مقالات
أخر الأخبار

العنف ضد المرأة

مسألة خطيرة تحتاج إلى وقفة

العنف ضد المرأة لم يعد مصطلح غريب هذه الأيام خاصة بعد ما نسمعه من حوادث عجيبة تكون المرأة هي الضحية الأساسية فيه، وكأن حمل صفة أنثى جريمة يجب أن تعاقب عليها في حياتها!
ماذا يقصد بالعنف ضد المرأة:
بأنه أي نوع من أنواع العنف القائم على نوع الجنس والذي يمكن أن ينتج عنه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو يؤدي إلى معاناة المرأة، ويشمل هذا العنف أيضا تعرض المرأة إلى التهديد أو الإكراه على شئ ما أو حرمانها من حرية الاختيار سواء كان ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.
والعنف ضد المرأة تعتبر مشكلة عالمية وليست في الشرق الأوسط فحسب، فوفقا لمنظمة الصحة العالمية، والتحليل الذي أجرته منظمة الصحة العالمية حصلت على ما يقرب أن حوالي الثلث من النساء في العالم يتعرضن للعنف من قبل شريكهن.
يعتبر العنف ضد المرأة من أقدم الظواهر الاجتماعية التي عرفها التاريخ، فهي مشكلة كانت منذ القِدَم وما زالت مستمرة حتى عصرنا هذا، حيث تتعرّض العديد من النساء إلى القتل، والوأد، والاستعباد، والتعذيب، والظلم، والقهر في مختلف أنحاء البلدان.
أسباب العنف ضد المرأة:
تتعرض المرأة للعنف بسبب معتقدات أو عوامل اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها من العوامل والأسباب التي تؤدي في النهاية لنتيجة واحدة وهي العنف، وتكون تلك الأسباب متمثلة في وجود عدة صفات في الشخص المعنف للمرأة والذي في الغالب يكون الزوج. ومن هذه الصفات :
معاناة هذا المعنف من مستوى تعليمي منخفض. تعرض الشخص العنيف لسوء المعاملة في الطفولة. التعرض للعنف الأسري. اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. إدمان الكحوليات. الضعف وعدم قبول المساواة بين الرجل والمرأة وتقبل العنف. وجود تاريخ سابق من العنف. الخلافات الزوجية وعدم الرضا. وجود مشاكل في التواصل بين الزوجين.

الفرق بين عقل المرأة والرجل:
وكذلك ترجع أسباب العنف ضد المرأة الى التمييز وعدم المساواة يعتبر التمييز وعدم المساواة بين الجنسيين من الأسباب الجذرية للعنف ضد المرأة ، وذلك بدرجات متفاوتة في جميع المجتمعات في العالم، حيث يرتبط العنف ضد النساء والفتيات بافتقارهن إلى السلطة والسيطرة، بالإضافة إلى الأعراف الاجتماعية التي تحدد دور الرجال والنساء في المجتمع وتتغاضي عن الإساءة، وتمارس التمييز ضد النساء في مجالات الحياة العامة والخاصة، وفي الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، بالإضافة إلى فرض القيود على حريات المرأة وخياراتها وفرصها، الأمر الذي يزيد من مخاطر تعرض النساء والفتيات للإساءة والعنف والاستغلال، والتمييز بأمور الزواج والطلاق وحقوق حضانة الأطفال.
انخفاض مستويات التعليم. انعدام الفرص الاقتصادية وزيادة نسبة البطالة. وجود اختلافات اقتصادية وتعليمية وتوظيفية بين الرجل والمرأة. الصراع والتوتر في العلاقة بين الزوجين. سيطرة الذكور على صنع القرار. بعض المواقف والممارسات التي تعزز خضوع المرأة مثل المهر، وزواج القصر.
مظاهر العنف ضد المرأة:
ان ظاهرة العنف ضد المرأة لم ترتبط عبر التاريخ ببلد او ثقافة معينة وانما هى فى جميع البلاد فى العالم ومن هذه المظاهر:
‏العنف الجسديّ: وهو أبرز وأشدّ مظاهر العنف، ويتمثّلُ بما يلي: الضرب، والإمساك بعنف، والصفع، ولوي اليد، والرمي أرضاً، والخنق، والحرق، والدهس وغيرها.
العنف التعليميّ: يتمثل العنف التعليمي في حرمان الفتاة من التعليم، وتهديدها بإيقافِ تعليمها، وإجبارها على ترك مقاعد الدراسة، أو إجبارها على تخصّص معيّن.‏ ‏العنف النفسيّ: وهو أيّ فعل مؤذٍ لعواطفِ المرأة ومشاعرها، دون أن تكون له أيّ آثار جسديّة، مثل: المراقبة، و‏الشتم، والاتهام بالسوء وغيرها.‏ ‏
العنف الجنسيّ: يتمثّل العنف الجنسيّ بالتحرش، والألفاظ البذيئة، والاغتصاب. ‏العنف الاجتماعيّ: وهو أكثر الأنواع ممارسة ضد المرأة في المجتمعات، كمحاولة فرض حصار اجتماعيّ على الفتاة، ‏وتضييق الخناق على فرص تفاعلها وتواصلها مع العالم الاجتماعيّ الخارجيّ.‏
آثار العنف ضد المرأة
يعدّ العنف من أكثر المشاكل التي يعاني منها المجتمع، وتعدّ فئة النساء والأطفال أكثر الفئات تضرّراً صحيّاً ونفسيّاً وجسديّاً، وتتفاقم هذه الظاهرة بشكلٍ كبير، وتترك خلفها الكثير من الآثار السلبيّة التي تدمّر المجتمعات وأفرادها، ومن هذه الاثار:
‏الآثار النفسيّة: وتشمل فقدان المرأة لثقتها بنفسها، وشعورها بالذنب اتجاهَ الأعمال التي تقوم بها، وإحساسها ‏بالاعتماديّة والاتكالية على الرجل، وشعورها بالإحباط والكآبة، والمهانة والذل، واضطراب في صحّتها ‏النفسية، وفقدانها الإحساس بالمبادرة واتخاذ القرار.‏
‏الآثار الاجتماعيّة: تعدّ هذه الآثار من أشدّ ما يتركه العنف على المرأة، كالتفكّك الأسري، والطلاق، وتسرّب ‏الأبناء من المدارس، واضطراب العلاقات بين الأهالي، والعدوانيّة، وتدمير آدميّة المرأة ‏وإنسانيّتها، ممّا يولد تأزماً كبيراً في بناء الحياة القائم على التعاون المشترك بين الرجل والمرأة،‏ كما يحول العنف الاجتماعيّ دونَ تنظيم الأسرة وتنشئتها بطرقٍ سليمة. ‏
الآثار الصحيّة: يشمل تدهور الحالة الصحيّة للمرأة وقد يصل إلى حالة الإعاقة، وعدم قدرتها على أداء واجباتها بشكل ‏صحيح، وعدم شعورها بالأمان من أجل الإبداع والتطوّر، وكثرة الانتحار وجرائم القتل.‏
ويمكن علاج ظاهرة العنف ضد المرأة بشقين:
الأول: يتعلق بالنشأة والتربية لتجنب العنف مستقبلاً عند وقع الطفل بالخطأ يأتي دور الأهل للقيام بتوعيته على أنّ العمل الذي قام به عمل غير صحي ، وقيامهم بالشرح له الخطأ الذي وقع فيه وإرشاده إلى الطريق الصحيح حتى لا يقوم بتكرار هذا الخطأ ، والابتعاد عن طرق الضرب والعنف واستخدام طرق بديلة لمعاقبة الطفل بدون استخدام أسلوب الضرب، ومن هذه الأساليب:
يجب أن يُشعر الأهل أطفالهم بأنّهم قاموا بعمل خاطئ ، وإشعارهم بغضب الأهل من هذا الخطأ ، وكذلك يمكن اتّباع طريقة حرمان الطفل من الأشياء المحببة لدي ، أو تأخيرها لفترة محدد، لا يجب أن تستمر فترة حرمان الطفل من الأشياء التي يحبها مدّة طويلة بل يجب أن تكون قصيرة، حتى لا يتسبّب هذا الحرمان بإصابة الطفل بمشاكل نفسية تؤثّر عليه في المستقبل، فيجب هنا على الآباء والأمهات أن يلعبوا دوراً مهماً في شخصية الطفل، وهو مساعدته على تعزيز ثقته بنفسه أكثر.
الثانى: يكون بالتعامل مع المشكلة وهى متفاقمة وذلك بعدة إجراءات منها:
1. الحوار مع الأهل لإيجاد الثقة المتبادلة بين الطرفين وللمساعدة على إيجاد حلولٍ عمليةٍ ونافعة، إن كانت المشكلة بين الأخوات أو بعض الأهل، وذلك فى حالة الاستقرار الأسرى.
2. تغليظ وتطبيق القوانين الخاصة بمعاقبة المعنّفين ضد المرأة، وحماية المرأة من عنف الأقارب والمجتمع ، وإنزال العقوبات المناسبة ضد مرتكبي العنف.
3. تقديم العلاج النفسي لضحايا العنف فى مراحل متقدمة حتى لا يتفاقم الوضع.
4. نشر الوعي إعلامياً في المجتمع عن أهمية المرأة في المجتمع وعن كونها تشكل نصف المجتمع ولا يجوز ممارسة أي شكل من أشكال العنف عليها كونها إنسانة لها نفس حقوق الرجل وواجباته، مع بيان أن الأديان لم تظلم المرأة.
5. توعية المرأة نفسها بحقوقها وبقيمتها، وتعليمها كيف تكون إنسانة متعلمة ومثقفة ومستقلة فكرياً ومادياً عن الرجل.
6.فرض التعليم على المرأة ومعاقبة من يحرمونها من ذلك.
7. التوسع فى المشاريع الخاصة للنساء والتي تساعدها على كسب رزقها دون الحاجة للرجل، وخصوصاً في حالات المرأة المطلّقة أو الأرملة حتى لا تتعرّض لضغوطات اجتماعية وأسرية مختلفة.
ومن حلول العنف ضد المرأة ‏إنشاء مؤسّسات ومكاتب استشارات أسريّة تلجأ لها المرأة.‏ ‏إدخال موادّ تربية أسرية في الجامعات والمدارس تدرّس الطالبات والطلبة الحقوقَ والواجبات الواقعة على كلا الزوجين، ‏وكيفيّة احترام العلاقة الزوجيّة.‏ ‏وضْع قوانين صارمة من أجل حماية المرأة، وفرض العقوبات الكبيرة على كلِّ مَن يمارسُ العنف ضدّ النساء.‏ ‏التربية الصحيحة للأطفال منذ الصغر، وتعليمهم احترامَ الآخرين.‏
العنف ضد المرأة وأثره على الاطفال:
1. المشكلات العائلية التي تسبب التأثير المباشر السلبي على الطفل، أو حالات الطلاق، فحين ينفصل الوالدان يحس الطفل بالضياع، ويتعرض للتعنيف من قبل زوج أمه أو زوجة أبيه، فينشأ لنا رجالاً تشربوا بالعنف فيمارسوه ضد النساء عندما يكبرون.
2. التربية الخاطئة: بالتصرّف الخاطئ مع الأطفال بشكلٍ قاسٍ وعنيفٍ ولا واعي، وكذلك ضرب الطفل بشكلٍ قاسٍ ومبرح، وتعذيبه باستخدام أدواتٍ مختلفةٍ مُحدثةً له آلاماً وجروحاً أحياناً سواء من الأهل أو من صاحب العمل إن كان الطفل يعمل، فينشأ أيضاً لنا رجالاً تشربوا بالعنف فيمارسوه ضد النساء عندما يكبرون. وكذلك يُعتبر الدلال الزائد وحماية الطفل بشكلٍ مبالغٍ فيه من أكثر الأسباب التي تولّد الأنانية وحبّ الذات لدى الأطفال، فإذا تعرض لموقفٍ تمّ فيه رفض طلبه، عندها سيقابل هذا الرفض بتصرفاتٍ عدائيةٍ كالصراخ فى الآخرين، أو ضرب المرأة عندما يكبر، وكذلك تعرض الأطفال للظلم من الأهل فهى من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى زيادة العنف لدى الطفل، وتكوين ردة فعلٍ عكسيةٍ للدفاع عن نفسه ، وردّ اعتباره أمام الآخرين، وبالتالي تصبح هذه التصرّفات جزءاً من شخصيته ولا يستطيع الاستغناء عنها؛ لأنّها تمنحه القوة من وجهة نظره، وكذلك كثرة توجيه الطفل، وعدم تركه للاعتماد على نفسه، فيشعر وكأنه دميةٌ بين أيديهم ، ولا يمكنه التصرّف كما يحلو له، فلا يجد غير الصراخ والضرب للتعبير عن رفضه وكيانه، وكل ذلك يؤثر عليه فى المستقبل .
3. الاستغلال المادِّي كإجبار الأهل أطفالهم للعمل، أو خطف المجرمين للأطفال وبيعهم، أو إجبارهم على العمل الشَّاق، أو بيعهم من أجل الأعضاء في العمليات الجراحية، أو استغلالهم فى التسول ، وكل هذا يُسبب الصِّفات العدوانية للطفل في التعامل مع الآخرين وخصوصاً المرأة.
4. التقليد: يراقب الطفل تصرفات أفراد عائلته باهتمامٍ بالغٍ، ويقوم بتقليد تصرفات الشخصية التي يحبها من بينهم، فإذا كانت الشخصية عصبيةً وعدوانيةً، فحتماً سينعكس هذا على الطفل، ويدفعه لتقليد شخصيته المفضّلة في التعبير عن غضبه ورفضه، وفي تعامله مع الآخرين، أو قيام الأطفال بممارسة العنف جذباً للانتباه فلابد من التصرف الحكيم والمناسب من الأهل حتى لا تتفاقم هذه الأمور فى مستقبله.

الدكتور سعود محمد الطواري

استشاري نفسي وتربوي

المملكة العربية السعودية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى