أخبار عربية

مدن كبرى تلجأ لمرائب السيارات بالمنازل لحل أزمة السكن


مدن كبرى تلجأ لمرآب السيارات بالمنازل لحل أزمة السكن

مصدر الصورة
Alamy

هل يمكنك أن تسكن في المرآب الملحق بمنزل شخص غريب؟ أو هل تسمح لشخص غريب بالانتقال إلى مرآب منزلك؟

لا يجد الكثيرون الآن غضاضة في تأجير مرآب منزلهم لغرباء. ففي ظل الارتفاع غير المسبوق في أسعار الإيجارات في المدن الكبرى، من برلين إلى سنغافورة وستوكهولم، لم يعد من السهل على الناس توفير أسعار السكن. وقد أصبح شراء المنازل ضربا من المستحيل، إذ أشار بحث أجري العام الماضي إلى أن 40 في المئة من الشباب في إنجلترا، على سبيل المثال، ليس لديهم المال الكافي لسداد دفعة مقدمة قدرها 10 في المئة من سعر أرخص المنازل في المنطقة التي يعيشون فيها.

ودفع نقص المساكن منخفضة التكلفة في الولايات المتحدة، الكثير من الأمريكيين إلى تحويل المرآب إلى منازل. إذ أصدرت بلدية لوس أنجليس العام الماضي، على سبيل المثال، 4,171 رخصة لتحويل المرآب إلى غرفة سكنية، مقارنة بـ 117 رخصة فقط في عام 2016.

لكن تأجير المرآب لن يمثل مصدر دخل إضافي لأصحاب المنازل فحسب، بل يرى مؤيدوه أنه قد يسهم أيضا في حل أزمة السكن في المدن والحد من أعداد المشردين.

مصدر الصورة
Alamy

Image caption

أشارت دراسة مسحية أجرتها هيئة الإسكان بولاية كاليفورنيا، إلى أن الولاية ستحتاج لبناء 180 ألف منزل سنويا حتى عام 2025، لمواكبة الزيادة السكانية، لكنها تبني الآن 80 ألف منزل فقط.

“حل بسيط وغير ملحوظ”

تتساءل آن براون، أستاذة مساعدة بجامعة أوريغون: “هل آن الأوان ليحل البشر محل السيارات؟”. وترى براون أن هذا الحل لأزمة الإسكان لن يتطلب بناء المزيد من المنازل، ولن يغير تخطيط المنطقة.

وفي الآونة الأخيرة، دأب أصحاب المنازل أيضا على استغلال الكوخ في الحديقة الخلفية الذي يستخدم عادة في تخزين الأدوات، والمنازل الصغيرة المتنقلة، وتأجيرها للباحثين عن السكن، ويطلق على هذه المباني الثانوية اسم “الوحدات السكنية الملحقة بالمنزل”.

ونشرت تشيري تانغ، المدونة على موقع يوتيوب، مقطع فيديو تعرض فيه المرآب الذي تسكن فيه في لوس أنجليس، ويضم غرفة نوم وغرفة معيشة ومطبخا ومرحاضا. وتقول إن السبب الذي دعاها للسكن في المرآب هو انخفاض سعر الإيجار، إذ تدفع شهريا 950 دولارا، في حين أن متوسط الإيجارات في المنطقة التي تعيش فيها يصل إلى ألفي دولار.

وتقول تانغ: “لدي مساحة كافية لنفسي وللقطتين، فضلا عن أن المكان هادئ ورخيص وهناك مدخل مستقل لشقتي. وقد أصبح استئجار المرآب أمرا شائعا بين الصينين”.

وترى أن تأجير المرآب قد يسهم في حل أزمة نقص المساكن منخفضة التكاليف، ما دام لا يتعارض مع القوانين واللوائح المنظمة للسكن في المدينة.

مصدر الصورة
YimbyLA, LLC

Image caption

يعتمد إيرا بيلغريد أيضا على الدخل الإضافي الذي يحصّله من تأجير مرآب منزله

ويعتمد إيرا بيلغريد أيضا على الدخل الإضافي الذي يحصّله من تأجير مرآب منزله. ويقول بيلغريد إن حياته انقلبت رأسا على عقب بعد وفاة زوجته وشريكته في شركة دعم المواهب في هوليود منذ عشر سنوات. ولم يكن ابنه حنيها قد تجاوز عامين ونصف. وكان عليه أن يسدد أقساط الرهن العقاري الشهرية.

وقد حول بيلغريد المرآب بأكمله إلى منزل من طابقين، رغم معارضة البلدية. وبعد أربع سنوات من تأجيره، بالمخالفة لأحكام القانون، أبلغ أحد جيرانه السلطات. ومنذ ذلك الحين أصبح بيلغريد من أشد المنادين في مدينة لوس أنجليس بتسهيل إجراءات إصدار تراخيص تحويل المرآب إلى وحدة سكنية. وصدر القانون الجديد في عام 2017، وزاد على إثره عدد التراخيص في لوس أنجليس للاستفادة من المرائب.

ويدير الآن بيلغريد شركة خاصة لتقديم استشارات للراغبين في بناء وحدات سكنية ملحقة بالمنزل بما لا يتعارض مع أحكام القوانين.

ويقول أليكس كوميسار، السكرتير الصحفي لعمدة لوس أنجليس: “زادت في لوس أنجلوس طلبات الحصول على رخص بناء وحدات سكنية ملحقة بالمنازل وتحويل المرافق الملحقة بالمنزل إلى وحدات سكنية بنسبة 1000 في المئة بعد تغيير القانون”.

وقد دفع ارتفاع أسعار الإيجارات في العامين الماضيين في مدينة بورتلاند بولاية أوريغون وسياتل بولاية واشنطن الأمريكيتين ومدينة فانكوفر الكندية، أصحاب المنازل إلى الاستفادة من المساحات غير المستغلة في منازلهم بتحويلها إلى وحدات سكنية.

وفي فانكوفر، زاد الإقبال على بناء منازل في الحدائق الخلفية، وقد تتراوح مساحة المنزل الخلفي بين 700 و1000 قدم مربع، ويضم غرفة جلوس وغرفة نوم ومرحاض. وتطل هذه المنازل على شبكة الطرق الضيقة التي تتخلل المنازل، ولهذا أطلق عليها اسم “منازل الطرق الضيقة”. وتقول بلدية فانكوفر إن السنوات العشر الأخيرة شهدت بناء أكثر من أربعة آلاف منزل في الحدائق الخلفية.

ويقول غراهام أندرسون، مسؤول التخطيط العمراني بالبلدية: “هذه المنازل توفر خيارا سكنيا جديدا، دون الحاجة للبناء وإعادة تخطيط المدينة”.

وخلص استطلاع للرأي أجراه معهد لينكولين لسياسات الأراضي شمل 200 مدينة، إلى أن تكاليف السكن في 90 في المئة من هذه المدن ليست في متناول المواطن متوسط الدخل، وقد خففت هذه المدن بعض القيود المفروضة على تراخيص البناء استجابة لزيادة الطلب على المساكن منخفضة التكاليف.

مصدر الصورة
Alamy

Image caption

شهدت مدينة فانكوفر في العقد الماضي إقبالا على بناء وحدات سكنية في الشوارع الجانبية للمدينة، بالتوازي مع الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات

هل تساعد هذه الوحدات السكنية الثانوية في إيواء المشردين؟

ارتفع عدد المشردين في لوس أنجليس بنسبة 12 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وذكرت هيئة خدمات المشردين في لوس أنجليس أن 60 ألف شخص في المدينة كانوا ينامون في العراء في يناير/ كانون الثاني الماضي.

ولهذا الغرض، تبرعت مؤسسة خيرية كبرى في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بمليون دولار لمدينة لوس أنجليس لمساعدة سكانها على تحويل المرائب إلى وحدات سكنية في إطار برنامج تجريبي جديد لمساعدة المشردين.

ويقول عمدة لوس أنجليس إريك غارسيتي: “رأينا أن هذا حل رائع للقضاء على ظاهرة التشرد في لوس أنجليس، من خلال مساعدة من لا يجدون مأوى في الوصول إلى الوحدات السكنية التي يبنيها أصحاب المنازل”.

ويقول كوميسار إن أصحاب المنازل سيساهمون في القضاء على ظاهرة التشرد، وفي الوقت نفسه سيستفيدون من الدخل الثابت من إيرادات الإيجار، وارتفاع قيمة المنزل”.

ويشير باحثون من ولاية كاليفورنيا إلى فوائد أخرى وهي زيادة مستوى الأمان في المنطقة، بزيادة عدد ساكنيها، وإمكانية زيادة الدخل الشهري، ويقول براون: “انتقل بعض أصدقائي إلى المرآب وأجروا المنزل نفسه”.

ولتحويل المرآب إلى وحدة سكنية يشترط القانون في لوس أنجليس وجود مكانين لانتظار سيارتين أمام المنزل.

يقول دونالد شوب، أستاذ التخطيط العمراني بجامعة كاليفورنيا، إن تكاليف تحويل المرآب إلى شقة تقدر بنحو 80 ألف دولار. وبعد تخفيف القيود على إصدار التراخيص، أصبح بإمكان أصحاب المنازل في الولاية تحويل المرآب بطريقة آمنة وقانونية.

نقل التجربة إلى بلدان أخرى

قد يكون من الصعب نقل تجربة لوس أنجليس وفانكوفر إلى المدن الأخرى. إذ قد يؤثر تحويل المرآب إلى وحدة سكنية في المدن الكبرى التي يعتمد فيها الناس على وسائل النقل الخاص، على تخطيطها العمراني مستقبلا.

ويقول فينيت ماكيجا، أستاذ التخطيط العمراني بجامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس، إن متطلبات تخصيص أماكن انتظار السيارات أصبحت من العوامل المؤثرة على التخطيط العمراني، ولاسيما في المدن التي لا يعتمد سكانها على المواصلات العامة، وقد يمتد تأثيرها أيضا إلى رفع أسعار المنازل.

ويرى شوب أن تشجيع أصحاب المنازل على الاستفادة من المباني الملحقة بمنازلهم لإيواء الناس، وتسهيل الحصول على تراخيص لتحويل هذه المباني الملحقة بالمنزل إلى وحدات سكنية وتأجيرها، سيسهمان في تحسين الأوضاع في المدن.

ويلفت شوب أيضا إلى ميزة زيادة التنوع الطبقي في المناطق السكنية، بإتاحة الفرصة لمحدودي الدخل للسكن في مناطق راقية، لا يمكنهم في المعتاد توفير تكاليف السكن فيها.

وربما يغير الإقبال على تحويل المرآب إلى منزل، الطريقة التي نخطط بها المدن، ويساعد في توفير سكن لجميع الناس الذين يعيشون فيها.

ويقول شوب: “كنا نركز عند تخطيط المدن على الطرق ومواقف السيارات، والآن أصبحت الأولوية لتحسين جودة حياة الناس”.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى