أخبار عاجلة

وما أدراك ما أمي فوارق واضحة بين | جريدة الأنباء


محمد بسام الحسيني

«وما أدراك ما أمي»، نص يجمع عددا كبيرا من الخطوط والقضايا التقليدية يقدمها الكاتب علي الدوحان في حبكة ينعشها عبر تكثيف المواقف والأحداث الصادمة بدءا من الحلقة الأولى التي يموت فيها زوج حلا (نور الشيخ) في يوم العرس، امتدادا الى كل حلقة تقريبا، حيث نشاهد فيها حدثا من هذا النوع: تسميم فهد (حسين المهدي) لزوجته سلمى (هنادي الكندري) ومحاولة دفنها في البر، مطاردة هند (شيلاء سبت) الخارجة من السجن لهدى (روان العلي)، خروج هايدي (نورا) من المنزل للغناء وعودتها سرا ودخولها من النافذة قبل تفقد والدها في غرفتها، نقل والد وسن (رتاج العلي) الطفلة وسن من منزل جدتها وإجراء فحوص طبية لها، موت الزوجة السرية لجمعة (محمد العجيمي) في حادث سير بينما كانت ابنتهما المعاقة معها في السيارة.

مقارنة بنص الكاتب نفسه العام الماضي «مع حصة قلم» يمكن أن نلمس تقدما مهما هذا الموسم، لاسيما على مستوى السيناريو الذي يقدم بشكل سلس الشخصيات وعلاقتها ببعضها رغم كثرتها، مع توزيع المشاهد والأحداث على الحلقات بشكل مناسب وتوازن بين عنصري الوضوح والمفاجأة.

وهناك تقدم بارز أيضا في تهذيب الحوارات التي تبدو واقعية وطبيعية ولا تخلو من الكوميديا.

لكن تُسجل على النص ملاحظتين، الأولى فقره بالأبعاد الاجتماعية، فرغم كونه مسل ومشوق يبدو وكأنه سلسلة قصص في فيلم تدور أمام الكاميرا بلا إطار أو مغزى اجتماعي واضح، والثانية في عدم بناء بعض الشخصيات واكتمالها ومتابعة خط سيرها بالشكل الصحيح، وأحد الأمثلة على ذلك شخصيتا حلا (نور الشيخ) ومي (فاطمة الصفي) اللتان تشهدان تحولات فجائية ومتقلبة تربك المشاهد.

فحلا التي ترمّلت في يوم عرسها بدأت طيبة جدا وقريبة من أختها في الحلقة الأولى ثم تحولت إلى صاحبة ضمير ميت بشكل مبالغ فيه لمجرد أن أختها التي تشاركها السكن كانت تخرج من المنزل وتضع الماكياج أثناء فترة عدتها ووجدت في ذلك مبررا كافيا للوقيعة بينها وبين خطيبها.

وبعد التحوّل وعلى مدى عدد من الحلقات نشاهد حلا تؤدي الصفات الجديدة بنفس التعابير والملامح في الشكل والصوت ومن دون توجيه على عكس ظهورها المميز هذا الموسم في مسلسل «دفعة القاهرة».

بالمقابل مي الأنانية نجدها طيبة وحريصة على أخواتها في مواقف وتتصرف بما يتناقض مع ذلك في مواقف أخرى.

القصة

تدور أحداث المسلسل حول أسرة غنيمة (إلهام الفضالة) السيدة المقعدة، قوية الشخصية، التي لا تعرف النسيان والتسامح وتنقلب على بناتها بعد وقوفهن مع والدهن جمعة (محمد العجيمي) في قرار بيع بيت الأسرة من دون علم الأم ورضاها، وإهمالهن لها عندما كانت بحاجتهن.

غنيمة أم لخمسة أولاد، إحدى بناتها توفيت وتركت ابنة (وسن) تقوم غنيمة بتربيتها وتشهد الطفلة وهي تكبر قسوة تعامل جدتها مع خالاتها، والأبناء الأربعة الباقون هم: مي (فاطمة الصفي) التي تدير مطعما وانفصلت عن زوجها بدر (خالد الشاعر) كاتب الروايات رغم محافظتها على علاقة ودية معه وهو لا يزال يسعى للعودة اليها، ولكنها تعجب بشخص آخر يخطبها سعد (محمد الحداد).

أما حلا فتصدم بوفاة زوجها فيصل في ليلة عرسها وتحسد أختها على خطيبها ولذلك نجدها تعمل على تخريب علاقتهما.

ومن بنات غنيمة سلمى (هنادي الكندري)، وهي امرأة معنفة تقاسي مع زوجها الشكاك المهووس فهد (حسين المهدي)، وهدى (روان العلي) التي تلعب دور النصابة وتقوم مع زوجها خالد (فهد باسم) بأعمال عصابات وتقلقها مطاردة إحدى ضحاياها هند (شيلاء سبت) الخارجة من السجن ورغبة الأخيرة بسرقة زوجها منها.

عيسى (ناصر عباس) هو الابن الوحيد والمفضل لدى غنيمة يسافر ولا يسأل عنها ويعود فجأة وهو مرتبط بفتاة عربية.

شادية (هيا الشعيبي) هي أخت غنيمة المقربة منها، متزوجة من حليم (شهاب حاجية) ولديها ابنة «هايدي» تهوى الغناء وصوتها جميل وتغني سرا لتفادي غضب والدها وتحصل على سكوت أمها في مقابل إرضاء تعطشها للمال.

من خلال الـ«فلاش باك»، تظهر شخصيتان تجسدان غنيمة وجمعة في شبابهما وتساعدان المشاهد على فهم مسار الأحداث، كما تؤدي مي دور الراوي في القصص الخاصة بالعائلة وكلتا الأداتين موظفة توظيفا جيدا.

وفي الحلقة 13 يُستخدم صوت الراوية مجددا بصفة معلقة على الأحداث فتقدم قراءة داخلية مطوّلة عن حالات أفراد العائلة رغم أن السرد كان طويلا إلا أنه ساعد في إعادة التركيز في العمل.

الإخراج

إخراجيا، نحن أمام عمل مقبول للمخرج حسين الحليبي مع اختيار جميل لمواقع التصوير الخارجية والداخلية، وتفنن المخرج في عدة مشاهد قدم فيها فكرا إخراجيا جميلا مثل مشهد تصوير الانتقال من حالة الفرح إلى الحداد عند وفاة المعرس فيصل في الحلقة الأولى، جهد المخرج واضح في الشق التقني لكنه اقل وضوحا في توجيه الممثلين الشباب الذين لا نبالغ ان قلنا ان بعضهم يقترب من حالة إلقاء الحوار والبرود بغياب شبه تام للتمثيل والإحساس بالموقف.

ومثال على ذلك قصة الثلاثي «هدى ـ هند ـ خالد»، فإلى جانب أن الخط بالأساس ضعيف منطقيا، فهند دخلت السجن بعد أخذها ممنوعات من هدى ثم هربت وتخفت حتى لا يعرف اخوانها بأمرها، ترى ان فرصتها لإنقاذ حياتها والانتقام في الارتباط بزوج هدى، فتعرض عليها القبول بهذا الزواج أو أنها ستحول حياتها الى جحيم وكل ذلك بعلم خالد!

هذا الخط يفترض ان يكون الخط البوليسي في العمل، لكنه أبعد ما يكون عن هكذا جو.

التمثيل

تمثيليا، لفتنا الأداء الممتاز للفنانة إلهام الفضالة التي تعيد تأكيد مكانتها في مصاف الممثلات الخليجيات.

مشاهدها مؤثرة وتحكمها بتقاسيم الوجه والنظرات والصوت والنبرة رائع، والاهم انها وسط لحظات القسوة تفاجئنا بلمحات من الحنان والعطف الذي تحمله أي أم في داخلها.

وإلى جانبها، تقدم الفنانة هنادي الكندري حضورا يساعد أيضا في ملء فراغ التمثيل، ورغم كونها تؤدي شخصية المرأة المعنفة والتي أشبعت طرحا إلا أنها تضيف بخبرة وجهد تمثيلي قيمة جديدة لهذا الدور.

الثنائي هيا الشعيبي ـ نورا بدورهما تقدمان ظهورا موفقا وخطا معززا بالكوميديا والتشويق، وبدوره يقدم خالد الشاعر ظهورا عاديا بعيدا عن المستوى الذي يقدمه في «دفعة القاهرة»، والطفلة رتاج العلي «وسن» تسجل ظهورا لطيفا ومحببا وتشكل مشروع نجمة كبيرة.

المقدمة الموسيقية للعمل جميلة وتحمل بصمات خالد الشاعر الذي نال «شعلة الأنباء» العام الماضي والموسيقى التصويرية مناسبة، ونختم بالقول إن العمل ككل في خانة المقبول بوجود عناصر قوية تعوض الأخرى الضعيفة فيما اشرنا إليه من ملاحظات.

اقرا ايضا





Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى