبات.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

يقضي المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع أحكاما بالسجن في عدة قضايا منذ عزل مرسي

لكن وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي المفاجئة في السابع عشر من يونيو/حزيران منحت فرصة لفصيل “محمد كمال” للتعبير عن نفسه مجددا فأصدر في التاسع والعشرين من يونيو/حزيران بيانه المشار إليه آنفا.

هل حل الجماعة هو الحل؟

في سبتمبر/أيلول 2013 وبعد شهرين فقط من عزل مرسي، قضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحظر كافة أنشطة تنظيم الإخوان المسلمين، وفي ديسمبر/كانون الأول 2013 قرر مجلس الوزراء المصري اعتبار جماعة الإخوان المسلمين”جماعة إرهابية”.

وفي فبراير/شباط 2014 أصدرت نفس المحكمة حكما بإلزام الحكومة بإعلان الإخوان جماعة إرهابية مما دفع رئيس الوزراء في ذلك الحين إبراهيم محلب بإصدار قرار في أبريل/نيسان 2014 لتنفيذ الحكم.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018 ، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن جماعة الإخوان المسلمين لن يكون لها دور في المشهد المصري خلال فترة وجوده في السلطة، مؤكدا أن شعب مصر لن يقبل بعودتهم “لأن فكر الإخوان غير قابل للحياة ويتصادم معها”.

وبالاضافة إلى عديد المحاكمات التي تتم بحق قادتها وأنصارها، قضت محاكم مصرية خلال العامين الماضيين بإدراج أسماء المئات من قادة الجماعة في السجون وخارجها ضمن قوائم للشخصيات الإرهابية بمقتضى قانون “الشخصيات والكيانات الإرهابية” الصادر في 2015، فضلا عن التحفط على أموال وممتلكات وأصول للجماعة وإدارتها من قبل لجنة متخصصة.

يأتي ذلك وسط استفسارات كثيرة بدا أنه من الصعب الإجابة عليها بشكل حاسم حاليا، ومن بينها “مَن يدير دفة الجماعة؟ وفي أي اتجاه؟ في واحدة من أدق مراحلها وبعد مرور تسعة عقود على ظهورها الأول؟!

وثمة كتابات عديدة، بعضها من داخل الجماعة حاليا، باتت تطرح تساؤلات منها “هل حل الجماعة يفيد الجماعة؟!”

بيان المكتب العام الأخير ناشد أطرافا عدة “لتجاوز مرحلة الخلاف، منهم إخواننا في الطرف الآخر من الإخوان المسلمين”، مما يشي بأن نارا تستعر تحت الرماد.

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى