نقل الأصوات عَبَثٌ بـ«الثانية» و«الثالثة»!
[ad_1]
د. صالح السعيدي –
عاد ملف نقل الاصوات بين الدوائر الانتخابية إلى الواجهة السياسية مجددا، بعدما أثاره عدد من النواب في مجلس الأمة، مطالبين الحكومة بالتدخل لوقف ما أسموه بـ«العبث» بالإرادة الشعبية، في وقت اعتبره ممثلو التيارات السياسية والقانونيون غير جائز، ويشكل جريمة تستلزم الحساب والعقاب.
وشهدت عمليات نقل الاصوات بين الدوائر الانتخابية في السنوات الأخيرة كثافة ملحوظة، وسجلت مستويات غير مسبوقة، لاسيما في السنوات الخمس الماضية. ويعود ذلك الى استيعاب وتكيف المرشحين والساعين الى دخول مجلس الأمة مع نظام الصوت الواحد، وما انتجه من مقتضيات ومتطلبات، اهمها التخفيض الكبير في مستلزمات كتلة الاصوات المطلوبة للنجاح، التي انخفضت من مستويات اصوات مما فوق 10 آلاف صوت في الدائرتين الرابعة والخامسة، وما بين 4600 و6000 صوت في الدوائر الاولى والثانية والثالثة في نظام الاربع، الى معدلات ما بين 1600 و2000 في انتخابات 2013، التي شهدت اول تراجع ملموس للمقاطعة.
وتبعا لذلك يمكن اعتبار سنة 2016 سنة الاساس لانطلاق عمليات نقل الناخبين الكثيفة، نتيجة التحولات التي طرأت على المزاج العام للناخبين، والانحسار المحسوس لمبدأ المقاطعة، وظهور دلائل على تبدل مواقف الكتل السياسية من المقاطعة الى المشاركة في الانتخابات، وهو ما يكشفه رصد عمليات نقل الاصوات عبر السنوات، إذ ارتفعت وتيرة حركة نقل الاصوات من 3088 صوتاً عام 2014، و3518 عام 2015، الى 7825 في عام 2016، بنسبة زيادة %123. وارتفعت في العام التالي 2017 إلى 10635 كرد فعل على نتائج انتخابات نوفمبر 2016، وقد استقر معدل نقل الأصوات عند 8770 العام الماضي 2018.
نموذج نقل من أجل النجاح
يعد نموذج نقل الاصوات بهدف النجاح اكثر النماذج كثافة في النقل، ويقف وراءه مرشحون ساعون الى دخول المجلس، ولأسباب موضوعية تعد الدائرة الثانية التطبيق العملي لهذا التوجه.
وكان تخفيض عتبة النجاح المطلوبة لدخول مجلس الامة سبباً لتحفيز الطامحين من المرشحين، لا سيما في الوسط القبلي، بالتركيز على الدائرة الثانية كهدف لخوض انتخاباتها، نظرا الى صغر حجمها، وعدم وجود كتل قبلية كبيرة على غرار ما هو موجود في الدائرتين الرابعة والخامسة.
فبعد تطبيق نظام الصوت الواحد، وعقب التيقن من استمراره، بدأت الماكينات الانتخابية تتكيف مع معادلات وحسابات النظم الجديدة، التي تحتاج عتبة نجاح أقل من السابق، وكانت الدائرة الثانية نموذجاً عملياً لذلك. واعتماداً على اساليب الحشد والتعبئة القبلية، نشطت حركة التسجيل والنقل في مناطق الدائرة الثانية منذ عام 2015، وازدادت وتيرتها بشكل لافت، وبعد أن مكّنت انتخابات الصوت الواحد السابقة قبائل «الثانية» من تجاوز عتبة النجاح المنخفضة، واقتنصت بعض القبائل مقاعد في الدائرة لأول مرة، ودخول قبائل أخرى المنافسة على مقاعد في الدائرة، ونتيجة لذلك شهدت الدائرة الثانية موجات نقل للأصوات جاء أكثرها من الدائرة الرابعة، تلتها الدائرة الخامسة، ثم الاولى. وبلغة الأرقام، فقد قفز عدد ناخبي الدائرة خلال 4 سنوات من 50707 أصوات عام 2014 الى 62547 صوتا في 2018، وبزيادة تقدر بـ11840، وبنسبة نمو %23.3
.. وآخر من أجل التدعيم
صاحب عملية نقل الاصوات ظهور نوع خاص من النقل، هدفه تدعيم فرص الفوز لنواب تمكنوا من دخول البرلمان في مجلسي 2013 و2016، لذا فقد نشط هولاء النواب في جلب مجموعات من الناخبين، لا سيما القريبون منهم والمرتبطون معهم بروابط «الفخذ الواحد» او العائلة الواحدة، وكانت الدوائر الرابعة والخامسة والثانية ميداناً لهذه العمليات. فقد شهدت الدائرة الرابعة نقلا للاصوات من ناخبي «افخاذ» محسوبة لأحد النواب الفائزين في عضوية 2016. وفي المقابل، انتقلت من الدائرة الخامسة مجموعة لأصوات لناخبي «فخذ» كبير في الدائرة الرابعة لمصلحة اثنين من الفائزين في مجلس 2016. وفي السياق ذاته، شهدت الدائرة الثالثة موجة نقل كثيف للأصوات، مصدره الاساسي الدائرة الرابعة، ورديفه من الدائرة الخامسة، لمصلحة نواب في مجالس سابقة.
***
وبالمحصلة، فإن استفحال «نقل الاصوات» يترجم بإنتاج تمثيل مضلل للإرادة الشعبية، وتشويه التمثيل الصحيح للكتلة الناخبة، عندما يتمكن احد المرشحين من الفوز بعضوية مجلس الامة في احدى الدوائر اعتمادا على اصوات ناخبين من خارج الدائرة، وهو ما سيتحقق قي انتخابات 2020، كما تشير إليه المعطيات المتوافرة.
حيات: عبث وتشويه لإرادة الناخب
ذهبت رئيسة جمعية الحرية الكويتية إيمان حيات إلى ان هناك تعمّداً لتشويه العملية الديموقرطية في البلاد، من خلال ما نشهده حاليا من عمليات نقل للقيود الانتخابية من دائرة لأخرى، ما يعد عبثاً بالديموقراطية وتشويهاً لارادة الناخب.
وقالت حيات لــ القبس إن عملية نقل القيود أيضا لا تعكس الصورة الحقيقية للعملية الانتخابية والديموقراطية التي نفتخر بها نحن في الكويت على مستوى المنطقة.
وأكدت ان هذا الاجراء مرفوض، ولا بد ان تكون هناك جهات رقابية تقوم بوضع نظام رقابي من قبل وزارة الداخلية والهيئة العامة للمعلومات المدنية، بحيث تقوم بالتحقّق من عملية نقل القيود الانتخابية، مرددة من خلال ما تابعنا وقرأنا فانه يجري تحويل قيود انتخابية لمنازل مهجورة واخرى على منازل أسر، لا علم لها بهذه القيود.
وختمت بأنه لا يفترض الصمت على عملية نقل القيود الانتخابية؛ لأنها تعدّ تعزيزاً للفساد الانتخابي.
العوضي: هدفها خلق مجلس صديق للحكومة
غنام الغنام –
شدد أمين عام المنبر الديموقراطي، علي العوضي، على ان عملية نقل الاصوات او القيود الانتخابية لابد ان تخضع لأمر واحد، وهو ان يكون الناخب في عنوان السكن الذي يقطن فيه، مبيناً ان هناك اطرافا تريد تشويه المسار الديموقراطي في البلاد.
وقال العوضي ان عملية نقل الاصوات قد كشفت عن وجود أعداد كبيرة من الافراد يسجلون في عناوين لا يمتون لها بصلة، او تجد ان هناك عقارا قد سجل عليه اشخاص يكون عددهم كبيرا جدا، وهذا ما نُقل في اكثر من موقع.
وذكر ان على الجهات المعنية، ممثلة في وزارة الداخلية والهيئة العامة للمعلومات المدنية، القيام بدورها من خلال التدقيق، وان تكون هناك آلية للعمل بها، والابتعاد عن العشوائية، بحيث يكون هناك تأكيد على البيانات التي تقدم للجهات المعنية، قبل ان يُعتمد نقل القيد.
واوضح العوضي ان هدف عملية نقل الاصوات تغيير تركيبة المجلس قدر المستطاع، مشيرا الى ان النظام الانتخابي الحالي عزز من التكتلات العائلية والطائفية والقبلية، وقلّص في الوقت نفسه من حظوظ المرشحين من اصحاب البرامج الاصلاحية. وختم العوضي بأن عملية نقل الاصوات هدفها خلق مجلس صديق للحكومة.
الدوسري: غير جائز قانوناً
أميرة بن طرف –
قال أستاذ القانون في جامعة الكويت د. علي الدوسري ان الأصل في تطبيق القانون حسن النية، معتبرا عملية نقل الاصوات بدافع التصويت لمرشح بعينه في دائرة ما تلاعبا وغير جائز قانونا؛ لأنه ينمّ عن سوء نية في تطبيق القانون.
وأضاف الدوسري لــ القبس ان تطبيق قانون الانتخاب يأتي لانتخاب مرشح يمثل دائرة ما، ونقل الاصوات قد يؤثر سلبا في تمثيل ابناء الدائرة الحقيقيين.
واعتبر الامر تلاعبا بالديموقراطية، شأنه شأن ما يجري تداوله عن تصويت اشخاص في الانتخابات يسكنون خارج البلاد ويشاركون في التصويت فقط، وقد يكونون مزدوجين، لافتا الى ان هذه المظاهر كلها تقود الى اختيار الشخص غير المناسب، ويعزّز ثقافة الالتواء على القانون.
الحمود: تؤثر سلباً في الديموقراطية
بيّن أستاذ القانون بجامعة الكويت ورئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس د. إبراهيم الحمود ان نقل العنوان والقيد الانتخابي جائز قانونيا، وفقا لقانون انشاء هيئة المعلومات المدنية، في حال كان نقلا حقيقيا للسكن وبعلم المنقول. اما اذا كان صورياً، فيعد جريمة يعاقب عليها القانون، وقد تصل الى مستوى جريمة التزوير.
وقال الحمود لـ القبس ان الكثير من عمليات نقل الاصوات الحالية التي يشهدها المجتمع تبدو صورية وغير حقيقية، الا ان المشكلة تكمن في ان الجداول الانتخابية التي تتضمن قيود الناخبين وعناوينهم يجري تحصينها بعد انتهاء فترة الطعن على الجداول في شهري فبراير ومارس، بالتالي لا يمكن الطعن بعد ذلك على هذه العناوين حتى لو كانت صورية، ويعتبر فوز المرشحين صحيحا.
ولفت إلى ان عملية نقل الاصوات تؤثر سلبا في الديموقراطية الكويتية، لأنها لن تعكس التمثيل الحقيقي للافراد.
العمير: مرفوض سياسياً
يوسف المطيري –
شدد النائب والوزير السابق د.علي العمير على ضرورة محاسبة مسجلي العناوين على منازل مواطنين من غير الساكنين فيها، ما يعد تجاوزاً صريحاً للقانون ومخالفة تستوجب المحاسبة.
وقال لـ القبس كانت هناك محاولات نيابية لتعديل طريقة التصويت باعتماد البطاقة المدنية او وضع ضوابط للقيود الانتخابية، لافتاً الى ان مناقشة التعديلات في مجلس الأمة كانت تقف عندما تصل الامور الى المناقشة، موضحاً ان هناك مستفيدين من الوضع القائم. واكد ان نقل الاصوات لأشخاص غير مقيدين اصلاً في الدائرة الانتخابية مرفوض سياسياً، ويؤثر على العملية الديموقراطية، بل ويعطي احقية نجاح مرشحين في الانتخابات على حساب ابناء المنطقة، مستدركاً «كما يعزز الطائفية والقبلية والفزعات». واوضح ان معالجة هذا الموضوع الشائك تأخرت كثيراً، مشيراً الى ان الحل الأمثل لوقف نقل الاصوات هو ربط البطاقة المدنية والاعتماد عليها في الادلاء بالصوت الانتخابي.
هل تنقل البيانات إلى السكن الاستثماري؟
خالد الحطاب –
في الوقت الذي فعّلت فيه هيئة المعلومات المدنية آلية كشف أسماء المسجلين على البيوت والقسائم الخاصة، بقيت هناك ثغرة يمكن استغلالها في تحويل بيانات وعناوين بعض الأشخاص، وهي توفير عقود وهمية لسكن داخل عمارات سكنية.
لكن بحسب المعلومات المتوافرة، فإن «المعلومات المدنية» تقوم بطلب تغيير العنوان من صاحب العلاقة السابق المسجّل على ذات العنوان الذي نقل إليه شخص جديد، سواء كان شقة أو بيتاً استثمارياً، وفي حال ثبت وجود لبس أو خطأ يجري اتباع الإجراءات الإدارية والقانونية التي تصل بحسب تصريحات قيادات الهيئة أخيراً إلى النيابة العامة في حين لم توجد شكاوى من هذا النوع خلال السنوات الماضية.
[ad_2]
Source link