تحليل إخباري هل يتحول العراق إلى | جريدة الأنباء
[ad_1]
منذ العام 2003، تاريخ الاجتياح الأميركي، شكل العراق نقطة التلاقي والتقاطع بين إيران والولايات المتحدة اللتين التقت مصالحهما على إطاحة نظام صدام حسين وتقاسم النفوذ والثروات وإدارة الوضع والصراع في هذا البلد على أساس مكونات طائفية عرقية، مع أرجحية واضحة للمكون الشيعي الذي وضع يده على الحكومة المركزية، وظلت العلاقة بين طهران وواشنطن علاقة تعاون وتنسيق، خصوصا في عهد الرئيس باراك أوباما الذي قرر انسحابا من طرف واحد للقوات الأميركية، وقدم العراق لإيران على طبق من فضة. وجاءت تطورات الربيع العربي، لاسيما ما يتعلق بظهور تنظيم «داعش» في العراق، ليعطي إيران فرصة سانحة استفادت منها الى حدود قصوى، فعززت وجودها ونفوذها الأمني والعسكري في العراق عبر استحداث «الحشد الشعبي» (الشيعي) وتحجيم نفوذ الأكراد واستيعاب ما أمكن من عشائر السُنّة.
بدأت الأوضاع تتبدل في العراق، ومعها مسار العلاقة الإيرانية ـ الأميركية، منذ وصول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض. وبقدر ما أظهر ترامب تكرار رغبة الانسحاب من سورية، فإنه أبدى رغبة البقاء في العراق وعدم الانسحاب منه، وكانت له زيارة خاطفة وسرية الى بغداد العام الماضي من دون المرور بحكومتها. ومع تدهور وتأزم العلاقات بين إيران والولايات المتحدة منذ أن قررت واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي والعودة الى العقوبات مع تشديدها، ارتفعت درجة التوتر بين الطرفين بعد إعلان واشنطن شروطها الـ 12 للتفاوض، وإعلان طهران رفضها لهذه الشروط وللتفاوض تحت ضغط العقوبات، ولوحت بالرد المناسب في حال ضاق الخناق الاقتصادي والمالي عليها بعد «تصفير» صادراتها النفطية. فكان رصد أميركي لطبيعة ونوعية الرد الإيراني العملاني، واتجهت الأنظار أولا الى مضيق هرمز الذي لوَّحت طهران بإغلاقه كممر حيوي لصادرات النفط، الى أن جاءت المفاجأة باستهداف للإمارات والسعودية اللتين ردتا عسكريا بغارات على صنعاء وسياسيا باللجوء الى تدويل المشكلة ونقلها الى مجلس الأمن، فيما اكتفت واشنطن بالقول انها سترد على إيران عسكريا في حال استهدفت القوات والمصالح الأميركية. وفيما أعلنت واشنطن أنها واثقة من أن طهران ستسلك قريبا طريق المفاوضات، فإنها أظهرت قدرا كبيرا من القلق حيال نوايا إيران واستعداداتها، لاسيما في العراق.
كانت الأنظار تحولت باتجاه العراق منذ الزيارة المفاجئة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأسبوع الماضي، والتي تقررت بعدما أظهرت معلومات استخبارية أميركية أن جماعات شيعية مسلحة تدعمها إيران قامت بنشر صواريخ قرب قواعد للقوات الأميركية، وطلب بومبيو من القادة العسكريين العراقيين الكبار أن يحكموا سيطرتهم على هذه الجماعات التي توسع نفوذها في العراق، بعدما باتت تشكل جزءا من جهازه الأمني، ويقال أيضا (وفق رواية نسبها إياد علاوي الى مسؤول أميركي) ان الاستخبارات الإسرائيلية التقطت صورا أرضية (لا جوية) لمنصات صواريخ باليستية إيرانية في البصرة موجهة صوب الخليج، ولهذا السبب زار بومبيو بغداد.
بعد زيارة بومبيو بأيام طلبت واشنطن من الموظفين غير الأساسيين في سفارتها في بغداد المغادرة، كما طلبت من الأميركيين عدم السفر الى العراق، وأعلن الجيش الأميركي أن البعثة الأميركية في حال تأهب قصوى وتواصل المراقبة عن كثب لأي تهديدات محتملة وشيكة للقوات الأميركية في العراق، كما سحبت وزارة الخارجية الموظفين من كل السفارة والقنصلية في أربيل.
هذه التطورات شكلت إحراجا شديدا لحكومة بغداد ولشيعة العراق بشكل عام. فالمخاوف موجودة والتقديرات عند نواب وخبراء عراقيين تدل على أن العراق سيكون أبرز نقاط الصدام بين أميركا وإيران، لأنه أولا وجيوسياسيا منطقة «ارتطام»، وثانيا جزء من الخليج، وثالثا إسفين تريده أميركا بين إيران وسورية. وسيكون العراق الأكثر تأثرا بالحرب بعدما باتت كل السيناريوهات والاحتمالات مطروحة، وسيكون الساحة الأكثر احتمالا للمواجهة نتيجة الانتشار الكبير للقوات الأميركية هناك على تماس مع ميليشيات شيعية تدعمها إيران.
الموقف العراقي الرسمي هو الحياد والنأي بالنفس، وحيث لا مصلحة للعراق في أن يكون جزءا من سياسة المحاور، وأن يكون مع هذا الطرف ضد ذاك، لأنه سيدفع ثمنا باهظا ان فعل، خصوصا أن الدولة العراقية مازالت هشة وضعيفة وغير قادرة على مواجهة أزمات ومخاطر من هذا النوع. العراق يحذو رسميا حذو لبنان الذي بدأ «يتحسس رأسه» جراء العاصفة الأميركيةـ الإيرانية والغيوم التي تتلبد في سماء الخليج.
[ad_2]
Source link