أخبار عربية

لماذا اختفى منتخب كرة قدم للسيدات في مصر؟


شروق

الطريق المؤدي إلى أطراف القاهرة الشرقية طويل وبطيء، يزيد من ثقله حر الظهيرة والرطوبة الخانقة، لكن حماس شروق سيد لم يفتر وهي تروي لي بفخر قصصا كثيرة تدور كلها حول كرة القدم.

أخبرتني مثلا كيف أنها اضطرت إلى التقدم للامتحانات مؤخرا، بعد أن فضلت خسارة عام دراسي السنة الماضية من أجل السفر إلى الإمارات والمشاركة في بطولة العام لكرة القدم هناك، ذلك أن مثل تلك الفرص قليلة بالنسبة لها.

وكان أقاربها الشباب يطلبون منها أن تلعب معهم “كورة” فالنظرة لصبية تلعب كرة قدم في القاهرة “قد تغيرت، ولكن لا يزال سكان الحي الشعبي الذي تسكن فيه شروق لا يتقبلون أن ترتدي فتاة الشورت”، تقول ضاحكة.

لم تعد هذه الأمور تهمها الآن، فكل ما يشغل بال شروق ذات الـ 19 عاما هو السفر لاحتراف كرة القدم في الخارج.

“كل ما بنشوف المسؤولة في الاتحاد نكلمها ونقلها بس شوفي لعبنا وإذا ما كنش مستوانا جيد مشّينا”، تقول شروق التي تحلم هي وباقي اللاعبات بأن يتجمعن من جديد ضمن المنتخب الوطني المصري للسيدات.

مصدر الصورة
@bbc

Image caption

شروق السيد في الوسط

كانت شروق أصغر لاعبة مصرية تسافر مع منتخب بلدها لكرة القدم للمشاركة في التصفيات المؤهلة لكأس أمم أفريقيا عام 2018 وكانت في عمر الـ 17، ورغم أنها لم تلعب حينها إلا أنها كانت شاهدة على أول وآخر مباريات يشارك فيها منتخب بلدها النسائي الذي لم يتأهل حينها قبل أن تتفرق عناصره ويختفي.

ومنذ نحو عشر سنوات تلعب شروق مع فريق أسسه نادي وادي دجلة الذي يملكه رجل أعمال مصري، ففي مصر لا وجود لنوادي كرة القدم النسائية، وحتى أكثر النوادي شعبية (الزمالك والأهلي) لم تؤسس فرق كرة قدم نسائية، لذا فعدد هذه الفرق لا يزال محدودا.

تأهل المنتخب المصري للرجال إلى الدور الثاني وها هو يستعد للحفاظ على كأس الأمم الأفريقية الثامنة في أرضه، بينما لا تجد لاعبات كرة القدم منتخبا وطنيا يجمعهن.

جهازك لا يدعم تشغيل الفيديو

احزر مهنتي

المنتخب الذي تأسس ثم اختفى

تأسس منتخب مصر النسائي لكرة القدم عام 1999، وبعده تأسست الأندية، وهو عكس ما يحدث عادة. يقول الكابتن محمد كمال، وهو مدرب فريق سيدات وادي دجلة، إن ذلك المنتخب كان يضم نساء يعشقن لعب الكرة، ولم يكن محترفات.

حصلت في السنوات الماضية طفرة في كرة القدم النسائية على مستوى العالم وتحديدا في أفريقيا ولكن بقي منتخب مصر بعيدا تماما عن التأهل وعن كأس أمم أفريقيا مدة 19 عاما، يروي الكابتن محمد وهو يشير إلى مشاركة يتيمة لذلك المنتخب في تصفيات عام 2017 .

التقيته في ملعب النادي قرب التجمع الخامس في القاهرة، وكان عائدا للتو من فرنسا حيث تجري بطولة كأس العالم للسيدات لكرة القدم دون مشاركة أي فريق عربي نسائي – في حين أن لاعبات منتخبات إفريقية كالكاميرون ونيجيريا شاركن في النهائيات.

تقول دينا الرفاعي، المشرفة على ملف الكرة النسائية في الاتحاد، إن سبب عدم وجود منتخب مصري للسيدات هو حل المنتخب بعد “الشلل التام” الذي لحق بكرة القدم النسائية بعد مغادرة عضوة مجلس الإدارة السابقة.

لكنها تضيف أن هناك خطوات لإحياء الكرة النسائية منها الدوري الذي عقد الموسم الماضي.

Image caption

شروق سيد

“الكرة صناعة”

أحاول أن أفهم من الكابتن محمد سبب نجاح فرق نسائية مصرية أخرى كفريق كرة الطائرة وكرة السلة، وسر تميز لاعبات في الرياضات الفردية مثل الاسكواش والسباحة، بينما تبدو كرة القدم النسائية “مهملة”، فيجيبني أن: “هذه اللعبة لا مكسب منها، فهي ليست مصدر دخل للاتحاد و الأندية بسبب غياب رعاة للفرق النسائية.”

مضيفا: “مفهوم كرة القدم النسائية مختلف في بلاد عربية أخرى مثل لبنان وتونس والمغرب عنه في مصر”. كما أن الموضوع “مش مجرد حب البنات لكرة القدم. الكرة صناعة، عشان تعمل منتخب قوي يجب وجود رعاة أقوياء واهتمام، نحتاج إلى شركات معلنة”.

ويكشف كابتن محمد سببا آخر رددته أكثر من لاعبة تحدثت معها: “ليس هناك دعم من اتحاد كرة القدم، الاتحاد هو المسؤول، نحن كأندية نكتشف المواهب، والاتحاد قادر ماديا فهو يحصل على دخل من البث الفضائي والرعاة، لو خصص خمسة في المئة فقط من مدخوله لكرة القدم النسائية لأحدثنا طفرة”.

ويعطي مثالا عن ضرورة الدعم من قبل الاتحادات الكروية وحتى أصحاب القرار في البلد؛ ففي إثيوبيا، كما يقول، رفض رئيس اتحاد كرة القدم فيها تقديم رخص لفرق تلعب بالدوري إذا لم يؤسس كل ناد فرقة كرة قدم نسائية، ما أدى إلى زيادة الاهتمام بفرق النساء.

وعلى المستوى العربي يذكر فريق كرة القدم للسيدات في الأردن، الذي يشرف عليه الأمير علي بن الحسين، والذي يعد النادي الأفضل عربيا، حسبه.

لكن دينا الرفاعي، تقول إن الاتحاد “حريص وبشدة على تطوير كرة القدم النسائية والدليل على ذلك نجاح مسابقة الدوري الممتاز ودوري الدرجة الثانية في الموسم الماضي وتكريمه سارة عصام” – وهي لاعبة مصرية سافرت لدراسة الهندسة في بريطانيا عام 2017 ونجحت بالانضمام إلى نادي ستوك سيتي للسيدات.

وتنتقد في المقابل قرار الأندية الكبرى مثل الأهلي والزمالك لعدم فتح الباب أمام الفتيات، وتقول: “أتمنى أن تساعدنا الأندية الشعبية في تطوير اللعبة بنشرها لأننا سنلاقي صعابًا كثيرة دون تلك المساعدة”.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى