أسباب المواجهة الروسية الإيرانية في سوريا
[ad_1]
إلى الشرق من سوريا، تحديدا في منطقة دير الزور بدأ التباين الإيراني الروسي يأخذ شكلا جديدا مختلفا عن الصورة النمطية لتقاطع المصالح بين الطرفين الذين توليا مهمة الدفاع عن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد.
صحيح أن المهمة تحققت، وإن لم تكن أسباب الحرب ولا الحرب نفسها قد انتهت، إلا أن التقاطع في المصالح تحول إلى تضاد وهو الذي بدأ يتجلى في غير مكان في سوريا.
وبحسب مصدر أمني عراقي رفيع فقد ارتفع منسوب التوتر بين قوات البلدين في منطقة شرقي سوريا إلى حد الاستنفار العسكري وهو ما كاد يتدحرج إلى اشتباك بينهما. التوتر مردّه بحسب المصدر العراقي إلى قيام القوات السورية بمنع فصائل حليفة لإيران بالتمركز في عدد من المناطق بما في ذلك نقطة حدودية مع العراق.
وأكًد مصدر في غرفة عمليات حلفاء سوريا التي تضم الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني وفصائل عراقية الأنباء لبي بي سي دون إعطاء المزيد من المعلومات. لكن المثير للإهتمام وقوع هذه التطورات بعد أقل من عشرة أيام على اجتماع مستشاري الأمن القومي الإسرائيلي والروسي والأمريكي والإيراني في إسرائيل والتي ترافقت مع التوتر الإيراني الأمريكي المتزايد في منطقة الخليج.
لكن ما الذي يباعد إيران وروسيا عن بعضهما البعض في سوريا، لا سيما وأن مستشار الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف دافع بقوة عن طهران في قمة تل أبيب مؤكدا أن روسيا ترفض شيطنة إيران ورافضا الهجمات الإسرائيلية في سوريا بالقول إنها “غير مرحب بها”.
تعرّف إيران خلافها مع روسيا بأنه يأتي من البوابة الإسرائيلية. فروسيا بحسب المسؤولين الإيرانيين لم تكن يوما إلى جانب إيران فيما يتعلق بإسرائيل. هذه التصريحات قالها حسين جابري أنصاري، النائب السابق لوزير الخارجية الإيراني في شهر مارس/ آذار الماضي حيث أكد أن هناك اختلافا في وجهات النظر بين طهران وموسكو فيما يخص إسرائيل، مؤكداً في الوقت ذاته وجود مصالح مشتركة مع روسيا في سوريا.
وأضاف أنصاري “إسرائيل أدركت الآن تبعات الربط بين إيران وسوريا ولبنان، وتسعى إلى تحميل خططها للاعبين الآخرين في سوريا ومن جملتهم روسيا. الكيان الإسرائيلي يستغل العلاقات التاريخية بينه وبين روسيا لتحقيق أهدافه”.
روسيا بدورها لم تنف أنها تعارض الأجندة الإيرانية تجاه إسرائيل من الأراضي السورية وهو ما دفع نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريباكوف للقول إن إيران ليست حليفة لموسكو وأن بلاده لا تستخف بأي طريقة بأهمية التدابير التي من شأنها ضمان أمن قوي لإسرائيل، وهي من أهم أولويات روسيا.
لكن حصر الصراع بين الطرفين بالملف الإسرائيلي قد لا يشرح المشهد بأكمله.
قد يصح وصف التنافس الإيراني الروسي في سوريا بأنه صراع داخل الجبهة الواحدة، إذ أن كلا البلدين حتى اللحظة لم ينجح برغم كل التناقضات التي تحيط بهما في إيجاد شريك آخر ومناسب بذات الأهداف يمكنه استبدال الآخر به.
هو ائتلاف أكثر منه تحالف، فرضت الظروف والخصوم المشتركين عليه أن يتطور إلى تعاون استراتيجي بالإكراه، لكنه أمر واقع لا يمكن لكلا الطرفين التخلي عنه، على الأقل حتى تغيّر أسبابه.
كل ما سلف يعزز تضاد المصالح الذي ينعكس صراع نفوذ على الساحة السورية الداخلية، فيتجلى تسابقا على التأثير داخل النظام، من رأسه إلى القواعد الشعبية وحرب التأثير عليها من خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
التزاحم يتجلى على مستوى التعيينات داخل الجيش والقوى الأمنية، وفي التسابق على قطع الطرقات أمام الطرف المقابل لتثبيت النفوذ داخل مؤسسات الدولة بشكل خاص، بل وحتى إلى قيام إيران بما يشبه تهريب الأسد إليها بعيدا عن أي تسريب مسبق في زيارة رسمية كي تنجح بالتقاط صور له مع القادة الإيرانيين في طهران دون أن يؤدي تدخل روسي إلى إفشالها.
يقول مصدر سوري مطلع لبي بي سي عربي إن رأس جبل جليد الخلاف يتمحور حاليا حول نقطتين. الأولى، مشروع سكة الحديد الواصل بين إيران وسوريا عبر العراق والذي يمر في محافظة دير الزور حيث حصل الإستنفار الأخير، والثانية، إستلام إيران لمرفأ اللاذقية الذي سيكون المحطة الأخيرة في مسار السكة الحديدية.
وكان مدير شركة خطوط سكك الحديد الإيرانية سعيد رسولي قد أكد قبل أيام فقط وخلال لقاء مع نظيريه السوري والعراقي أن خط السكك الحديدية سينطلق من ميناء الإمام الخميني في إيران مرورا بشلمجة على الحدود العراقية ومدينة البصرة العراقية ليصل إلى ميناء اللاذقية.
الوجود الإيراني على البحر المتوسط مصدر قلق بالنسبة لروسيا التي تريد أن تكون صاحبة القوة الرئيسية على الساحل الشرقي للمتوسط وهو ما يضمنه لها مرفأ طرطوس الذي إستأجرته لمدة 49 عاما.
ورغم أن إيران حصلت على حق التشغيل التجاري حصراً لمرفأ اللاذقية أواخر العام 2018 إلا أن مجرد وجود إيران هناك يشكل قلقا لروسيا التي تملك قاعدة عسكرية قريبة من المرفأ في حميميم وهو ما قد يعرّض قواتها للخطر في حال حدوث أي توتر كبير بين إيران وإسرائيل أو بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.
إلى جانب هذا يقول المصدر السوري إن روسيا تفضّل أن يكون مرفأ اللاذقية مع الصين بدلا من إيران.
نقطة ثالثة قد تكون أيضا جزءا من مسببات التوتر مرتبطة بالحضور العسكري العضوي الإيراني من خلال فصائل سورية دربتها طهران وهي تعوّل أن تكرر بها تجربة حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق.
بحسب المعلومات فإن عدد هذه القوات يزيد عن 15 ألفا وجرى تدريبها لتندمج لاحقا في القوات المسلحة السورية، وهذا ما يدق بالنسبة لروسيا ناقوس الخطر لأنه سيعني أن بقاء إيران في سوريا سيكون بلا سقف زمني حتى ولو سحبت طهران ضباطها وحزب الله وكل الفصائل العراقية والباكستانية والأفغانية التي جاءت بها إلى البلاد في أوقات سابقة.
[ad_2]
Source link